لسنا متشائمين من المستقبل وكلنا ثقة ان القادم لنا وعلى ضرورة استثمار ( الهدوء النسبي السياسي )الحالي لتدعيم الجانب الامني في البلاد. وما يجب أن ندركه هو أن الخلاف أمر حاصل وبديهي ، وهو لايعني ان نقصي بعضنا البعض الاخر و ليس هناك مايبرره ، و الدائر اليوم من صراعات واختطافات وترويع وقتل ليس الا سيناريوهات مدعومة من قبل دول اقليمية ودولية , وما يجب علينا أن نكون ـ كأفراد ومجتمعات ـ بالقدر من النضج والتعامل بحكمة وبالمرونة التي تسهم في قبول الآخر واحتواء المحنة ، وتكون خلافاتنا حقلا للتنافس وتقديم خدمات جليلة للشعب وتسريع عجلة البناء بدلاً من وضع العصي في مسيرته كما يفعل المتربصين والمضي لايقاف شلالات الدم الذي ينزف، و ان لانجعل من ثقافتنا السياسية حقلا للصراع و التناحر.وعلى اهمية تطوير السبل الكفيلة بتقوية الجانب العسكري والدفاعي لطرد الاوغاد من اراضينا.كما ان من الامور . المواضيع التي تشغل بال المواطن في الوقت الحالي هي كيفية العمل تجاه الفساد الاداري والمالي الذي ينهش في هيكل ومفاصل مؤسسات الدولة وقد استشرى ونمى تدريجياً على امتداد سنوات طويلة بدأت وترسخت اقدامها في زمن المقاطعة الاقتصادية او الحصار الذي فرض على ابناء الشعب جراء السياسات الخاطئة للنظام السابق وبعد الاعتداء على الجارة الكويت ابان عقد التسعينات .
علينا ان نبدأ وبخطوات ثابتة نحو التعافي وفي اطار خارطة طريق مدروسة ونضع العلاجات اللازمة وبرؤى واستراتيجيات واضحة وتتعاون الجهات المختلفة في ادارة الدولة معها بشدة وبوجود الارادة السليمة عند المسؤولين الذين لانشك بالكثير منهم في الحرص والوطنية للقضاء علىها وقصم ظهر هذه الافة الخطيرة التي تسري في جسد المؤسسات الحكومية ولاتتم إلا بتكاتف القوى الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية كل حسب صلاحيته والعمل وفق قاعدة (لا ثواب ولا عقاب إلا بنية ) ضمن جدول زمني على ان تكون حملة بكل اشكالها وصنوفها لعلاج هذا المرض الوبال والمرض الخبيث والتحلي باليقضة نظرا لغياب عناصر التقييم والمتابعة والمراقبة سابقاً .
يمكن وضع قوة فاعلة واعادة النظر بالقوانين التي تردعهم بدون مهادنة وبعيداً عن المحسوبية والمنسوبية من اجل ايقافها ثم القضاء عليها ، بدقة وحيادية ونزاهة ، على ان نضع الحق بين اعيننا في هذه المرحلة التي يعاني منها البلد الويلات والمأسي التي تعصف به وعدم الانجرار وراء الخلافات السياسية الغير ناضجة . ولكن لعل البعض يصر على ان القوانين الموجودة الحالية عاجزة من ان تفي بالمطلوب في تنفيذ البرنامج لايقاف هذه المعضلة السيئة ويعتبرها من الامور الشائكة والصعبة وينظر على ان المرض مستشري ومتأصل واتباع اسلوب الحقنات المهدئة عبر الكلام المعسول غير المجدي ، الذي لم يعد ينفع ولا احد يصدقه الان ...
