في ظل الفراغ الأمني الحاصل، بعد انهيار المؤسسة الأمنية برمتها، مطلع فجر التغيير، في 2003 وأصبحت قوات الائتلاف، هي الجهة التي يلجا أليها الناس، في حلحلة قضاياهم، ولدت المؤسسة الأمنية العراقية، أمام تحديات كبيرة، في ظل إرهاصات تركة البعث، وعبث المجرمين، كان التحديات اكبر من إمكانيات الدولة، وعلى غرار ذلك، كان لابد من وجود قوة داخلية على شكل لجان شعبية مهمتها مسك الشارع، و حماية المواطن.
لو نقف قليلا، الأعوام 2006 و2007 حول تشكيل اللجان الشعبية، لحماية المواطنين من خطر الإرهاب والقاعدة، لما وصلت الأمور عليه اليوم، الحشد الشعبي، وهو اللبنة الأساسية لفكرة اللجان الشعبية.
قبل سنين خلت، سبق الزمن المجلس الأعلى الإسلامي، بضرورة تشكيل اللجان الشعبية، لمسك الأرض ورد الخطر، حينها تفوه تجار الحروب، و قالوا يريد أن يشكل مليشيات، و يمزق النسيج العراقي، بالقمع والبطش، لكن تلك المبادرة، أجهضت أو أنها ولدت في بيئة غير صالحة، مما أدت الى وضعها في الخدج.
بعد التخبط بإدارة البلاد في الدورتين السابقتين، بدأت تلك العصابات الإجرامية تتنامى تدريجيا، حتى أصبحت تفرض سيطرتها، على بعض القصبات في المحافظات السنية، بعد التعاطف من قبل أبناء تلك المحافظات، تحت ذريعة الدفاع عن الحقوق السنية المنهوبة، وإيقاف المد الإيراني ومن هذه الترهات، التي عبأت الشارع بها.
في الثلث الأول من منتصف عام 2014، انفجرت فقاعة، ساحات الاعتصام، لتغرق ثلث العراق ببحر من الدماء، وجراء ذلك هتكت الحرمات، واستبيحت الإعراض، من الفريقين وطمس حضارة العراق، عبر تفجير وهدم المعالم هناك.
جاءت فتوى "الجهاد الكفائي" من قبل المرجعية المباركة، لتصحح المسار ووضع العجلة على مسارها الصحيح، حيث أصبح اليوم أبناء الحشد الشعبي، قوة ضاربة بيد من حديد لتلك المجاميع الإجرامية، وبعد كل الانتصارات التي تحققت، وسيتوج النصر، بصمود الانبار، التي تأرجحت بين خذلان قادتها السياسيين، في فنادق عمان والإقليم، وسكاكين "داعش"، و بهذا غيرت الموازين في المنطقة، وأصبحت شيعة العراق تمتلك رابع أقوى قوة ضاربة، حسب ما نشرته الواشنطن بوست.
الحشد الشعبي، اليوم غير خارطة الطريق للمنطقة بأكملها، في فترة زمنية قياسيا تقترب من السنة، فكيف لو أن اللجان الشعبية متشكلة بعد تلك السنوات لما تجرأ "داعش" اليوم ودخل العراق، ولما حصل ما حصل اليوم، التي هي الوجه الثاني، لعملة الحشد الشعبي، والاثنين يخرجان من سراج واحد، ومن تحت عباءة المرجعية المباركة.
https://telegram.me/buratha