لم يعد صعباً تحليل سلوكيات "داعش"، فهي عندما ترسل انتحاريين الى حسينية الامام الصادق عليه السلام في الكويت وترتكب هذه المجزرة المرعبة بحق المؤمنين والمصلين، وفي هذا الشهر الفضيل.. وعندما تستهدف فندقين في تونس ليذهب ضحية العمل الاجرامي ما لا يقل عن 35 شخصاً، دون الكلام عن الجرحى.. وعندما يقوم "داعشي" جزائري من الجيل الثالث الفرنسي، اي من الذين ولدوا وتربوا هناك، ويقطع رأس مديره ويعلقه على الاسلاك مع راية "داعش"، فانها تسعى لادخال الرعب في قلوب خصومها، ومن تعتقدهم خصوم جمهورها.. كما انها ستنتظر ردود الافعال واعمال الانتقام التي ستشمل، ولا شك، حلقات اوسع بكثير من حلقات تنظيماتها، لتصيب جمهور السنة عموماً.
فمن ناحية ستنتعش قطاعات ليست قليلة من هذا الجمهور، خصوصاً اولئك الذين غرقوا في اللعبة الطائفية، ليجدوا في "داعش" ممثلهم، ولو الخفي او المضمر، للقضاء على اعدائهم او خصومهم.. وهذا ما سيشكل عامل تعبئة واسع وخطير، لتصبح "داعش" كالسمكة تغوص في مياه بحر يحتضنها ويمنحها عوامل الحياة والاستمرارية.. ولتجد من هؤلاء انصاراً تستطيع ان تعبئهم وتستخدمهم في معاركها الاجرامية الارهابية.
اما من الناحية الاخرى، فانها تسعى لاطلاق ردود افعال الاخرين من حكومات ومنظمات وجمهور مضاد، والتي ستكون على شكل حملات وتهجير وسجن وقتل وتضييق وتحقيقات وكراهية مضادة لكل من يحمل شيئاً من لون او صورة "داعش"، من لباس وطقوس ولون بشرة ومناطق سكن ودور عبادة، فيتحقق امران.. الاول دفع الكثيرين للالتحاق بهم في العراق والشام.. حيث يجدون مصدر الامان (كما يتصورون) لم يعد متوفراً في مناطق سكناهم.. والثاني استغلال الاجراءات المضادة لتعبئة جمهور ما زال خارجهم، ليجد انه مهما فعل فسيبقى متهماً ومطارداً، فان لم يلتحق الاباء فسيلتحق الابناء. ومن يعيد قراءة خطاب "البغدادي" الاخير، فسيجد انه يستجدي هذه الامور للتعويض عن خسائره الهائلة في العراق والشام، بشكل خاص.
انه الاسلوب الابشع للتعبئة والذي يسمح لـ"داعش" بان يجيش المقاتلين من الرجال والنساء من مختلف البلدان. فهو حريص على نشر صورته البشعة. فهو لا يستهدف العالم والناس والشعوب، بل يستهدف جمهوراً او شرائح منه، على الاقل، من الذين غزتهم الافكار المتطرفة والتكفيرية.
نعزي عوائل الضحايا، ولاسيما الشهداء في حسينة الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه.. ونعزي الحكومة والشعب الكويتيين.. ونقول للجميع ان خطر "داعش" لن يدخر احداً.. ولعل اكثر من سيتضرر من "داعش" في النهاية هو جمهور السنة الواسع والعريض.. وبالتالي هو صاحب المصلحة الاولى في محاربة "داعش".. فالاخرون قادرون في نهاية المطاف على حماية انفسهم ومناطقهم.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha