===============
مقدمة
===============
تعمد الدول المتقدمة الى التركيز على مهماتها المناطة بوزاراتها بعيداً عن البيروقراطية الادارية , باعتماد طريق الخصخصة في المجالات كافة , ولاإستثناء في ذلك للمؤسسات الامنية .
وبمناسبة الحديث هذه الايام عن البطاقة الوطنية الموحدة , نود هنا ان نسلط الضوء على اهمية الخصخصة في العمل الامني في العراق , لاسيما وان وزاراتنا الامنية محملة بالمهمات الجسام.
===============
البريد والتكنولوجيا
===============
كان البريد والمراسلات المكتوبة العمود الفقري للمجتمعات في العالم وصلة الوصل بين المواطنين , وكانت دوائر البريد مزدهرة في تعاملاتها وفي شبكاتها العنكبوتية . ومع الثورة التكنولوجية والمراسلات الالكترونية والايميلات والفيس بوك , انهارت الاساليب البريدية القديمة وعافتها المجتمعات ,وكاد الامر ان يودي بالمؤسسات البريدية في العالم المتقدم , لولا الابتكارات والاساليب الجديدة التي التفت اليها القائمون على الخدمة المجتمعية , والتي احيت دوائر البريد في الدول المتقدمة وجعلتها من الدوائر الهامة اكثر من ذي قبل .
فقد عمدت تلكم الدول (والتي دخل القطاع الخاص في الخدمة البريدية لديها مبكراً) عمدت الى خصخصة عمل الوزارات الحكومية مقابل توسيع مهمات البريد الخاص , واعطت لشركات البريد الفرصة في التنافس على خدمة المواطن , الذي باتت صلته بالدوائر الحكومية والشركات , تتم من خلال المراسلات البريدية , فيرسل ويستقبل الشيكات وينهي اجراءآت التقديم للعمل والدراسة وقبول الجامعات واصدار الوثائق وغيرها من مئات الخدمات دون ان يراجع المواطن اية دائرة او شركة او جامعة , الامر الذي جعل الوزارات تترشق , والقطاع الخاص يتوسع , وخدمة المواطن في مختلف المجالات سلسة وسريعة .
==================
البريد ..فرصة استثمارية نادرة
==================
في العراق , اقتصرت الخدمة البريدية على القطاع الحكومي , ولم يدخل القطاع الخاص في هذا المجال مطلقاً , لقلة المهام المنوطة بدوائر البريد , وعزوف العراقيين عن اية مراسلات ورقية , واعتمادهم على الايميلات والفيس بوك ( لاسيما وان المجتمع العراقي كان ارضاً عطشى لاية تقنيات في الاتصالات في ظل نظام الطاغية الذي كان يعتبر الستلايت والانترنيت جريمة لاتغتفر) , الامر الذي جعل ولوج القطاع الخاص لمجالات شركات البريد امراً مستبعداً جداً.
فاذا كانت دول العالم المتقدم ودول الجوار (كما هو الحال في ايران مثلاً) قد التفتت مبكراً الى اهمية خصخصة اعمال الدولة الادارية والامنية من خلال شركات البريد , فمن باب اولى ان يلج العراق هذا المجال الواسع , لاسيما وان الوضع الامني ورداءة خدمات المواصلات, ومخاطر تجمع طوابير المواطنين , كلها تستدعي منا ان نشرك القطاع الخاص (واحياء الدوائر البريد الحكومية) في صنع منظومة متكاملة نستطيع من خلالها تحقيق افضل الخدمات للمواطن دون ان يعاني .
بل ان المهام الجسام التي تتحملها وزاراتنا الامنية في مكافحة الارهاب , تُعَدُّ سبباً جوهريا في دعم فكرة الخصخصة في العمل الامني .
ففي ايران والعديد من دول الخليج على سبيل المثال لا الحصر , تقوم شركات البريد بأعباء عشرة وظائف من وظائف المؤسسات الامنية , فمن خلال البريد يستحصل المواطن على الجنسية وشهادة الجنسية وجواز السفر والاوراق الثبوتية للعجلات واجازة السوق واجازة السلاح وصورة القيد , وصحة صدور الوثائق, والبطاقة الانتخابية , والبطاقة الوطنية الموحدة ,وغيرها ,بل ان الخدمات البريدية في بعض دول العالم وصلت (في اختصاصات الدفاع والداخلية فقط) لقرابة الاربعين خدمة , ناهيك عن الخدمات البريدية الخاصة بوزارات الخارجية (السفارات) والزراعة والتربية والتعليم بكل مراحله , والخدمات البنكية وغيرها.
================
قابلية التطبيق
================
الفكرة ببساطة تكون من خلال اعطاء اجازات لعدة شركات بريدية خاصة , وتكون لكل شركة الوانها وشعارها المميز وفروعها (كما هو الحال في شركات المحمول) , وهذه الشركات تنتشر في كل العراق من اقصاه الى اقصاه , وتملا فروعها كافة الاحياء السكنية , وتزود الشركات تلك بنماذج الاستمارات التي على المواطن ملئها لاصدار بطاقة السكن مثلا , وتزود الشركات البريدية بالوثائق الواجب توفرها لترفق مع المعاملة , وتقوم الشركة البريدة بدورها عبر معتمدين (موثقين امنياً) بارسال المعاملات للدوائر والوزارات المختصة , وتزويد المواطن بايصال بمستمسكاته وموعد انجاز المعاملة , ثم تقوم تلك الشركات بايصال المعاملات الكاملة للمواطنين على عناوينهم او عبر صناديق بريدية خاصة بالمواطنين , وتكون الخدمة البريدية تلك لقاء رسوم مالية لشركة البريد (وغالباً تكون المبالغ بسيطة بحكم المنافسة , ناهيك عن انها لاتعادل عشر مايصرفه المواطن على المراجعات والوساطات والرشاوى), وتستطيع الدولة ان تفرض على الشركات البريدية في بعض انواع الخدمات انتنقل الوثائق بسيارات مدرعة على سبيل المثال .
==============
فوائد جمّة
==============
ان من ابرز الفوائد المرجوة من خصخصة العمل الامني من خلال شركات البريد الخاصة , هو اشعار المواطن بالمساواة التي يفتقدها , فهو يرسل طلباته ومستمسكاته من خلال البريد , دون مراجعة لدوائر الدولة , وبالتالي فستكون فرصة انجاز معاملاته الخاصة متساوية مع ذوي النفوذ والمعارف .
كما ان الخصخصة ستنهي فرص تعاطي الرشى والفساد المالي , لان الموظف يتعامل مع اوراق ووثائق دون ان يعرف المراجع , ناهيك عن ان نسب انجاز المعاملات ستكون اسرع من خلال تركيز الموظفين في عملهم بعيداً عن طوابير المراجعين .
بل ان خصخصة عمل الدوائر الامنية سيمنع التجمعات على دوائر الجوازات والجنسية والمرور وسواها , مما سيقلل من خسائر الارواح للمواطنين الذين يستهدفهم الارهابيون في اماكن تجمعاتهم ,كما ان فكرة الخصخصة وادخال القطاع الخاص في الخدمة البريدية ستنعش القطاع الخاص وتشغل الايدي العاملة بشكل كبير وهائل , ناهيك عن ان خصخصة العمل الامني سينشط فروع دوائر البريد الحكومية المركونة على الرف بخدماتها شبه المعدومة , وتدخلها في منافسة تنفض عنها الغبار مع القطاع الخاص.كما ان من الفوائد المرتجاة تقليل البيروقراطية وتحديد سقوف زمنية لانجاز المعاملات ضمن نطاقات جغرافية واضحة , بالاضافة الى ان الخصخصة ستعطي وزارة الداخلية مثلا الفرصة الى تقليص اعداد الموظفين والمعتمدين في الكثير من دوائرها , وبالتالي تلتفت الى مهامها الرئيسية في مكافحة الارهاب وحفظ الامن .
===============
خلاصة
===============
خصخصة دوائر الدولة عمل هام وحضاري , وفي مقدمة تلك الدوائر تأتي الدوائر الامنية لاسيما في وضعنا العراقي الذي يتطلب حشد الجهد للمعركة مع العدوان الارهابي الشرس , ومن اهم تلك الخطوات انعاش العمل البريدي وفرص القطاع الخاص فيه الامر الذي يزيل عن كاهل المواطن والدولة الكثير من الاعباء .
بيان من قادة الامن القومي حول الاعلان عن خطة العمل المشترك الشاملة
https://telegram.me/buratha