عبدالله الجيزاني
أصعب شعور يعاني منه الإنسان، عندما يتصور الآخر، أن ترفعه وحسابه للمصالح العليا، ناجم عن ضعف وعدم قدرة، وأصعب منه عندما يجد الإنسان كل الإمكانات والقدرات لديه، لكن هناك أهداف أسمى وأعلى تفرض عليه، أن يلتزم جانب السكوت والمهادنة، رغم ما يتعرض له من انتهاك وتجاوز.
الشيعة على مر تاريخهم كانوا ضحية الشعور بالمسؤولية، والحرص على بيضة الإسلام، وتجنب سفك الدماء، حتى وصل الحال إلى أن يسفه الآخر عقائدهم، لهذا السبب ولغيرة.
لذا تجد من يقول أن العقيدة المهدوية، نشأت بسبب معاناة الشيعة من الظلم والتهميش، والمواجهة ذلك تم ابتكار العقيدة المهدوية، لتسليه النفوس وزرع الأمل فيها..!
وكذا طعن في التقية التي يلجأ إليها الشيعة، عندما يحصل تزاحم بين القيام بوجه الظلم وبين تحمل الظلم، لأجل المصلحة العليا للأمة، وفي التاريخ نماذج وأدلة كثيرة تعبر عن هذه الحقائق.
بعد 2003 إلى اليوم تحمل الشيعة، وهم الحكام الكثير من الدماء والتهجير، قدموا التنازلات وضحوا بالاستحقاق، والهدف الحفاظ على الوطن ووحدته الجغرافية ونسيجه الاجتماعي، نعم ارتكبت اخطأ واخطأ ممن تصدوا للمواقع في الدولة، لكنها لا ترتقي في كل الأحوال إلى معشار ما جرى بحق الشيعة من إخوانهم وشركائهم في الوطن، كي يحول بعضهم بيته إلى مأوى للقتلة والمجرمين من شذاذ الأفاق، ممن لفظتهم بلدانهم ليتحولوا إلى هائمات، لها شكل الإنسان لا تفهم إلا لغة القتل والسلب والنهب.
حصل ما حصل في الموصل، وقدم الأجانب من خلف الحدود، وأعدادهم لا تتجاوز بضعة مئات، كيف تمكن هؤلاء من السيطرة على المحافظة الثانية في العراق، ثم تمددوا إلى تكريت وكركوك وغيرها، أن لم يكن اغلب أبناء الموصل معهم،
وهنا وضع الشيعة في اختبار جديد، أما الاستمرار بما هم عليه من السكوت على المحتل، ومن وفر له المأوى والدعم ، والنتيجة ضياع العراق كبلد،، وإذلال الموصل والشرفاء من أهلها، وانتهاك الحرمات، تحت عناوين الجهاد، بالاعتداء على الأعراض وسلب الأموال، أو مواجهة الهجمة وضرب كل من يكون جزء منها.
وتصدت المرجعية لتعلن فتوى الجهاد الكفائي، تلك الفتوى التي لم تصدرها حين استهدفت مقدسات الشيعة، ولم تصدر حينما قطعت الطرق على زوار أمير المؤمنين وأبي الشهداء، وحينما هجر الشيعة من ديارهم، واغتصبت أموالهم وأعراضهم، هذا ينفي الصبغة الطائفية التي يحاول البعض صبغ هذه الفتوى المباركة فيها، خاصة وان النداء وجه لكل عراقي قادر على حمل السلاح.
هنا على الشيعة ممن استجابوا لنداء المرجعية، أن يصنعوا ملحمة تثبت لمن تصور، أن سكوتهم سابقا كان عن ضعف، من خلال صولات حيدرية، لدك أوكار الإرهاب، وحواضنهم في كل العراق، وعدم الالتفات للأصوات النشاز التي تحاول أن تفت من عضدهم، من خلال الإشاعة والدعاية والشعار الفارغ، واستثمار هذه الفتوى، لنفض غبار طالما استخدم ليذر في عيونهم من قبل الآخر، تحت لافتات لا يؤمن من يرفعها بحرف منها.
أما بقية مكونات الشعب العراقي، وبالخصوص أنفسنا السنة، ندعوهم هم الآخرين لاستثمار هذه الفتوى للتبرؤ قولا وفعلا من التكفير والبعث والإرهاب، والالتحام مع أخوانهم في الدين والوطن، فلا نظن أن تسامح الأمس، سوف يستمر بعد هذا الفتوى، لأنها فكت التداخل بين الإرهابي والمسلم، وسيعامل كل حسب معسكره....
https://telegram.me/buratha