نتائج الانتخابات النصفية الاخيرة في امريكا قلبت الموازين وغيرت الكثير من التوقعات السياسية وعلى اقلها الشد والجذب الذي سوف نشاهده بين الكونغرس والبيت الابيض في الحد الفاصل للانتخابات القادمة الرئاسية التي سوف تقام بعد سنتين في الولايات المتحدة الامريكية والانعكاسات على السياسة الداخلية والخارجية وعلى الرئيس اوباما ان يُعجل في اتخاذ الاجراءات الضرورية للوصول الى البرنامج الذي خطط ويطمح له خلال المدة القصيرة قبل سيطرة الجمهوريون على الكونغرس بالاكثرية خلال اقل من الشهرين القادمين لانهم (الجمهوريون) غير مقتنعين بسياسة الرئيس الامريكي اوباما الحالية ويتهمونه بزلزلة مكانة هذه الدولة في العالم ويحملونه مسؤولية المشاكل التي حدثت في الشرق الاوسط بسبب عدم وجود حلول مناسبة لتجاوز اللازمات فيها مما ساعد على ظهور الحركات المتطرفة والارهابية وخاصة ( داعش ) وعدم الوقوف بمواجهتهم للحد من نشاطهم وادى الى توسعهم وساعد على افشال مخططات البيت الابيض لتغيير النظام في سورية.
المتوقع ان واشنطن سوف تمر بمرحلة متشنجة وارتفاع في حدة الصراعات بين الحكومة والكونغرس وانتهاء سيطرة الديمقراطيين على هذه المؤسسة خلال المدة الباقية للانتخابات الرئاسية القادمة ويستغل بعدها الجمهوريون الاكثرية وخاصة في لجنة العلاقات الخارجية في ادارة الملفات الدولية ويجبرون الحكومة من ان تغيير في طريقة ادارتها للملفات السياسية والامنية في الشرق الاوسط ويحتمل زيادة تقديم الدعم للمعارضة السورية التي تعتقد انها وطنية وكما تزيد من سرعة تصفية بعض الحركات الارهابية بعد نفاذ الغاية التي تم تشكيلها لعبورها الخطوط الحمر المرسومة والمعدة في الغرف الاستخباراتية للغرب..اما المشكلة الاخرى التي يختلف الاثنان فيها هو الانسحاب من افغانستان فالجمهوريون يعتبرون قرارانسحاب القوات العسكرية الامريكية من كابول خطوة متسرعة وكان يجب ان تبقى هذه القوات كغطاء استراتيجي ومن المحتمل ان تخفف الحكومة من سرعة خروج هذه القوات من افغانستان في الفترة القادمة التي تم تحديدها اواخر السنة الحالية .
ان هذه التحولات قد يعتقد الجمهوريون ضرورة لاعادة الهيمنة والقدرة الامريكية في العالم ومنطقة الشرق الاوسط بالذات لان هذه البقعة هي من اهم المناطق الحساسة والاستراتيجية ويتوقع ان تكون هناك تغييرات على طبيعة سياسة البيت الابيض فيها وطبعاً هناك تفاوتاً كبيراً في المجريات السياسية للحزبين تجاه ادارة الدولة في القضايا الاقتصادية واشدها في الموازنة السنوية سنة 2013 حيث تم غلق الكثير من المؤسسات الحكومية عندما وصلت الى قمة الخلافات بينهما . وكذلك في الامورالاجتماعية والسياسية ايضاً وحسب ما راينا من الحكومات المتعاقبة السابقة لهما والجمهوريون صارمين في اتخاذ القرارات وتميزو بالشدة عكس ماهو عليه الديمقراطيون وهو المرونة والعقلانية كما يتصور في اجرائاتهم ...ومن الامور الطبيعية ان كل الرؤساء في امريكا حالهم مثل جميع الحكام في العالم معرضون الى الانتقاد وعدم الرضا في ادارتهم للدولة ومحاولة اظهار معايبهم خلال حكمهم من خصومهم وكذلك بعد انتهاء مهامهم ومنها السياسات الداخلية .
