المقالات

قِراءات في وَصِيَّة (2)

1486 20:20:27 2014-11-25

بهذا الصّدد، ارى لو نلتزم بثلاث قواعد أساسية نحقّق بها الغاية المطلوبة:

القاعدة الاولى؛ ان ينشغل كلّ واحدٍ منّا بعيوبه ونواقصه عن عيوب الآخرين ونواقصهم.

يراقب نفسه ويحاسبها بدلا من ان يراقب الآخرين ويحاسبهم، يقسو عليها اذا اخطأت ويعاقبها اذا شطحت، بدلا من ان يقسو على الآخرين ويعاقبهم، يعلّمها اذا جهلت ويقوّمها اذا انحرفت، يحثّها على الاستقامة ولا يبرر لها اذا فشلت.

لسنا بحاجة الى واعظ لا يلتزم بما يعظُ به الناس، ولسنا الى متفيقه لا يتخلّق بما يريد ان يلتزم به الآخرون من اخلاق حميدة، ولسنا بحاجة الى من يعلّمنا أسس الحوار وهو فاشل فشلاً ذريعا في الالتزام بها، فتراه، مثلا، يخرج عن طوره اذا حاججه احدٌ او أستشكل على رايه آخر.
هؤلاء لو ينشغلوا بعيوبهم وأخطائهم ومشاكلهم العقدية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية والفكرية والثقافية عن وعظ الآخرين وتوجيههم، لكان افضل لهم ولغيرهم.

يقول امير المؤمنين (ع) {مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرهِ} ويقول عليه السلام {فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ، وَارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّىءَ أَعْمَالِهِ} وقوله عليه السلام {يَا أيُّهَا النَّاسُ طُوبى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، وَطُوبى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَكَلَ قُوتَهُ، وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُل، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَة!}.
وعن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) قوله {حقٌ على كلِّ مسلمٍ يعرفنا ان يعرضَ عملهُ في كلِّ يومٍ وليلةٍ على نفسهِ فَيَكُونُ محاسبٌ نَفْسَهُ، فانْ رأى حسنةً استزادَ منها، وَإنْ رأى سيئةً استغفرَ منها}.

القاعدة الثانية؛ ان نحاول اولا تصحيح ما نظنّه خطأً عند الآخرين بتصحيحه في انفسنا، وان نقوّم ما نعتقده اعوجاجاً عند الآخرين في انفسنا اولا، على قاعدة الاجتهاد في صياغة النموذج في الذات لنمارس عملية تغيير الآخرين بالفعل وليس بالقول، بالنموذج الحي وليس بالمثاليّات، كما أشار الى ذلك الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) بقوله {رحمَ اللهُ قوماً كانوا سراجاً ومناراً، كانوا دعاةً إلينا باعمالهم ومجهودِ طاقتهم}.
يقول الامام امير المؤمنين (ع) {احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ}.

الا يستحي من نفسه المقصّر عندما ينصِّب نفسه قاضياً في المجتمع؟ فيكفّر هذا ويتهم ذاك ويشكّك في نوايا الآخرين ويتّهمهم ويطعن في التزاماتهم ويستهزئ بعقائدهم وولائهم؟. كيف يجيز البعض لأنفسهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الآخرين وفي المجتمع وينسون انفسهم فلا يأمرونها بمعروف ولا ينهونها عن منكر؟ الم يقرؤوا قول الله عزوجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}؟ ان هؤلاء لا ينفعهم من كتاب الله عزّ وجلّ الا قوله تعالى {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ} فلننشغل بانفسنا يرحمكم الله قبل ان نشغلها بالآخرين.

القاعدة الثالثة؛ ان ننظر الى انفسنا كلما نظرنا الى الآخرين وظننّا بهم سوءاً، لنبدأ دائماً باصلاح انفسنا قبل ان نفكر باصلاح الآخرين.
يقول امير المؤمنين (ع) {أَكْبَرُ الْعَيْبِ أَنْ تَعِيبَ مَا فِيكَ مِثْلُهُ} وقوله عليه السلام {مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاِْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ}.
اذا تجاوز احدٌ هذه القواعد الثلاث بنجاح عندها فليبدأ بتعليم الآخرين وإصلاحهم وتوجيههم ومحاسبتهم، اذ سوف لن يكونَ، والحال هذه، دليل القول المأثور [فاقدُ الشيء لا يعطيه].

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك