لما للمدرسة من أهمية بالغة في تقدم الإنسان وتطوير حياته ، فهي مصدر إشعاعه الفكري ونضوجه العلمي لإنقاذ الناس من الجهل والأمية ، لأنه من المحال أن ترتقي أمة من الأمم دون الاهتمام بالتعليم ولا وسيلة أخرى لإنقاذ الناس من شر الجهل إلا بالعلم . ونتيجة ذلك كانت المدارس الأهلية الحديثة الولادة في العراق تدعم التعليم في العراق ، ولكنها أصبحت ظاهرة ، فهناك من يؤيدها ، وهناك من يعارضها ، والكل لديه مبرراته .
وخلال زياراتي الإشرافية إلى المدارس الأهلية والتباحث مع إداراتها ،أطلق احد المدراء عبارة استوقفتني كثيراً ( المدارس الأهلية ملاذ أمن للنجاح ) وقلت له كيف يكون ذلك ؟!!! قال : إن هناك مستويين من التلاميذ ، أما تلميذ جيد يريد ولي أمر أن يزداد علمية وتعلم أكثر في المدارس الأهلية بعيدا عن المدارس الحكومية التي تكتظ بها إعداد التلاميذ في الصف الواحد وقد يتجاوز في بعض الأحيان إلى 60 تلميذ أو أكثر ، إضافة إلى عدم توفر الخدمات ومقومات النجاح الباهر .وإما المستوى الثاني فهو ضعيف بحاجة إلى تعب أكثر والمطالبة أخر السنة بالنجاح وهذا ما يعززه أو يفرضه ولي الأمر أو المستثمر الذي يسعى دائما إلى زيادة عدد التلاميذ في المدرسة حتى ولو على حساب المستوى العلمي للتلميذ .
أذن هي في كل الحالتين ملاذ أمن للنجاح سواء كان التلميذ ممتاز أو كان التلميذ ضعيف ، وهذا ما نجده في نسب النجاح للصفوف غير المنتهية في المدارس الأهلية . لذا نجد وزارة التربية قد حددت نسبة النجاح في المدارس الأهلية في الصفوف المنتهية ب 30 % فإذا كانت أقل فأن المدرسة سوف تغلق ، وهذا القرار بحد ذاته جيد ، ولكن ندعو وزارة التربية إلى رفع نسبة النجاح إلى 50 % لكي يكون أكثر اهتماماً بالتلميذ لتعزيز تعلمه ومستواه العلمي .
لقد أصبحت المدارس الأهلية ظاهرة ، وهذه الظاهرة بحاجة إلى معالجة الكثير من المشكلات التي تعانيها ، وان تضع الحلول المناسبة . ومن المشكلات التي تعاني منها المدارس الأهلية هي الملاذ الأمن للنجاح بعيداً عن التقييم والاختبارات والهدف الأساسي هو الكسب المادي ليس إلا .
أن انتشار المدارس الأهلية بالشكل الواسع الكبير بعد التغيير ، وأصبح لها رواج كبير لتعطي ثمار طيبة مدفوعة الثمن ، فأن النجاح فيها مضمون 99% ، لذلك من أسباب القبول عليها . . لذا نلاحظ أن المدارس الأهلية توفر فرص للتعليم، والتعمق بالمعرفة أكثر مما توفره المدارس الرسمية غالبا ، أما من الجانب التدريسي في تلك المدارس يكون المدرس والمعلم، ممن يشهد له بالتجربة والخبرة وجودة المستوى العلمي ( متقاعد ) فضلا إذا كان المدرس والمعلم متعيناً فأنه يحرص على تقديم جهد مضاعف في تلك المدارس يختلف عن الجهد الذي يقدمه عن المدارس الحكومية .قد يكون السبب هو الدفع المادي من قبل المستثمر ، ولكن الدولة تدفع له راتبا شهرياً محترماً ، والسبب يعود إلى عدم مخافة الله سبحانه وتعالى والى موت الضمير وضعف الرقابة .
أن انعدام الدور الرقابي أو ضعفه أدى إلى جعل المدارس الأهلية ملاذ أمن للنجاح يلتجأ إليها من يريد أن يضمن النجاح متخذاً مقولة ( أدفع قسطاً تنجح صفا) .. أو ( يوبا أوليدي لازم ينجح بفلوسه ) . فعلى وزارة التربية أن تتخذ قرارات مشددة باتجاه تلك المدارس ، والتشديد في منح الإجازة لها ، وأن تطبق الشروط في قانون المدارس الأهلية ، لكي لا تستمر تلك المدارس وتكون ملاذ أمن للنجاح .
https://telegram.me/buratha