محمد أبو النواعير
هل يحتاج العراق الى مؤسسة سياسية كبيرة توحد رؤاه ومواقفه؟
وإلى ماذا تحتاج هذه المؤسسة الكبيرة كالتحالف في حال أريد لها النجاح؟
ما يتطلبه هذا التشكيل المؤسسي, ليقوم بمهامه بأكمل وجه, وتحقيق لغاياته المرجوة, هو أن يتوفر على عدد من العوامل، التي ستساعد على نجاحه, وتساعد ايضا على تفعيله، وتثبيته في العملية السياسية.
أن الميزة الأبرز في تأريخ العراق السياسي القديم والمعاصر, هو إمكانية قيام دكتاتوريات تجلب الخراب والدمار للبلد, بمحاولة الحاكم الدكتاتوري, السيطرة على مفاصل القرار, والسيطرة على مجمل الإرادة السياسية والوطنية, ومحاولة إخضاع بقية الإرادات له؛ لذا كان لزاما, وتجاوزا لإشكالية(السياسة- الحكم- الدكتاتوري), أن تقوم مؤسسة سياسية قوية, تحوي في تشكيلتها على الكتل السياسية الفاعلة, على أن يكون هذا التشكيل السياسي متوفرا على قوة وجود, تمكنه من أخذ دوره في العمل السياسي, ليكون الجهة المخولة بمراقبة وكبح جماح الإرادات الدكتاتورية, من أن تتسنم مقاليد الأمور.
كثير من المشاكل والأزمات وعصى الدواليب, كانت تواجه تشكيلة التحالف الوطني خلال السنين السابقة.
وبالرغم من حالة التعافي, التي يمر بها هذا التشكيل الكبير هذه الأيام, إلا أن صراع الإرادات لا يزال يمثل حيزا كبيرا من نشاطه, خاصة إذا علمنا أن هناك أطراف من داخله, تحاول جاهدة أن تبقيه رهيناً بالضعف والفوضوية والتشتت.
لقد إنبرى بعضهم مدعيا أن رئاسة التحالف الوطني، هي من نصيب الكتلة الانتخابية الأكبر, صاحبة الأصوات والمقاعد الأكثر, وغاب عن هؤلاء بأن مهمة التحالف الوطني، لا تقتصر على رسم استراتيجيات الدولة, بل ان مهمته الأولى، تمثيل مكون كبير، يمثل ثلثي البلد, وتمثيل المكونات عادة لا يكون خاضعا لعدد أصوات الناخبين, وعدد المقاعد, بل أن تمثيل المكون تدخل فيه اعتبارات متعددة, كالعلاقة مع المرجعيات الدينية, وقابلية تمثيل جميع تنوعات المكون, وإحراز علاقة سياسية متوازنة, مع كل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.
إقليميا, يمر في هذه المرحلة, بحالة شبه إجماع على التقارب والتوحد, من أجل مواجهة المشاكل التي تزحف للمنطقة, بملفات منها الإرهاب, و انهيار أسعار النفط, وتأخر اقتصاديات اغلب دول المنطقة؛ لذا فإن وجود مؤسسة سياسية قوية, بزعامة تمثل خطاب عقلاني معتدل, هو غاية مطلبها, خاصة وان المنطقة تشهد تصادما فكريا وثقافيا داخلي,ا تتنازعه تيارات مختلفة، منها الراديكالي الديني المتشدد, ومنها الليبرالي الانعزالي, ومنها الديني المعتدل.
دوليا؛ لا يمكن الإبتعاد عن معادلة تشكيل التحالف الوطني العراقي, حيث تثبت الواقعية السياسية, أن الأطراف الدولية تحاول دائما أن تتعامل مع الطرف القوي, صاحب الموقف الموحد داخليا وخارجيا, وصاحب القوة والسيطرة على الأرض؛ وأن محاولة تصدير تحالف وطني عراقي, كمؤسسة يحكمها المأزومين, ويسيطر عليها فكر التخوين والتناحر، وعدم الثقة بين الأطراف, فإن من المؤكد سيعطي اشارات سلبية للمجموعة الدولية, مما يعني حرمان أكبر مكون عراقي, من أن يأخذ مكانه الطبيعي, في تشكيلة السياسة الدولية المعاصرة.
الجانب الأهم في هذا الملف, هو وجود اتفاق مبرم بين أطراف التحالف الوطني, ينص على عدم امكانية الجمع بين منصبي رئاسة الوزراء, ورئاسة التحالف الوطني, لطرف واحد من أطراف التحالف, وهذا ما يحاول بعض الأخوة من ائتلاف القانون, الإبتعاد عنه وغض النظر عنه.
https://telegram.me/buratha