كل الشعوب على وجه الأرض، عندما تتعرض للظروف الغير طبيعية، تلجأ إلى خيار الثورة، هذه الثورة تأخذ أشكال عديدة، تارة تكون ثورة إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية، وحسب العلة، أو تنحية الحاكم الظالم من خلال الثورة المسلحة، ونتائج معظم الثورات، تنتج التخلص من الانحراف، بشكل جذري أو جزئي.
العراق كبلد انتقل من الديكتاتورية إلى الحكم الديمقراطي، عاني من سقطات كثيرة، كانت تودي به كبلد، وقد اجتمعت أسباب عديدة، في كل ما حصل، أبرزها النزعة الإنفرادية، التي سيطرت على بعض قياداته، وضعف البعض الآخر، في مواجهة تلك النزعة، بسبب مصالح خاصة أو انحياز حزبي أو فئوي، وعندما وصلت الأمور إلى نقطة مفصلية، حيث احتل الإرهاب ما يعادل ثلث البلد، وانعدم الأمن بشكل مرعب، في كل أجزاء الوطن، وسيطر ألفساد والمفسدين على مفاصل الدولة، وتحكم مجموعة من الفاسدين والفاشلين بمقدرات البلد وثرواته.
تصدت المرجعية لعملية التغيير، وبإسناد ومشاركة قوى فاعلة في الساحة، عانت من التهميش والإستهداف، وحصل التغيير ألمنشود، لكن لم يستمر كما يتضح، ولم يكتمل بكل فصوله كي يثمر، فالخطوات التي تمت لحد اللحظة، لم تستطيع أن تعيد الثقة للشارع العراقي، بالحكومة الجديدة، كون الشارع لم يلحظ لحد الآن، اثر جديد يلامس حياة المواطن بشكل مباشر.
أما ما يتحقق من انتصارات ضد الإرهاب، فلا يمكن أن يحسب للحكومة الجديدة كليا، لوجود مجاهدي الحشد الجهادي، الذي يقودهم قادة لا علاقة للحكومة بتنصيبهم، هم مجاهدون سابقون لبوا نداء المرجعية للجهاد الكفائي. أما القوات الحكومية الرسمية، فمازالت تدار من قبل نفس القادة، الذين تسببوا بكل ما جرى، وهذا الحال ينطبق على الوزارات ودوائر الدولة المختلفة، فمازال المفسدين والفاشلين بنفس مواقعهم السابقة، ويعملون على إخفاء ملفات فسادهم أو معالجتها.
الآمر الذي يجعل المواطن العراقي، يشعر بالخوف من إبقاء هؤلاء، كجزء من صفقة، قد تعقد بين القوى السياسية فيما بينها، أو بين بعضها وبين هؤلاء، خاصة وأن المواطن تعود، من بعض القوى السياسية هكذا صفقات، كانت السبب الرئيس فيما وصلت إليه الأمور، من تعقيد وتشابك، يحتاج التعامل معه بروح الثورة لا بروح السياسة.
أن استثمار التغيير، وتفعيلة بكل مفاصل الدولة، يؤدي إلى نجاح عملية الإنقاذ، خاصة في وزارتي الدفاع والداخلية، والمفاصل القيادية فيهما، حيث توجد لو بيات خطرة، يصل إمتداد بعضها للمجاميع الإرهابية، والتعاون أو العمل ضمنها.
كذا هناك مؤسسات على صلة غير مباشرة بالأمن، هي الأخرى تحتاج للتعامل السريع معها، وتنظيفها من براثن الفساد، أما إبقاء هذه الملفات تحت رحمة السياسة، والاتفاقات فهذا يعني فقدان التغيير لمقوماته، والإبقاء على الأمور كما هي، فالوقت بكل الأحوال، لصالح الانحراف والفساد، خاصة وان الفاسد يجيد ممارسة كل الوسائل، للإبقاء على موقعه، أو على الأقل الإفلات من الحساب، مطلوب ثورة جديدة لاستثمار التغيير، قبل أن يفقد بريقه لدى المواطن العراقي، ويخسر القائمين عليه ثقة الناس..
https://telegram.me/buratha