كشفت الحملة العسكرية السعودية الظالمة وحليفاتها على اليمن والتي أطلق عليها (عاصفة الحزم ) تيمنا بعاصفة الصحراء التي دمرت العراق الوجه الطائفي القبيح لبعض الأعراب الذين لاهم يؤرقهم في حياتهم مثلما يؤرقهم (التمدد الشيعي ) الموهوم ومقولات : (العدو الفارسي الصفوي) و(الهلال الشيعي ) و (المجوس الجدد الذين يقودهم قاسم سليماني) و(سقوط العراق تحت الهيمنة الفارسية.) و( جيش الميليشيات الصفوية ) وغيرها من الأقاويل الخاوية التي تعشعش في هذه الأذهان المتحجرة المريضة بفيروس الطائفية والتعصب القومي الأعمى والذي لاينتج إلا ضياع الثروات، وتعطيل عمليات التنمية نتيجة الصراعات التي يدفع ثمنها فقراء هذه الأمة الذين يحصلون على لقمة العيش بشق الأنفس .
إن التعصب القومي هو من مخلفات الجاهلية التي كان يدعو لها أبو لهب وزبانيته ومن يسيرعلى خطاه اليوم. والقومية العربية هي قومية إنسانية غير إستعلائيه تتفاعل مع القوميات الأخرى ، وتزخر بالعطاء والقيم العليا التي بشر بها رسول الإنسانية محمد ص من خلال قوله الكريم : (لافضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.) لكن هذه النفوس التي أصيبت بالتعصب والطائفية العمياء منذ نعومة أظفارها من خلال المناهج المنحرفة والمعادية لكل من لايسير وفق رؤيتها الضيقة. فركبت رؤوسها وراحت تروج لبضاعتها الكريهة على مدار الساعة لخلق الأحقاد والعداوات بين الطوائف والقوميات التي أوجدها الخالق على سطح هذه الكرة الأرضية ،وجعل المقياس الحقيقي بين البشر ( خير الناس من نفع الناس). لكن مصيبة هذه النفوس المشحونة بالحقد الطائفي والقومي والملوثة بهما إختارت هذا الطريق المظلم وتعتقد إنها على صواب . ولا يمكنها أن تتخلص من أدرانها لأن الطائفية سرت في دمائها وآختلطت بأعصابها ولحومها وشحومها وصار مثلها كمثل داء البطن بكسر الباء أي الشراهة في الأكل حيث قال الشاعر:
وبعض خلائق الأقوام داء ... كداء البطن ليس له دواء.
وحين يرفض إنسان هذه الأفكار الظلامية ، ويدعو إلى نبذها تنهال عليه الكلمات النارية ويُتهم بأنه ( صفوي فارسي مرتد) وهذه أقل الإتهامات الباطلة حدة. فأصبح حالها كحال الميت الذي لايشعر بوجود الشمس من حوله وكما قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لاحياة لمن تنادي.
لقد جلب هؤلاء المصابون بهذا الداء الوبيل المزيد من النكسات للأمة التي كرمها الله بقرآنها الكريم ورسولها الأمين ومن المؤسف والمؤلم إن معظم حكام الوطن العربي هم من هذا النوع وجميع أفعالهم تدل على ذلك وإن أنكروا.ويقول أحد هؤلاء العلوج بالحرف الواحد ( نحن لسنا طائفيين ولكن من واجبنا أن نواجه بكل حزم هذا الهلال الشيعي الذي يهدد أمننا ومستقبلنا.!!!)
ومنذ انطلاق هذه الحملة الهستيرية الدموية الباغية على شعب اليمن شنت المحطات الفضائية الخليجية وعلى رأسها الجزيرة حملة إعلامية طائفية ضارية ، وصبت الزيت على النار التي لايروق لها أن تخمد وحتى يشتد سعيرها وتكون نتيجتها إلتهام المزيد من الأبرياء في العراق واليمن وسوريا . حيث سخرت هذه الفضائيات الطائفية معظم برامجها لإبراز(عظمة )عاصفة الحزم التي أشعل فتيلها (المبارك ) ملك العروبة والإسلام وخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، وخطها تأريخ العرب الجديد (بحروف من نور) وبدأ الوعاظ في مساجد آل سعود بالدعاء للملك المفدى ، وتضرعوا إلى الله بأن ينصر (جيش الإسلام) على (الفئة الباغية.) وأكتمل المشهد المأساوي حين حضر في قصره بعض وعاظه ، وقدم شيخهم الكبير الولاء المطلق ل( جلالة الملك وعاصفته ألمباركة) وأصدر فتواه الباهرة الجاهزة وهي:(أن كل جندي سعودي يُقتل في هذه المعركة يُعتبرشهيدا!!!) فسارت الحملتان في مسار واحد ليبزغ (فجر جديد) في تأريخ الأمة العربية بعد ظلام طويل. ورحم الذي قال:
إلى الله أشكو عصبةً تُسفٍكُ الدما- وعالِمُ سوءٍ ليس فيه رشادُ.
لقد وصف رسول الله ص علماء أمته بأنهم كأنبياء بني إسرائيل . وكان يعني بعلماء أمته أولئك الذين يحاربون البغي والإعتداء والإستكبارعلى منوال ماحاربها أنبياء بني إسرائيل.لكن وعاظ هذا الزمن تحولوا إلى ببغاوات في قصور السلاطين يفتون لهم بما يحقق رغباتهم العدوانية. وكأني بهذا الشيخ الضال يتقمص شخصية الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم :
ألا لايجهلنْ أحدٌ علينا... فنجهلُ فوق جهل الجاهلينا.
لنا الدنيا ومن أمسى عليها...ونبطش حين نبطش قادرينا.
بغاة ظالمين وما ظلمنا... ولكنا سنبدأ ظالمينا .
فياأيها الملك الجائر مهما تكاثر حولك الوعاظ وجملت الفضائيات أفعالك الإجرامية المشينة وأبشعها قتل الناس الأبرياء فإنك خاسر لامحاله . لأن (الغالب بالإثم مغلوب ) كما قال الإمام علي بن أبي طالب ع. فيالمصيبكم أيها الأعراب .!
جعفر المهاجر/ السويد.
https://telegram.me/buratha