الشراكة تستند إلى طرفين أو أكثر، بينهما عهود وعقود ومواثيق، تحكم شراكتهم، وعلى كل طرف من المتشاركين، واجبات وله حقوق، والحفاظ على توازن هذه المعادلة، يضمن استمرار الشراكة. العراق كبلد متعدد الأعراق والأديان والطوائف، أريد لهذه المكونات بعد التغيير، أن تتشارك في إدارته وإعادة أعماره، وسط هواجس ومخاوف مختلفة لدى كل مكون، هذه الهواجس كانت أقوى من حسن النية، الذي تعاملت به الأغلبية منذ السقوط لليوم، فعندما توجه المرجعية مثلا، بأن يصف ممثلي الأغلبية في العملية السياسية، أبناء السنة بأنهم أنفسنا، وتصف رئيس الجمهورية الكوردي، بأن صمام أمان للعراق والعراقيين، يعبر عن حرص لتهدئه الهواجس، وخلق بيئة مناسبة للتعايش بين مكونات الطيف العراقي.
قرنت هذه الدعوات بالأفعال، فعندما كانت زيارة العتبات المقدسة في كربلاء قد تكلف الشيعي روحه، وعندما تعرضت المراقد المقدسة للانتهاك والهدم، وبالخصوص ضريح الإمامين في سامراء، وقبلها ما حصل في جسر الأئمة، كانت المرجعية والقيادات السياسية للشيعة، تطلق نداءات التهدئة واستيعاب الحدث، وعدم توجيه اتهام لأي مكون من مكونات الشعب العراقي، لكون الإرهاب لا دين له.
اليوم حيث المذابح والتهجير والقسوة، التي لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيل، وشملت كل مكونات الطيف العراقي، عدى المكون السني على الأغلب، ولعل سبايكر وتلعفر وسنجار والطوز وأمرلي وسواها، شواهد حقيقية لما ذهبنا إليه، رغم ذلك لم تصدر أصوات، أو نداءات تتهم أي طرف، حتى من أثبتت الوقائع مشاركته بهذه الجرائم، بأي وسيلة أو سبيل، خاصة بعد سقوط الموصل، وكيف استقبل أهلها الهائمات البشرية، التي حملت انتماءات دولية كثيرة، وكذا عشائر صلاح الدين الذي قتلت جنود سبايكر، وأسرت بعضهم وتساوم اليوم عليهم.
لكن عندما حصل اعتداء على جامع مصعب بن الزبير في ديالى، انبرى ساسة المكون السني، وعلقوا مفاوضات تشكيل الحكومة، ووجهوا التهمة بما لا يقبل الشك، إلى مليشيات شيعية ومدعومة، وذهب بعضهم إلى أنها، تتلقى توجيهات من خلف الحدود، وهذا الحال أيضا ينطبق، عندما يحصل حادث جنائي في البصرة مثلا، ضد أي شخص ينتمي للطائفة السنية، ويصبح الإرهاب له دين ومذهب.
مواقف ممثلي المكون السني هذه تبرر من قبلهم، على أنها تناغم مع جمهورهم وشارعهم، وكأن الأخر الذي دائما يصف الإرهاب، بأن لا دين له لا جمهور لديه، وان جمهوره ساذج، وممكن أن يتحمل مواقف التهدئة، مع الآخر إلى ما لانهاية. مع الحراك المدعوم محليا وإقليما ودولي،ا لفتح صفحة جديدة من العمل السياسي، بين مكونات الشعب العراقي، وسير مفاوضات تشكيل حكومة شراكة وليس مشاركة، كما يريدها السنة.
على المفاوض الشيعي أن يلزمهم، بأن يكون الإرهاب لا دين له، أينما نفذ جرائمه، وفي أي وقت وان يكون هذا نهج، الغرض منه تربية الشعب بكل طوائفه على هذه الحقيقة، فمن يقتل ويهجر حتى لو كان منتسب لدى الدولة، هو إرهابي لا يدين بدين، ولا يؤمن بمذهب، والقانون هو من يحاسبه على أفعاله، وعندما تبنى الشراكة على هذا الأساس، فالأمل كبير بتجاوز محنة العراق.
أما بقاء الأمور كما هي ألان، فلا نتوقع تحقيق أي استقرار، ولا يمكن أن تتعايش مكوناته مع بعضها، مهما دفعت الأغلبية من أثمان وتنازلات، فالأخر يريد أن يكون شريك بالمكتسبات، مع حفظ دم جمهوره، وعلى الأغلبية أن تدفع دم، وتتنازل عن استحقاق جمهورها، وكل طموحها وأهدافها إرضاء شركاء المكتسبات لاغير...
https://telegram.me/buratha