المقالات

عاشوراء (10) السنة الثانية

1468 00:52:55 2014-11-04


{اَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَنْ يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْق فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ}.
هي ليست أمنية، بقدر ما هي مشروع حقيقي يتطلّب أدوات فعليٌة تمكّن المرء من ان يلتزم بنهج أهل البيت عليهم السلام، كما قال أمير المؤمنين (ع)؛
انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدىً، وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدىً، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا، وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا، وَلاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا.
لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ! لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً، قَدْ بَاتُوا سُجّداً وَقِيَاماً، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!. 
كيف؟.
أولاً: انّ منهج أهل البيت (ع) ليس بالمنهج المثالي أبداً، وإنما هو منهج واقعي يعتمد الظرف الزمكاني في كلّ شيء، لانه الاسلام الحقيقي الذي بعثه الله تعالى رحمةً للعالمين.
ولو كان منهجاً مثالياً او نظرياً يصعب الالتزام به لما احتجّ الله تعالى به علينا لانّه تعالى الذي خلق الانسان ويعلم مكنونهُ لا يمكن ان يحمّله فوق طاقته او يسأله عمّا هو خارج ارادته او حتى حاجته، لانّ ذلك خلاف عدل الله تعالى كما انه خلاف رحمته بعباده، وهو الّذي يعلمنا ان ندعوه بقوله في محكم كتابه الكريم {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

انّه نهجٌ انساني قبل ان يكون نهجاً دينياً، واتحدّى احدٌ ان يدّعي ان نهضة الحسين (ع) مثلاً كانت خارج الإرادة الانسانيّة او انّها كانت مثاليّة او خارج حاجات الزمان والمكان، بل الزمان المطلق والمكان المطلق، ولعلّ اكبرُ دليلٍ على ذلك هو انّ كلّ الثورات وحركات التحرر وعلى مرّ التاريخ استلهمت منه دروس الكرامة والتحدّي والثّبات بغضّ النظر عن هويتها، كما انّ الذين كتبوا عن الحسين (ع) وعاشوراء وكربلاء انطلقوا من وعيهم الإنساني قبل ان ينطلقوا من ايّ شيء آخر، ولذلك لم يَحُد كتاباتهم لا دين ولا مذهب ولا إثنيّة ولا لون ولا تاريخ ولا جغرافيا.

ثانياً: انّه نهج يعتمد العقل والدليل والمنطق، ولذلك صمدَ بوجه كل التحدّيات مهما كانت دمويّة وقاسية، فلو انّه كان نهج الخرافة واللاعقل واللامنطق لانهار منذ زمن بعيد، فانّ شدّة ما واجهه من تحدّيات ما كان ليصمد أمامها ويستوعبها ويمتصّها لولا انّه نهجٌ يعتمد العقل والمنطق والحوار.

ثالثاً: انّه نهج يعتمد العلم والمعرفة والإدراك والشموليّة في الاطلاع، وفي الأسفار العظيمة التي خلّفها لنا أهل البيت عليهم السلام في مختلف المجالات دليلٌ عظيمٌ وقاطع على ذلك، فهم لم يتحدّثوا عن جانب من العلوم على حساب الجوانب الاخرى، او انّهم يهتمّون بجانب ويتجاهلون آخر أبداً، انّهم بابُ علمِ رسول الله (ص) الّذي قال عنه أمير المؤمنين (ع) {علمني حبيبي رسول الله (ص) الفَ بابٍ من العلم يفُتح لي في كلّ بابٍ الفَ بابٍ من العلم} اي ما مجموعه مليونَ بابِ علمٍ، فكم هي عدد العلوم مجتمعة التي اكتشفها وتوصّل اليها الانسان وفي القرن الواحد والعشرين؟ هل تعدّت الألف باب؟ ألفين؟ خمسة آلاف؟ عشرة؟ كم؟.

رابعاً: انّه نهجٌ يعتمد حرّية الاختيار، فهو (المذهب) الوحيد من بين كلّ مذاهب المسلمين الذي انتشر وصمد وبقي لحدّ الان من دون ان تتدخل بذلك السلطات الحاكمة، بل العكس هو الصحيح، فهو المذهب الوحيد الذي ظلّ دائماً هدفاً لسهام السلطات وحروبها الدمويّة.

انّه نهجٌ يتسلّل الى العقل والقلب بلا استئذان، ومن دون جبر او تخويف او اكراه، انّه نهجٌ ينتشر من دون ان يرصد له احدٌ خزينة ما، انّه نهجٌ ثمنُ الانتماء اليه وتبنّيه والإيمان به دماء ودموع وأيتام وأرامل، لانّه نهجٌ يعتمد العلم والاخرون يعتمدون الجهل، انّه يعتمدُ قوّة المنطق والاخرون يعتمدون منطق القوّة، انّه يعتمد العقل والاخرون يعتمدون الهوى.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك