منذ أكثر من إثني عشر عاما وصراعات السياسيين على أشدها ولم تقدم للشعب العراقي غير المحن والكوارث والإخفاقات المتتاليةعلى جميع الأصعدة وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة ، وتقوية شوكة الإرهاب ، وتكالب أعداء العراق، وسعي إعلامهم المتواصل لدق إسفين بين المكونات العراقية.
وحين يطل كل سياسي من هذه المكونات المتصارعة على شاشات الفضائيات يُظهر نفسه بأنه المنقذ والمخلص، ويلقي بتبعات كل الكوارث التي تصيب الوطن على المختلفين معه ويبرئ نفسه وحزبه من أي خطأ. ومن الطبيعي إن إستمرار هذا الجو المشحون بالصراعات الدائمة يشكل بيئة خصبة لحدوث المزيد من الكوارث التي يدفع المواطن العراقي ثمنها الباهض .وآخر ماأنتجته هذه الصراعات سقوط ثلث مساحة العراق تحت براثن داعش في العاشر من حزيران عام 2014. وقتلها لآلاف الأبرياء، وسبيها لمئات النساء ، وتهجيرها لأكثر من مليوني إنسان عن ديارهم. وهو حدث كارثي رهيب أصاب العراق لايختلف في أهدافه ونتائجه عن الغزو المغولي عام 1256م وظل المواطن العراقي البسيط الغير ملوث بالطائفية وإسقاطاتها والذي يريد أن يعيش في وطنه آمنا ينتظر من هذه القوى السياسية أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية وأن تتوحد على حماية الوطن وتحصينه ، وتنبذ الفرقة والصراعات الطائفية وتنتبه لمواجهة الأخطار المحدقة بعد هذه الكارثة الوطنية التي هزت ضمائر العراقيين بما مثلته من تهديد حقيقي لوجود العراق وحاضره ومستقبله.
وسيمر مايقارب العام بعد أيام على تلك الكارثة بأيامه الثقيلة الوطأة على العراقيين ارتكبت داعش خلاله جرائم إنسانية كبرى صارت مدار حديث أجهزة الإعلام العالمية . ولاحت في الأفق نقطة ضوء بعثت الأمل في نفوس الملايين من العراقيين حين تناخى أهل النخوة والشهامة والغيرة ولبوا نداء المرجعية الرشيدة للوقوف بوجه هذا الغزو البربري فتم على أيديهم تحرير ديالى وآمرلي وجرف الصخر وتكريت من براثن هذا الوحش الداعشي المجرم على أيدي هؤلاء الغيارى من أبناء العراق. ولكن من غرق في الطائفية والمال الحرام والمكاسب الشخصية، وعمليات الفساد ، والمرتبط بأجندات إقليمية طائفية معروفة ظل ينفخ رماد حقده في فضائيات الفتنة التي لايروق لها سلامة العراق .وآلتقى نفخه مع نفخ الطائفيين القابعين في الفنادق الفاخرة لتعميق جراح الوطن، وإلحاق أفدح الأضرار وإلصاق التهم الطائفية الباطلة بالقوى الخيرة النبيلة المضحية من الحشد الشعبي التي لقنت الدواعش دروسا قاسية، وطهرت الأرض شبرا شبرا من دنسهم وقدمتها لأهلها المشردين. وضحى الكثير من أفرادها بأرواحهم الغالية. لكن من تعود على النفخ في الرماد أخذ يجاهر علنا برفضه للحشد الشعبي من خلال إطلاقه للحجج الطائفية المتهافتة المكررة. ومن هؤلاء له موقع مهم في السلطة ، وأعضاء في مجلس النواب. والذي يؤلم المواطن العراقي العادي إن الذي يثير الفتن الطائفية يمتلك اللسان الطويل لإظهار نفسه بأنه صاحب المثل العليا ،وإنه عدو الطائفية الأول ، وقد قال أحد هؤلاء وهو يتبوأ مركز نائب رئيس الوزراء في الحكومة الحالية والسابقة بالحرف الواحد في إحدى المقابلات التلفزيونية :( أنه لم يعرف الفشل في أي عمل أقدم عليه في حياته.) ثم أطلق مقولة وهمية أخرى قال فيها: (إن مرحلة مابعد داعش هي أخطر من داعش.) ولو كان هذا الشخص سليم النية لما أطلق هذه الإفتراضات الوهمية التي تعشعش في عقله المريض بالطائفية.
يقول الدكتور علي الوردي بهذا الصدد في كتابه (أسطورة الأدب الرفيع) ص 228 :
( الملاحظ في الرجل الطائفي عادة إنه من أكثر الناس حديثا عن المثل العليا ، وأشدهم حماسا في الدعوة إليها، وكأنه يتخذ ذلك سلاحا يحارب به خصومه من الطوائف الأخرى .إنما هو ينسى تلك المثل حين ينظر في أحوال نفسه وطائفته.)
ومن الطبيعي أن يستغل العدو المتربص بالوطن هذه التصريحات والصراعات بين السياسيين ليحقق مراميه الساعية إلى غزو المزيد من الأرض وتهجير أهلها. فحدثت النكسة الوطنية الخطيرة بآحتلال داعش لمركز مدينة الرمادي التي تمثل خاصرة العراق الغربية ، وأدمى إحتلالها قلب كل مواطن عراقي شريف. وآستمر تهديد داعش لقاعدة الحبانية فأصيب هذا المواطن بخيبة أمل مريرة من القيادات العسكرية الجديدة التي فرضتها المحاصصة الطائفية والقومية، وأثبتت الوقائع على الأرض إن هذه القيادات لم تكن بمستوى المسؤولية الوطنية حين تركت أرض المعركة، وفرت منها، وقدمت الرمادي على طبق من ذهب لنفر قليل من الدواعش الأشرار رغم توفر الأسلحة التي قيل إنها تكفي لمحاربتهم لعام كامل. وهي خيانة وطنية أخرى ترتكبها قيادة عمليات الأنبار وقيادة الشرطة فيها يجب أن لاتمر دون حساب.
إن هذه القيادات العسكرية الفاشلة قد إرتكبت نفس الخيانة التي إرتكبها أسلافهم من الرفاق الذين نخر أجسادهم الفساد .
https://telegram.me/buratha