يحمل عنوان مقالي هذا كلمتين متضادتين وقد تناولهما الكثير من الكتاب وحوتهما الكثير من الكتب وعلى رأسها كتاب الله المعجز القرآن. وبين هاتين الصفتين اللتين حملتهما النفس البشرية منذ أن أوجدها الخالق العظيم على هذه الأرض سبعة أبحر. والصراع بينهما أزلي منذ هابيل وقابيل حين تجسدت تلك البغضاء في نفس قابيل المظلمة فارتكب جريمته بحق أخيه الذي بسط يديه إليه مسالما ومحبا. لكن سعير البغضاء تأججت ضد تلك اليد المبسوطة فأقدم على القتل . لكنه حين رأى غرابا يواري سوءة أخيه من جلدته إحتقر القاتل نفسه التي لم تصل إلى همة الغراب ، وندم على فعلته الشنيعة ولكن بعد فوات الأوان.
والنفس البشرية لابد أن تأخذ العبرة وتتعلم من هذه القصة القرآنية. فالمحبة تورث الصفاء، وتعمر الكون وتجعله زاهيا مزدهرا مفعما بالعطاء والقيم الإنسانية العليا التي تجسدها النفس الصافية المشعة بالخير والنبل والفضيلة والعطاء الخلاق لبني جنسها.أما البغضاء فإنها لاتختلف عن أي وباء عالمي كالإيبولا مثلا إذا لم تكن أبشع منه . فالإيببولا يستهدف البشر، والبغضاء إذا إشتد سعيرها تستهدف البشر والشجر والحجر وحتى المخطوطات التراثية النادرة التي تحتوي على تأريخ الأمم والشعوب لم تسلم منها فلا تتوانى عن حرقها وتدميرها مفتخرة بآىسم (الدفاع عن الدين.) وهي تشيع ألفرقة وتمزق النسيج الإجتماعي بين المجتمعات البشرية.
وينتقل عدواها إلى بلدان كثيرة حتى إذا كانت متباعدة جغرافيا.وينتج عنها القتل والخراب والحروب التي تدمر كل مابنته يد الإنسان المعطاء من حضارة ورقي وتقدم وتكون نتيجتها الفقر والمرض وانهيار الحضارة الإنسانية. وهذا مانراه ونلمسه اليوم في العديد من أوطاننا العربية والإسلامية حيث تفشت فيها ظاهرة البغضاء التي أنتجتها مناهج هذه الدول ومساجدها ومنابرها الإعلامية . فولدت من جرائها جماعات دموية متطرفة ترفع شعار البغضاء والإنتقام شعارا لها، ولا تؤمن بقيمة الروح البشرية ، وتجاهر وتفتخر علنا بكل ماترتكبه من جرائم نكراء بشعة بحق أبناء جلدتها من البشر .وتغلف هذه الجرائم الوحشية بدعوات إسلامية ، ومسميات تتناقض مع الأفعال الدنيئة التي ترتكبها كما تفعل اليوم جماعات القاعدة وداعش والنصرة ومن يسير في فلكهما من قوى الجريمة والإرهاب التي إستفحل خطرها، وتعاظم نفوذها وسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول أبلغ دليل. وترتكب هذه العصابات الدموية جرائمها بسبب الدعم المالي والإعلامي الكبير الذي حصلت عليه من إمارات وممالك البترول بحجة مساندة (ثورات الربيع العربي .) والتي تحولت إلى حروب دموية خلفت وراءها الملايين من الأرامل والأيتام والمشردين الذين يموتون اليوم في المخيمات المتهالكة من الجوع والبرد وتفتك بهم الأمراض دون أن يلتفت إليهم أحد من هؤلاء الأمراء والملوك القارونيين الذين صرفوا المليارات من الدولارات على قوى الحقد الدموي والإرهاب نتيجة الروح الطائفية المتغلغلة في أعماقهم. وهم في حقيقتهم أسوأ من أي دكتاتور آخر في المنطقة.فصار مثلهم كالطبيب الذي يداوي الناس وهو عليلُ.ومن مهازل القدر أن ترفع وسائل إعلامهم شعار: (مع الإنسان في كل مكان ) لتضليل العقول. والتغطية على أهدافها الشريرة. لكن هي ودعاة الكراهية والقتل في خط واحد ضد الإنسان بكل مالهذه الكلمة من معنى . وهي تتستر على جرائمهم التي رآها ويراها العالم كل يوم معتقدة بأن له ذاكرة ضعيفة سرعان ما ينسى جرائم الإبادة هذه بعد فترة من الزمن. ولا يمكن أن يصدق عاقل في هذا العالم إن هؤلاء ثوار هدفهم تخليص الشعوب من ظلم وتسلط حكامهم.
لقد بعث الله الأنبياء لإصلاح البشرية ، وزرع المحبة بين بني الإنسان لينشروا راية العدل والسلام والحرية ويشحنوا النفوس بقيم الخير والمحبة والصفاء . وعندما تسمو النفوس بشآبيب المحبة والرحمة تشع على الوجود بالمعطيات الإنسانية الرفيعة التي توصل المجتمعات البشرية ألى شاطئ الأمن والسلام والالتقاء على أسس ثابتة من المنطق والحكمة التي تحملهما نفس الإنسان المحب لبني جنسه من البشر. وبالحب النقي الصادق تتلاشى النعرات الطائفية والعنصرية والعصبيات العمياء التي تحجرالقلوب والعقول معا وتنقلها ألى سراديب الانغلاق،وتقتل بذرة العطاء في نفس الإنسان.
وكل إنسان في هذا العالم يحمل بذرة الحب النقي في قلبه يحمل معه مصباحا يضيئ السبل المعتمة لإخوانه في الإنسانية لأنه الأقدر على العطاء والإبداع والإيثار والتضحية من أجل الآخرين، وتخفيف وطأة الأحزان وثقلها على النفوس التعبى التي تعرضت لقسوة وظلم الآخرين الذين حرموا من نعمة المحبة لبني جنسهم وفقدوا هذه الصفة الإنسانية الجليلة فراحوا يزرعون الموت والدمار في كل مكان يستطيعون الوصول أليه فأصبحوا أعداء لأنفسهم وأعداء لمجتمعاتهم ،
https://telegram.me/buratha