بسم الله الرحمن الرحيم:
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.) القصص -77
الأمة الإسلامية على مشارف العيد والعيد جزء من الهوية الإسلامية وهو بمعناه اللغوي يعني التجديد وعود الإنسان المسلم إلى تجديد العهد والولاء لربه لأن يسلك الطريق المستقيم . طريق الإيثار والتعاطف والمحبة والسلام ، والكلمة الطيبة، وتفقد إخوانه وأصدقائه، ومساعدة الفقراء والمحتاجين إذا كان باستطاعته ذلك .
ومراجعة الذات من أهم صفات المسلم الحق، والرجوع إلى نبعها الصافي لتطهيرها مما علق بها من أدران أمر طالبنا به إسلامنا الحنيف ، لكي ننطلق في الحياة بهمة عالية ، ونفس صافية، وروح وثابة تتعاطى إيجابيا مع أخوانها في البشرية لزرع الخير والمحبة والصفاء والوئام بين المسلمين وغير المسلمين. وفي وطننا العراق الجريح يحاول الدواعش الأوغاد دق إسفين بين مكونات الشعب الذين عاشوا في تربة العراق الطاهرة لآلاف السنين ، وتقاسموا فيه رغيف الخبز ، وتعاطفوا في المسرات والأحزان مع بعضهم البعض ، ونبذوا العصبية والضغائن والأحقاد .
والعيد هو الميدان الحقيقي لآنتصار الإنسان على كل سلوك منحرف يقوده إلى الهاوية . ويجعله عدوا لبني جنسه وعدوا لنفسه كذلك . وحين تتجدد الحياة ، تتفتح النفس الإنسانية لتقضي على نوازع الإثم والعدوان في داخلها . لأن الله جلت قدرته هيأ لهذه النقس الإنسانية اللوامة ومنحها الإرادة لفعل الخير . وبما إن العيد هو مناسبة إسلامية كريمة جليلة تنطلق فيه المشاعر الإنسانية الخلاقة نحو الفضيلة وحب الناس ومصافحتهم وتقبيلهم وتبادل التهاني والتبريكات معهم ، ونشر روح التسامح والإخاء بينهم فلابد لكل مسلم أن يدرك ماله وما عليه ، وأن يحاسب نفسه في هذه المحطة من محطات الحياة المهمة وبدون هذه المشاعر الإنسانية والأخلاقية الرفيعة تصبح الحياة صحراء قاحلة ، وجحيما لايطاق لأن رسول الله ص دعا إلى ذلك وهو تعبير عن ثقافة الأمة وهويتها ومبادئها السامية .حيث احتفل المسلمون الأوائل وعلى رأسهم رسول الإنسانية الأعظم محمد بن عبد الله ص بعيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة بعد رحلة الصوم في شهر رمضان المبارك ، واحتفلوا بعيد الأضحى في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة . وأصبح هذان العيدان جزءا من حياة المسلمين كل عام .
وبما إن الإسلام هو دين الرحمة والتعاطف والتكافل فقد جعل الإحتفال بالعيد مرتبطا بمعان أخلاقية عالية ونبيلة ، ومتعلقا بعبادة ترفع من شأن الإنسان المسلم ، وتوثق عرى الروابط الأسرية والمجتمعية . ومن حق الصغير والكبير أن يجدد ملابسه ، ويعطر جسمه ، ويشرح نفسه ، ويلقي همومه جانبا ، ويشكر الله على مامنحه من نعمة الحياة . ومن حق المنكوبين على أيدي برابرة العصر على دولتهم الغنية أن تبذل كل مافي وسعها لإنقاذهم من المأساة الكبرى التي حلت بهم. هؤلاء الذين شردهم الإرهاب الداعشي المجرم فتركوا الديار وهاموا على وجوههم في البراري لايلوون على شيئ لكي يشعروا بأن هناك من يرعاهم ويفكر بهم في وطنهم الذي هُجٍروا فيه. وفي صلاة العيد تتجلى تلك المظاهر الإنسانية بأبهى منظرها حيث ترتفع نداءات ألله اكبر والتسابيح الصافية الطاهرة النابعة من نفوس خاشعة متوجهة إلى الله رافضة كل مايسيئ إلى سمعة هذا الإسلام الكريم من بعض المنحرفين المنتمين إليه ظلما وعدوانا . ليثبتوا إنهم صف واحد ضد كل آثم ومعتد على حرمات المسلمين ودمائهم وكراماتهم وأعراضهم . فلا إيذاء ولا فسوق ولا سفك دماء ، ولا غش ولا قول زور ولا انتهاك للحقوق ، ولا أكل السحت الحرام. تلك هي مبادئ الإسلام الحقة التي أمر بها الله ورسوله الكريم ص¨.
إن الشعب العراقي ينتظر الكثير الكثير من حكومة الدكتور حيدر العبادي على الصعد الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والخدمية .
حفظ الله العراق من كل سوء. ولشهداء العراق الرحمة .
جعفر المهاجر / السويد
https://telegram.me/buratha