الحديث عن المرأةـ حديث طويل ـ فمنذ ان خُلق آدم( ع)، وخُلقت هي زوج له، بدء تاريخها، ولا غنى للرجل عنها، إذ ان الباري جلت قدرته، أراد أن يخبرنا، ان الرجل مهما بلغ في التكامل، لا تنجح مسيرته في الحياة، بدون أمرأة( كأم، وبنت، وأخت، وزوجة)، فهما مكملان بعضهما للآخر.
بل أن الأسلام، جعلها نصف دين الرجل، الذي لايتكامل دينه إلاّ بالزواج منها، فهي قاعدة أنبثاق الأنسان، وفي أحضانها يتربى الجيل ويترعرع، وصدق الشاعر في قوله: الأم مدرسة ان اعددتها.. اعددت شعبا طيب الأعراق.
وخلاف مايقال من أنها ناقصة العقل، فأن الأسلام كلفها بالأحكام الشرعية قبل الرجل، وما هذا إلا لستعدادها العقلي، والروحي، والجسمي، فالله لايكلف نفس إلاّ وسعها. من خلال تاريخ المرأة ودورها في المجتمع، نرى أنها مرت بعصور ومجتمعات، كانت تعتقد بها، أنها ملعونة، وفاسدة، ومنحرفة، يقول الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره( الأمثل):
( لقد كان الكثير من الشعوب الماضية تذهب في نظرتها السلبية تجاه المرأة إلى درجة أنها تعتقد أحياناً إنّ عبادة المرأة وما تقدمه في سبيل الله لا تقبل، وكان الكثير من اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة كائن نجس وشرير وأنها من عمل الشيطان، وكان الرّوم وبعض اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة ليست ذات روح أنسانية أساسا، وأن الرجل وحده هو الذي يحمل بين جنبيه مثل هذه الروح دون غيره).
(والعلماء المسيحيين في اسبانيا توصلوا ـ حتى الآونة ـ بعد مدولات طويلة، إلى أن للمرأة روحا برزخية، وهي نوع متوسط بين الروح الإنسانية والروح الحيوانية، وأنه ليس هناك روح خالدة ـبين أرواح النساء ـ إلاّ روح مريم)! ( كتاب وستر مارك).
المرأة في مفهوم الأسلام، تعد ركن المجتمع الأساسي، ومساوية للرجل، وعلى هذا الأساس، خاطبهم الباري ـ عز وجل ـ في كتابه،( يا أيها الناس.. يا أيها الذين آمنوا)، وصنفها القرآن والتاريخ، حسب الأحداث صنفان: الأول ـ من إتبعت الباطل مثل: أمرأة نوح، ولوط، وأم جميل، وهند. والثاني ـ من إتبعت الحق: كالسيدة مريم، وآسيا، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وأبنتها زينب( عليهنّ السلام).
وإتباع الحق لا يكون إلاّ بإتباع من فرض الله طاعته وولايته، وهو المتمثّل في المعصوم، فهناك من النساء، من إتبعت، ودافعت، وضحت من أجل المعصوم، ومن أجل الدين، وهذه هي المرأة الولآئية، ومن أبرز مصاديقها السيدة (أم البنيين) ـ عليها السلام ـ التي نحيي ذكرى وفاتها.
هي أسوة حسنة للنساء! فقد أعطت ما تملك للمعصوم! وأعلنت ولآئها، فحين زفّت لأمير المؤمنين( ع)، لم تدخل الدار التي كانت فيها فاطمة( ع)، إلاّ أن يأذن لها الحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ، وأن تكون خادمة لهما وليست زوجة لأبيهما، هذا التصرف من السيدة( أم البنيين)، ليس بدافع العواطف والمشاعر، بل هو موقف، يعبّر عن فهمها، ووعيها، وأدراكها، في معرفة مقام الأمامة.
وعكست تربيتها وسلوكها على أبنائها الأربعة، وخصوصا سيدنا( العباس)ـ عليه السلام ـ فاليوم نأمل من نسائنا الكريمات، أن تقتدي( بأم البنيين)، ويحثّن أزواجهنّ، وأبنائهنّ، كما أمرت بذلك مرجعيتنا العليا، بل نأمل منهنّ أن يتدربن على السلاح، ويحملنّهُ، كما فعلن النساء الحوثيات، فالمرأة لها دور فعّال ومؤثر، ولا نريد أن يعيد لنا التاريخ، ما حصل مع مسلم بن عقيل ـ عليه السلام ـ.
https://telegram.me/buratha