ولايختلف الرئيس الحالي اوباما عنهم ومن اهم المعايب المأخوذة عليه هو غلق سجن كوانتانامو والازمات العالمية التي خلفها وعدم الثبات في المحافظة على السلم العالمي والقرارات الانفعالية والمتشنجة التي انعكست على الديمقراطيون في النهاية...والجمهوريون لايلزمون انفسهم استعمال القوة في سياساتهم ولكن لا اباء في ذلك عندهم متى ما طلب الامر ويمكن لنا عرض بعض تلك الممارسات ومن اهمها الحرب في فيتنام وافغانستان والعراق واليمن وحرب الخليج ..الخ... ومن المحتمل ان يسعى الجمهوريون للتقرب وفي سبيل تطوير علاقاتهم مع العديد من الدول التي ترتبط معهم في ائتلافات واستراتيجيات موحدة وتواكب مصالحها في المنطقة خاصةً ... وسوف تهتم بتقوية تلك العلاقات مع قطر والسعودية واسرائيل والاردن والتقليل من التوتر الحاصل مع تركيا كما يهمهم توثيق علاقتهم مع العراق ايضاً كي تستمر الشركات العاملة في استخراج النفط وزيادة بيع الاسلحة المخزونة لديها والعمل على المحافظة على مناطق الطاقة تعتبر من الامور المهمة التي تشكلها سياساتهم . و الذي يجب ان يُعرف ان السياسة الخارجية الامريكية مثل البحار المتلاطمة والهائجة في الكثير من الوقت ولكن لاتغيرها الامواج وتبقى غير متأثرة بها ولاتغير مسيرها ابداً وهي تكاد تكون القدرة التي لاتوازيها قوة اخرى ولها منافع استراتيجية في جميع نقاط الدنيا وتشمل القارات الخمسة ولها منافع مبرمجة لاتتغير بمجرد تغيير الحكومة اوتبديل السلطة لحزب...
ان الاجواء السياسية في واشنطن لايمكن الحكم عليها ورغم كسب الجمهوريين الاغلبية في الكونغرس فسوف لا يضمنون الرئاسة القادمة ولكن من المتوقع ومن خلال النتائج التي افرزتها الانتخابات النصفية الاخيرة ان تسرع في المضي بأتجاه كسب اصوات الاكثرية ومن ثم الجلوس على كرسي الرئاسة القادمة للولايات المتحدة الامريكية عن طريق الجولات والتجمعات التي يقيموها في المدن المختلفة ...وعلى كل حال هناك ثلاث ملفات او ازمات كان الرئيس اوباما يأمل من ان ينجح في انهائها اولها المحادثات الامريكية الايرانية للوصول الى نتائج تفيد وبشكل عادل جميع الاطراف . والثانية القضية الفلسطينية الاسرائيلية . والثالثة الملف السوري ووقف النزيف الدموي بعيداً عن الاطماع والسيطرة ولكن بقت تراوح في محلها رغم حلحلة البعض منها مثل المحادثات النووية الايرانية الامريكية والتي يستمر الجانبان في بذل الجهود للتقدم في محادثاتهم وخاصة الجانب الايراني الذي يصر لتجاوز الخلافات وفي رفع الحظروالعقوبات المفروضة عليها والحفاظ على حقها في التخصيب بالنسب والمعدلات التي تقرها القوانيين الدولية لتطوير الطاقة الكهربائبة والانتاج الصناعي والطبي وهو حق مشروع تقرها كل الشرائع والاتفاقات الدولية المنصوصة عليها في الامم المتحدة ووفق ماتقره المنظمة الدولية للطاقة النووية وقد اعترف رئيسها يوكيا امانو بخلو منشئات ايران من الانحراف ...
عبد الخالق الفلاح
كاتب واعلامي
https://telegram.me/buratha