نعم الظاهرة تحمل من الشراسة التي يصعب القضاء عليها في ظل التغيير والتحول من النظام الدكتاتوري الشوفيني الى النظام الديمقراطي البرلماني ولكن (عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ, وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ. ) والعراق يمر ويعاني من مشاكل عديدة اقتصادية ،وعسكرية ،وسياسية ، واحداث مأساوية عصفت وتعصف به وخصوصاً في ظل المحاصصة والشراكة التي اباحت الدم العراقي واستخدام التضليل والخداع لتحقيق اهداف جهوية بشكل مباشر وغير مباشر ولكن علينا العمل والابتعاد عن الوقوف على التل تحت ذرائع مختلفة ولايمكن للبلد ان ينهض دون ان تحقق الانجازات على الصعيد الداخلي بالحفاظ على اللحمة الوطنية وهو الطريق للوصول الى الكمال وفي تعايشنا وتحاببنا وتراحمنا وتعاطفنا السبيل الافضل والاسلم للمضي قدماً نحو الامام وبما يهييء للأجيال القادمة البيئة الصالحة ليمضوا نحو مستقبل زاهربكل اطمئنان وثقة... اما على الصعيد الخارجي فقد اخفقت الدبلوماسية العراقية في الدفاع عن مصالح البلد في المحافل العالمية لضعف عمل السفارات والمؤسسات الخارجية في الفترة الماضية واستغلالها لجهة واحدة لانها قدمت مصلحة القائمين عليها فوق مصلحة الوطن والمواطن واعتمدت على تسويق الخلافات وحياكة الفتن بين المكونات المجتمع والتركيز على اخطاء معينة حيث جعل منها قضية تطهير عرقي من جانب واحد وحرب ضد مكون معين من اجل التستر على جرائم اعداء العراق ولاهداف اقليمية دون الاهتمام بنقل الحقائق وايصال المعلومة الواقعية والصحيحة والدقيقة والتي تؤدي من علاقة سيئة او سلبية الى علاقة حميمة وايجابية مع البلدان الاخرى....
ان العراق رغم كل المعانات والتضحيات الجسام التي قدمها في الوقوف ضد الارهاب وكل المؤامرات التي تحاك ضده يعيش اجواء شفافة هزت العالم ويعرف قيم الحرية بعيداً عن العنصرية والمذهبية يدل على الاحساس والشعورووحدة مكوناته وبحب ارضه ويرخص دمه من اجل الدفاع عنه ويتقدم باتجاه الدولة القوية اذا ما توفرت له الظروف ومستعد لمواجهة التدهورالحاصل واصلاح المجتمع ، ولكن على البعض من السياسيين تجاوز الخلافات والكف من خلق الفتن والاساءة للاخرين على اساس حرية التعبيرلان صبر الامة قد ينفذ في لحظة ما ولاتتحمل اكثر من ذلك وعليهم العمل معاً لتحقيق الطموحات والمصالح العامة والوقوف بوجه الارهاب وتوحيد المفاهيم الخطابية الوطنية بدلاًعن المصالح الشخصية وبناء الثقة المفقودة بينهم وبين الشعب مع التحرك لاستغلال الدعم الدولي والاقليمي بشكل صحيح لمقارعة الارهاب ومساعدة النازحين وطرح محنتهم على المحافل العالمية لتقدم المساعدات الممكنة للتخفيف عن معاناتهم الصعبة والتي تفاقمت بحلول فصل الشتاء القارص...وبذل الجهود لترسيخ علاقاتنا الدولية عبر سياسة خارجية سليمة متوازنة تمكن العراق من الوقوف بقوة في المحافل الدولية على اساس احترام الاخر والدفاع عن حق الشعوب في تقريرالمصير ودعم اراداتهم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبعض الاخر والعمل بكل جد لفضح ممارسات الدول الداعمة للارهاب وايقاف محاولاتهم الرامية لتعطيل العملية السياسية في وطننا دون مجاملة او مواربة ، ولابد من تلطيف الاجواء ، وكم الاصوات التي تريد جر العراق الى الصراعات الطائفية وتحلم ان تدور العجلة الى الوراء . ولكن نباحهم لا تنقص منا شيئاً.
عبد الخالق الفلاح
كاتب واعلامي
https://telegram.me/buratha