لا تخلو أغلب المجتمعات من ظاهرة التحرش الجنسي، ولو على نحوٍ متفاوت، بين مجتمع وآخر، بل بين أصغر التجمعات التي توجد فيها المرأة، وتختلف نوعية التحرش من مكان إلى أخر، وحسب نوع المكان ومتطلباته.
يعتقد أغلب الباحثين في علم الأجتماع، أن إنتشار ظاهرة التحرش تقترن بشرطين، أولهما: ذكورية المجتمع، ثانيهما: أُمية المجتمع؛ لكن في مقالنا هذا سنعرض حصول هذه الظاهرة في مجتمع يخلو من هذين الشرطين، ألا وهو مجتمع التربية والتعليم.
يُعتبر مجتمع التربية والتعليم، مجتمع مثقف وواعي ومتحضر، ولا يتصور أحد أن يخترقه فايروس التخلف والإعتداء على الأخر، كذلك ويفرض هذا المجتمع إحترامه على جميع المجتمعات الآخرى، حتى السياسية منها، بشقيها التشريعي والتنفيذي، فالمشرعون يهتمون بهذا المجتمع، فيشرعون كل ما من شأنه تطويره، وأما الجهات التنفيذية فقد جعلت منه حرماً أمنا.
إنتفى التطوير وأختفى الأمان، فقد بدا دخان التحرش ظاهراً للعيان، وبدأت رائحته تصل إلى كلِّ أنف، حتى صاحب مرض الجيوب الأنفية، لأن ناره التي بدأت تحرق قلوب الشباب، إستعرت على أوجها، فما عاد يكفيها حد إلا الإخماد، بإتخاذ الحكومة لإجراءات سريعة ورادعة، وإلا فإننا سنعود بالمرأة الى زمن الجاهلية.
نعلم أن لأعضاء الهيئات التدريسية حصانة إعتبارية، وضعها لهم القانون، ونظرة المجتمع المحترمة لهذه الفئة، فما رعوها حقَّ رعايتها، ورضوا أن يكونوا من هدمة المجتمع وليسوا من خدمته، حيثُ يمارس أعضاء الهيئات التدريسية وخصوصاً أساتذة الجامعات، إبتزاز الطالبات ومساومتهن للنزول عند رغباتهم الدنيئة، مستغلين مسألة النجاح والرسوب، أو القبول في الدراسات العليا، حتى غدت غرف الأساتذة، بؤرة للفساد الأخلاقي، وإبتزاز وإغتصاب الطالبات.
قصص وحكايات كثيرة يرويها الطلبة الذكور، الذين تعرضت حبيباتهم وزوجات المستقبل، لحالات الإبتزاز والإغتصاب، وما أسكتهم عن الأنتقام إلا توسلاتهن بالستر، وعدم إيصال الخبر إلى أهلن، الذين سيقومون بمنعهن من الإستمرار في الدراسة؛ هذا الذي دعا في نفس الوقت الإساتذة المحترمون! أن يتمادوا في تصرفاتهم ومضايقتهم للطالبات اللواتي في أعمار بناتهم.
نحن لا نتهم جميع الأساتذة، ولكننا لا نبرئ أكثرهم، ونطالب زملائهم من الأساتذة الشرفاء أن يفضحوا المسيئين، بكل ما أوتوا من قوة، وأن يبلغوا عليهم الجهات المختصة لأجراء اللازم.
https://telegram.me/buratha