المقالات

انتصرت تركيا في الانتخابات الاخيرة

1805 20:56:32 2015-06-09


انتصرت تركيا في الانتخابات الاخيرة بتسجيلها اعلى نسبة مشاركة )86%(.. وهذا نجاح ليس لتركيا فقط بل للمنطقة ككل.. فلقد تطور المزاج الانتخابي والديمقراطي كبديل للدكتاتوريات والانقلابات والاستفراد بالسلطة واحتكارها من قبل فرد او حزب.. وتعزز مبدأ التداول وفق الوسائل السلمية.. ورغم تباين التجارب واختلاف مبانيها وتكاملها، لكن هذا الامر شهد تطوراً مهماً في كل من ايران وتركيا والعراق ومصر والمغرب ولبنان والاردن، ونعتقد ان التأثيرات المتبادلة في المنطقة ستعزز هذه الاتجاهات، رغم الانتكاسة في مكان، او التشدد والتعنت في مكان اخر.

من مجموع 20 حزباً متنافساً، حصل 16 حزباً مجتمعاً على 4% تقريباً من الاصوات.. وحصدت الاحزاب الاربعة الباقية، التي عبرت حاجز الـ10%، على بقية الاصوات. تقدم "حزب العدالة"، وحصل على نسبة 40.86% من الاصوات مقابل 49% في الدورة السابقة.. وسيكون له 258 مقعداً، مقابل 311 مقعداً في الانتخابات السابقة. الامر الذي لن يسمح له بالوصول الى هدفه في تعديل الدستور واقرار النظام الرئاسي.. فلم يحقق الثلثين اللازمين لتعديل الدستور، دون الحاجة لاستفتاء شعبي.. او الثلاثة اخماس التي كانت ستسمح بطرح التعديلات للاستفتاء.. بل لم يحقق الاغلبية المطلقة التي تسمح له بتشكيل حكومة، دون تحالفات. فالتحالف سيصبح السمة الاساسية للحكومة القادمة.

فالنظام الانتخابي التركي لا يخلو من تعقيدات.. فالعتبة القانونية هي الاعلى في العالم.. وتتضمن ايجابيات وسلبيات.. فهي تمنع الاحزاب الصغيرة والطارئة، مما يقود لحكومة قوية، او من الاقوياء.. لكنها بالمقابل ستحجز الطريق امام تيارات مهمة لن تتمكن من التعبير عن نفسها.. وقد تقود الى شكل من اشكال احتكار السلطة. كما ان النظام الانتخابي يقوم على المناطق الانتخابية والتصويت للمرشح.. وهذا امر جيد من ناحية علاقة المرشح بناخبيه ومنطقته.. لكنه يحمل ايضاً عدم التوازن  في الاثقال الوطنية.. فـ"حزب العدالة" حصل على حوالي 18.85 مليون صوتاً منحته المقاعد اعلاه..

بينما حصل كل من "حزب الشعب الجمهوري" على 11.5 مليون صوتاً، و"حزب الحركة الوطنية" على 7.5 مليون صوتاً، اي ما مجموعه اكثر من 19 مليون صوتاً، وحصلا على 132 مقعداً و80 مقعداً على التوالي.. ومجموعهما اقل بـ46 مقعداً عن "حزب العدالة"، رغم تقدمهما مجتمعين بالاصوات على "حزب العدالة". كما حصل "حزب الشعوب الديمقراطي" على 6.05 ملايين صوتاً مهدت له الحصول على 80 مقعداً، وهو نفس عدد مقاعد الحزب الثالث، رغم فارق 1.5 مليون صوتاً تقريباً بين الاثنين.. وهذا امر طبيعي في النظم الانتخابية التي تعتمد المناطق الانتخابية والتصويت للمرشح. علماً ان ثقل "حزب العدالة" كان في اواسط تركيا، بينما تركز ثقل "حزب الشعب الجمهوري" و"حزب الحركة الوطنية" في غرب تركيا والمناطق الشمالية.. وتركز ثقل "حزب الشعوب الديمقراطية" على مناطق جنوب شرق تركيا، اي المناطق ذات الاغلبية الكردية.

الامر المفاجىء للبعض وغير المفاجىء لاخرين هو حصول "حزب الشعوب الديمقراطي" على 13.12%.. وهذا امر مهم للاكراد ليس في تركيا فقط بل في العراق وغيرهما ايضاً. فلقد خاض "حزب الشعوب" معركته تحت منهاج تركي.. وبنى استراتيجيته في الدفاع عن القضايا العامة لتأتي القضايا الخاصة في اطاراتها. وهذه ستسجل كتطور في معارك الكرد السياسية.. فلا تذوب قضايا الهوية والقضايا الخاصة بالسياسات العامة.. ولا تطغى القضايا الخاصة لتتصادم مع القضايا العامة.. وهو ما قد يسمح للكرد وبقية الشعوب تنظيم علاقاتهم على درجات اعلى من التنسيق والتناغم، وبالتوافق مع الاطارات السياسية المناسبة لهم ولغيرهم، حسب الاحوال والظروف.

لاشك ان هذه الانتخابات ستكون نقطة مهمة لاعادة رسم السياسة التركية الداخلية والخارجية.. ولاشك ان التغيرات القادمة ستكون لها تأثيرات مهمة في العراق وسوريا ودول المنطقة قاطبة.. من هنا اهمية متابعة هذه التطورات، وان تكون لنا افضل العلاقات مع جميع القوى والاحزاب التركية، لما فيه مصلحة البلدين والمنطقة وشعوبها.


عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك