محمد مكي آل عيسى
كان هذا الشهر الكريم الفضيل في السنين التي مضت علينا شهر الصبر وشهر البذل والطاعة والورع شهر جهاد النفس الأكبر الشهر الذي نحسب فيه حسابا للصوم وحسابا للحر وحسابا للتعب.
وقد أضحى هذا الشهر اليوم ذو نكهة مميزة نحسب فيه حسابا فوق كل تلك الحسابات حسابا جديدا للجهاد الذي فرضه الله تعالى لخاصة أوليائه . . .
وهذا الأمر يذكرني بأن أول ملحمة جهادية قتالية خاضها الرسول الأكرم ص كانت في هذا الشهر الفضيل معركة بدر في السابع عشر من شهر رمضان.
ولا أعتقد أن الأمر مجرد إتفاق . . . وليس عند الله موضع للصدفة
بل أن الأمر جرى بتخطيط إلهي لتكون معركة بدر في هذا الشهر الكريم .
حيث أن لهذا الشهر دور في رفع عزيمة المؤمن وإرادته وبالتأكيد فإن من له عزيمة وإرادة صلبة سيكون في سوح الوغى أشد ثباتا وأكثر رسوخا.
وإن الذي استلهم القوة والصبر من هذا الشهر فهو على الوقوف في ساحة المعركة أقوى وأربط جأشاً وقد بين الله تعالى منزلة الصبر وأهميته في المعركة وبالذات في بدر الكبرى فقال :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ* الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) 65 66 الأنفال
وبلا شك فإن صبر الصائم أكبر وأعظم من صبر غيره .
ولأن معركة بدر الكبرى هي أول مواجهة بين المعسكر الإسلامي ومعسكر الكفر فكان لا بد أن ينصر الله فيها المؤمنين ويوفقهم لذلك ليعزز الإيمان في قلوبهم فيثبتوا على دينه ويتيقنوا من أن جند الله هم الغالبون :
(وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
وبالوقت نفسه فإن الله لن يجعل هذا النصر جزافيا ً, هبة ًمن عنده وهم لا يستأهلوه .
فلا بد أن يهيئ الله لهم الظرف المناسب فيستثمرونه فيأتيهم بالنصر من عنده
لذا كان شهر رمضان العامل المهم في دفع عجلة المعركة نحو نصر المسلمين وهزيمة أعدائهم ففيه جميع مقومات النفس الإنسانية لخوض الجهاد الأصغر وتتمكن فيه وتثبت حيث أنها أصلا تعيش الجهاد الأكبر في هذا الشهر.
ومن يعيش الجهاد الأكبر فهو على الجهاد الأصغر أقدر.
ونعود لمرجعيتنا الموفقة التي سددها الله لتعلن الجهاد الكفائي على أعتاب هذا الشهر الفضيل فهل ذلك صدفة ؟؟
أبدا بل تأييد من الله لهذه المرجعية لتتخذ القرار في الوقت المناسب الذي يضمن التعبئة الشعبية اللازمة لتحقيق النصر على قوى الظلام (( فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ )) المائدة : 52
https://telegram.me/buratha