مدخل
......................
الإرهاب العقائدي يبدأ بفكرة، وللقضاء على أي تجمع إرهابي يجب القضاء عليه في تخومه ومستنقع خلقه عند خطواته الأولى مما يعني القضاء على أفكاره ومحاصرتها وتسفيهها.
......................
مراجع داعش
......................
فبرغم تنوع اهداف المنضوين للتنظيمات الإرهابية الا ان الاعم الاغلب انتجته فتاوى دينية ولا بد من ان نعترف ان تلك الفتاوى قد اعتمدت على كتب دينية متداولة وشهيرة ومؤلفوها من اعلام المذاهب وعلماء في التشريع والتفسير والحديث واستنباط الاحكام. وجيلا بعد جيل أضيفت قدسية على تلكم الكتب وكتابها وأصبحت مقدسة شيئاً فشيئاً واسبغت عليها ذات القدسية التي تحيط بالذات الإلهية وبالقران الكريم ولم يقتصر هذا التقديس على المؤسسات الدينية المتشددة والسلفية بل تعداه الى معاهد دينية مرموقة وموصوفة بالاعتدال. ومن هنا كان مكمن الخطر الفكري والفلسفي للتنظيمات الإرهابية التي باتت تحاجج المعتدلين وتنافسهم فيما يقرؤونه، بل وتخطئهم وتحرجهم لأنها تطلعهم على نصوص من كتبهم هي تطبقها فيما هم لم يطبقوها ولم يناقشوها او يفندوها. وهي نصوص واضحة لا لبس فيها والكتب التي تحويها مبثوثة في معاهد العلم بطبعات انيقة تتجدد أغلفتها فقط وفيها اباحة للدم والاستعباد وكل ما تعارضه الإنسانية.
ان القضاء على تلك المراجع مهمة تبدو مستحيلة ولكن لابد من الشروع في ثورة تصحيحية لن يكتب لها النجاح ما لم تنبع من داخل المذاهب المعنية لتطهيرها ولتخطئتها او على الأقل لفتح باب الاجتهاد وكشف العيوب الجوهرية في الاستنباط.
................................
نصوص بشرية مقدسة
...............................
ان نظرة بسيطة للكثير من نصوص القران الكريم والسنة الصحيحة تثير الذهول في الكيفية التي تجرأ بعض علماء القرون السابقة واللاحقة في ان يهيلوا عليها التراب ويستبدلوها من عندياتهم كنص (لا اكراه في الدين) او حديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وغيرها كثير. بل انهم اجازوا قتل من يسب الرسول الكريم (ص) خلافاً لسيرته مع شاتميه دون ان يطرف لهم جفن.
.................................
البعث في خدمة التطرف
................................
من حسن حظ العراقيين ان الفكر المتطرف لم تكن له مرجعية واضحة ولا أرضا خصبة من التراكمات ولكن المشكلة الطائفية في العراق سياسية بالدرجة الأولى، فليست من قبيل المصادفة ان يجري حزب البعث خلال العقود الثلاث من القرن الماضي تغييرات مذهبية في قيادته فأصبح البعث مؤسسة طائفية في قيادتها بامتياز ولا يصح ان يوصف الحزب وقائده صدام المقبور بالعلمانية. فصدام لم يفصل الدين عن الدولة، بالعكس هو حاول فصل الشيعة فقط عن مذهبهم، اما ما دون ذلك فمباح حتى انه اباح الامتداد الوهابي المتطرف. والشواهد أكثر من ان تحصى عن اهتمام البعث بزرع الطائفية وسقائها حتى وصل الى النقاء المذهبي والمناطقي في قيادته ومؤسساته الأمنية الحساسة والامر الذي كان له انعكاسه الطبيعي في ان تتلون المعارضة مذهبيا بشكل مضاد، حتى ان الحزب الشيوعي غص بالشيعة ولم يكن التندر بال (شيعي، شيوعي، شعوبي، شروكي) من باب الصدفة. ولقد جر ذلك (بعد سقوط الصنم وحزبه وحكمه) الى ان تغلب وجهة نظر طائفية على الواقع السياسي لما بعد صدام وكأنه سقوط لحكم طائفة واستلام طائفة مضادة للحكم.
.............................
مصاديق ديموغرافية
............................
كانت لذلك مصاديق ديموغرافية بحكم الأكثرية والأقلية والتمثيل النسبي للبرلمان وبالتالي للحكومة. فكان ان تنادى البعث المدحور طائفياً وشق طريقه مع التنظيمات الإرهابية وكان منطقياً (بحساب الغالب والمغلوب) ان يجابه التمثيل النسبي بالرفض من قبل محافظات (طائفة) ضد أغلبية (طائفة) دون النظر بواقعية للغة الأرقام. وصار المهرب الى فكرة اقلية قطرية لها أغلبية مذهبية في محيطها العربي (رغم ان هناك مغالطات في ذلك ليس اوانها هذا المقال) فقفزت بروبغندا اضطهاد سنة العراق، ووصل الامر الى ذروته في تفجير مرقد الامامين العسكريين مع مطلع 2006. فزاد الطين بلة من خلال المظاهر الطائفية العنيفة التي اشاعت ارباكاً، وتراجع الدور العربي الرسمي عن التعامل مع حكومات العراق المتعاقبة دبلوماسياً وملأت إيران الفراغ.
ان تاريخية احتضان إيران لفصائل معارضة للنظام العراقي هي واقع لا ينكر وليست سراً، بل ان لصدام ونظامه الوحشي الدور الأكبر في ذلك الاحتضان بحكم مجازره الطائفية الطابع وبحكم التهجير القسري لشيعة العراق، اما من يحاجج من ان هنالك بعثيون ورجال أمن من انحدار شيعي فهو انما يدين نفسه بنفسه، والجواب، نعم في زمن صدام المقبور كان لكل مواطن كامل الحق في التملق بالانتماء الى الحزب الحاكم وهو مفتاح الوظيفة والدراسة الجامعية والحياة اليومية، وكان للمواطن كامل الحق أيا كان انتماءه ان يكون جلاداً لأبناء جلدته خدمة للبعث ولكن لكي تكون ضحية تعدم او تدفن في مقبرة جماعية، فكان أسهل طريق هو أن تكون شيعياً او كردياً.
..........................
خلاصة
.........................
لدينا صراع مرير مع فكر متطرف ضمن بيئة شدت شداً الى التطرف، فلابد من أن لا نكتفي بالحل العسكري رغم عظيم أهميته وانما ان يسير معه حلان احدهما سياسي من خلال إشاعة روح المواطنة بالأخص في المناطق الملتهبة، وحل فكري يكافح مفاقس بيوض داعش. اما الاكتفاء بالحل العسكري فبرغم روعة الانتصار الا انه حل مؤقت ونصر قلق...
https://telegram.me/buratha