من الحِكم القصار، لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ( فوت الفرصة غصة)، وفي حكمة أخرى( الفرص تمر مر السحاب فأغتنموها).
بعد سنين طوال من المعاناة، وإراقة الدماء، والصراع مع الحكام الظالمين في العراق، أتت الفرصة للشيعة في الحكم وقيادة الدولة.
إلاّ إن الواحد منا، يعتريه الحزن وألألم الشديد، وهو يشاهد الأحزاب الشيعية، قدمت له أسوء نموذج للحكم، خلال العقد الماضي، ومع تلك الإمكانيات والقدرات الهائلة، من الأموال والميزانيات الانفجارية، لكنها لم تقدم لأبناء الشيعة أي منفعة، سوى كانت على المستوى المعيشي، أو الخدمي، أو البنى التحتية، إلاّ اللهم المنافع الشخصية والحزبية الضيقة.
بينما نرى دول الآن، لم يكن لها تاريخ يذكر، أو حضارة، خرجت من بين القمامة، وأهلها سكنوا بوادي غير ذي زرع، كقبائل العتوب: التي نزحت من نجد، وبعد تنقلات عديدة، أستوطنت الكوت، وعاش سكانها على الغوص، لأستخراج اللؤلؤ، والتجارة في شبه الجزيرة العربية، ثم أجتمع ثلاث زعماء من قبائلها، لتشكيل حكومة وتقسيم الأرباح بينهم، ثم سميّت الكويت، تصغير لأسم( كوت) بمعنى( القلعة)، ولآن هي تحتل المركز الخامس من الأحتياط النفطي، تقدر مساحتها، 17.818 كيلو متر مربع، وسكانها 3 مليون نسمة.
أو دولة قطر، تأسست منتصف القرن التاسع عشر، وحكمتها أسرة آل ثاني، أستقلت وأصبحت ذات سيادة، عام 1971م، مساحتها 11.437 كيلو متر مربع، عدد سكانها في إحصاء 1997م، يقدر 522 ألف نسمة، حدثت طفرة أقتصادية عندها، في منتصف الثمانينات، عندما أكتشف أكبر حقل بحري في العالم من الغاز، تحتل الآن المرتبة الثانية من إحتياط الغاز، كما يوجد لديها أكبر مصنع ألمنيوم في العالم، وتأتي في المرتبة التاسعة والعشرين، في تكنولوجيا المعلومات والأتصالات، وبعدها البرتغال.
دول كانت لاشيء، فصارت شيء، وما زالت تتطور وتتقدم الى الأمام، بسبب صدق، وإخلاص، وإرادة زعمائها إتجاه شعوبهم، في حين مدن في وسط وجنوب العراق، أكثر مؤهلات ومقومات منها الآن، قياسً معها أنذاك.
الزعيم الراحل السيد عبد العزيز الحكيم( قده)، عندما طالب بإقليم الوسط والجنوب، متكون من تسع محافظات، وفقاً للدستور، ماذا أراد بهذا المطلب؟ هل أراد فعلا كسب سياسي وأنتخابي من وراءه؟ أم أنه أراد للشيعة من أبناء الوسط والجنوب، إرجاع حقوقهم الضائعة! وتعويض ما فاتهم من الدماء التي إريقت، والمعاناة الصعبة التي عاشوها، وتسكين آلامهم، وتضميد جراحتهم، فأن الالم لا يشعر به، إلاّ من كان به ألم، والسيد كان هو وأسرته، في طليعة المتألمين.
بل إن ما أراده، هو إقليم يكون قوة للشيعة، ونواة دولة لهم، يلجأون أليه، أذا عصفت بهم العواصف، أو تغيرت الظروف والأوضاع السياسية في المنطقة، لكن اغبياء السياسة من القادة وحمقائها، والممسوسين بمس حب السلطة، سعوا لأفشال المشروع، بحجة التقسيم، وصدّقهم المستغفلين من الجماهير، هي متى كانت الأقاليم تعتبر تقسيم للدولة! أو بحجة ليس وقته الآن، يا ترى متى وقته بعد خراب العراق ودخول داعش!
أذا كانت لدى مجالس المحافظات، إرادة قوية، ونية صادقة، فعليهم إتخاذ قرار شجاع،بأقامة أقليم الوسط والجنوب، وأن لا يكترثوا بالضغوطات، فهو أملنا وملاذنا الوحيد، إن كان ليس لأنفسنا، فهو لأجيالنا القادمة.
https://telegram.me/buratha