بسم الله الرحمن الرحيم:
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ. [غافر:28].
لايمكن لإنسان أن ينكر دور الإعلام في عصرنا الراهن وما له من تأثير سلبي أو إيجابي على عقل المتلقي وأحاسيسه ومشاعره. ويمكننا أن نقول إنه هو سلاح ذو حدين . فإذا كان إعلاما يبحث عن الحقيقة ويتحراها ويقدمها للمتلقي دون لف أو دوران أو دجل فإنه سيكون حتما إعلاما موضوعيا هادفا يقدم الخبر بتجرد كما هو إذا كان لايعمل لأجندات وغايات وأهداف عنصرية أو طائفية خبيثة. وأما أن يزور الحقائق ويقلبها رأسا على عقب، ويحرض هذا الطرف على ذلك الطرف فيتحول إلى إعلام مغرض مدفوع الثمن لاتهمه الحقيقة ولا الموضوعية ويحاول تسويق بضاعته الفاسدة بأي ثمن ودون خجل أو حياء أو وازع من ضمير ولو كذب القائمون عليه آلاف المرات من أجل خدمة أغراض الأسياد الذين يوجهون هذا الإعلام الذي أوجدوه وسخروا له الأموال الطائلة. حتى لو كرر رموزه إنه مع (الإنسان) وإنه يمثل (الرأي والرأي الآخر) باللسان لذر الرماد في العيون.
لكنه يفضح مصداقيته أمام المشاهد الذكي الذي لاتخدعه الأجندات الطائفية والعنصرية ويستطيع التمييز بين الأسود والأبيض. وكشخص متابع للإعلام العربي يمكنني أن أقول إن معظم الإعلام في الوطن العربي تقف خلفه أنظمة عشائرية وراثية وطائفية مستبدة لاتقيم وزنا للحقيقة وللكلمة الهادفة الصادقة الخالية من التحريض. وهمها الأول والأخير أن يسير هذا الإعلام في الخط الذي رسمته له. ولا تكتفي بهذا ضمن حدود حكمها بل يقض مضجعها أي تغيير في دولة مجاورة يخالف هذا العرف الذي درجت عليه في سلوك طريق الاستبداد وخنق الحريات وصرف مليارات الدولارات التي تصب لخدمة وبقاء عروشها. وتعتبر كل تغيير تستطيع الجماهير أن تعبر عن رأيها من خلاله بعيدا عن العنف والطائفية والإرهاب خطرا حقيقيا يهدد مصالحها والكراسي التي تربعت عليها عبر عقود من الزمن. لذا سخرت الأموال البترولية الهائلة لتأسيس هذا الإعلام الذي يسير في فلكها ، وينفذ ماتطلب منه تماما ولا يستطيع تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها له. أما الحديث عن (الإستقلال الإعلامي) الذي يتحدثون عنه فهو حديث خرافة لاينطلي على إنسان واع وعاقل.
ومحطة الجزيرة التابعة للنظام الوراثي القطري كان لها قصب السبق في معاداة العراق وشعبه وبث التقارير الملغومة والكاذبة عنه منذ سقوط صنم الإستبداد صدام. وكل تقاريرها وأخبارها وحوارياتها وبرامجها عن العراق ظلت تقطر سما طائفيا زعافا وأكاذيب وأضاليل مفضوحة سداها ولحمتها يدوران حول (مظلومية أهل السنة وتهميشهم والتنكيل بهم) و (إنهم يُقتلون ويُذبحون على الحواجز بالعراق من قبل الميليشيات الطائفية الشيعية .) و(إن المشتركين في الحكم من أهل السنة هم سنة الحكومة ولا يمثلون سنة العراق .) والسنة الحقيقيين في عرفها هم عصابات القاعدة وداعش ومن يؤيدهم تعطشهم للدم والقتل وتدمير العراق بسياراتهم المفخخة وأحزمتهم الناسفة. وقد درجت دائما لترسيخ هذه النعرات الطائفية والأضاليل الفجة في عقل المتلقي لكي يصدقها إنطلاقا من النظرية التي وضعها غوبلر وزير إعلام هتلر:
( إكذب ثم آكذب ثم آكذب حتى يصدقك الناس.)
وسخرت لهذا التضليل الطائفي الخبيث المقيت كل إمكانات كوادرها الإعلامية التي تتسابق في الترويج العلني له. والقاصي والداني يعلم إنها درجت على استضافة القطط السمان للنظام الصدامي الطاغوتي التي تيتمت وفقدت امتيازاتها الخيالية وقبعت في عمان وقطر وأبي ظبي وأربيل ولندن وراحت تتسكع على أعتاب الأنظمة الوراثية الطائفية الفاسدة بعد أن هلك سيدها وولي أمرها. هذه العناصر الطائفية الحاقدة التي كانت تقتل العراقيين تحت الأرض لثلث قرن من الزمن دون أن يردعها رادع، وأبدعت في سرقة ثروة الشعب العراقي ونقلت المبالغ الضخمة معها إلى الخارج ظلت ومادامت تطلق لألسنتها العنان لطعن العراق والتمهيد لإعادة الحكم الشمولي الفردي الطائفي إليه وتحلم بالعودة إلى مناصبها وآمتيازاتها من جديد.
إن محطة الجزيرة التابعة لمشيخة قطر والممولة من الثروة البترولية لهذه المشيخة والمستعمرة الأمريكية التي تريد أن تقود الوطن العربي مازالت تبث الأضاليل والأكاذيب التي ماأنزل الله بها من سلطان ضد العراق ولم تترك خبرا سيئا يُنشرعنه دون التأكد من صحته إلا وتلقفته وأذاعته ودعت من يؤيده بعد أن تجاهلت كل جرائم النظام الصدامي بحق الشعب العراقي طيلة فترة حكمه الأسود وأنكرت المقابر الجماعية التي تربو على أكثر من 350 مقبرة جماعية المنتشرة في معظم أنحاء العراق.
https://telegram.me/buratha