بعد التغيير الذي حصل في العراق بعد عام 2003، عاشت المكونات العراقية هواجس اعتمدت على علاقتها بالنظام المباد، فمن كان مقرب كان يخشى الانتقام أو التغييب والتهميش، ومن كان من ضحاياه؛ كان مندفع لتعويض سنوات من الحرمان والتنكيل، مع خوف وخشيه من عودته بلباس جديد، ولم تتمكن العملية السياسية، من معالجة هذه الهواجس، لخلق حالة من الانسجام بين مكونات الطيف العراقي، لذا كان طبيعي، أن تصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم.
تجد السني يقرا كل خطوة، وكل قرار لمعالجة آثار النظام البائد، استهداف للمكون السني، والشيعي؛ يعتبر التخوف السني، محاولة لتغييبه من جديد، ويضع هذه المعارضة في إطار أجندة مخفية، الكوردي كإقليم يتخيل أي خطوة، أو قرار يخص المنطقة الشمالية، محاول للالتفاف على المكاسب، التي حققها الشعب الكوردي.
اليوم حيث تم تشكيل حكومة شراكة حقيقية، كما قيمتها الأطراف المشاركة فيها، يحتاج العراق إلى عقليه شخصت الخلل أعلاه، وتكون البداية من تطبيق فقرات الوثيقة السياسية، التي شكلت بموجبها الحكومة، وإقرار القوانين التي تم الاتفاق عليها بين القوى السياسية، وبطريقة السلة الواحدة لغرض طمئنت الجميع، حيث يخشى الشيعة أن تعديل قانون المساءلة والعدالة، سوف يعيد البعث، لذا دمج هذا القانون مع قانون تجريم البعث، يشكل رسالة اطمئنان للطرفين، فالسنة الذي يشكون من قانون المساءلة والعدالة، وتطبيقاته المختلفة بين بعثي وآخر، سوف يشعرون أن القضاء، هو من يحدد المتهم من البريء، وأيضا يطمئن الشيعة، إلى عدم عودة البعث، بأي طريقة، وتجريم من يعمل أو يروج لذلك.
قانون الحرس الوطني، هذا القانون الذي يعترض عليه الشيعة، بوصفه طريق لتقسيم البلد، ويكون لكل محافظة جيشها الخاص بها، قد يؤدي إلى صراع بين المحافظات، لكن اعتبار الحشد الشعبي نواة لهذا التشكيل، والتمثيل فيه يكون حسب النسب السكانية، وربطة بالقائد العام للقوات المسلحة، ، وإخضاعه لضوابط وقوانين الجيش، وبالتالي يكون أفضل من الصحوات أو تسليح العشائر، يجعل ألشيعه يطمأنون، وكذا السنة سوف يكون لهم تمثيل، حسب نسبتهم في الجيش العراقي، ويهدأ مخاوفهم من الأسلحة المنفلتة، والتجاوزات التي قد تحصل، من بعض المندسين مع المتطوعين، لكن وجود قانون ينظم عمل هؤلاء، سوف يمنع التجاوزات، التي يدعيها البعض، وينسبها للمتطوعين، وبالتالي يحصر السلاح بيد الدولة.
ما يخص الكورد؛ والملفات العالقة، ينبغي الإسراع بسن القوانين، التي يمكن أن تسند إليها أي اتفاقات مع الإقليم، في ملف النفط وملف المناطق المتنازع عليها، وغيرها من النقاط الخلافية الأخرى.
كل هذا سوف يجعل الحكومة العراقية، تتجه إلى وضع الخطط والبرامج ألاستراتيجيه، في تصليح الخلل، الذي تعاني منه الدولة العراقية في مختلف مفاصلها، وبناء دولة المؤسسات، وأي تعثر في تطبيق الاتفاق السياسي، يعني مزيد من الأزمات، وتعطيل لعمل الحكومة، وإشغالها بتهدئة الهواجس، الذي لا يمكن أن تنجح فيها، بدون قوانين ترتكز عليها...
https://telegram.me/buratha