عبدالله الجيزاني
التجربة خير برهان، هذا ما سار عليه العقلاء في تسيير الأعمال المكلفين بإدارتها، وهكذا أصبح للخبرة اثر ودور في النجاح في أي مجال كان، وميز أصحاب الخبرة عن غيرهم. العراق بعد عام 2003، في ظل عملية بناء جديدة من الأساس، كانت لمكونات المجتمع العراقي هواجسها، التي تخشاها أو تسعى إليها.
تم طرح موضوع إشراك كل مكونات المجتمع العراقي في العملية السياسية، حسب نسبة وجودة، حيث كانت هذه العملية علاج لغرض تخفيف وكبح جماح، هواجس مكونات المجتمع العراقي، ورغم هذا كانت هناك أزمات، تم تجاوزها من أصحاب الحكمة والحنكة في حينها.
حتى عام 2008 تقريبا ظهرت بوادر التفرد لدى الحاكم، مما اوجد فرصة لهواجس المكونات الأخرى، لتجد مبرر لتطرح بشكل علني، وهكذا بدأت الأزمات تتوالى، مع جنوح كبير من الحاكم نحو الانفراد أكثر، وصنع فريق من المتملقين من عبيد الأصنام، ساسة لا يجيدون من السياسة إلا التملق للأقوى، وقيادات مدنية وعسكرية بعثية، تظهر الولاء والطاعة التامة للحاكم، تارة لضعفها بسبب تاريخها، وأخرى لإخفاء الأجندة التي تعمل بها.
رويدا رويدا انفرد هؤلاء بالحاكم، وجعلوا أكثر المخلصين من رفاق الدرب وشركاء التاريخ، أعداء في نظر الحاكم، لينشغل بهم ويترك المجال لهؤلاء لتنفيذ أجندتهم، ونشر الفساد والإفساد في مؤسسات الدولة، وليتحول معظمهم إلى مملكات مالية من السحت الحرام، لينقلب تطبيق القانون بشكل كامل، حيث تحول الاجتثاث من ألبعثي ألصدامي إلى المجاهد، وجمد القائد والمسؤل المخلص، أو وضع تحت إشراف وقيادة ألبعثي والفاشل، ليتم تجميده بشكل تام.
لتظهر نتائج كل هذا في ما حصل بالموصل، أكثر من فرقتين من الجيش والشرطة إضافة للشرطة المحلية، وتقاد من ثلاث قادة برتبة فريق ركن، تترك كل ما لديها من أسلحة واعتده ومليارات الدنانير، وتهرب أمام 600 مجرم، وتتوالى هزائم الجيش والشرطة بدون اي مواجهة..! لمجرد إشاعات ودعايات وحرب إعلامية.
بعد هذا ماذا يقول الحاكم.؟ وبماذا يفكر وهو يجد خير قادته، كما يعتقد يتخاذلون بهذه الطريقة المخزية والمخجلة، هل سيعيد النظر بكل تصرفاته وأفعاله مع شركائه وإخوانه.؟ فإذا كان لا يحتمل الشريك في الفضاء الوطني، لأسباب يبررها بطمع البعض، ورفض البعض لحكمه وحكم طائفته، بماذا يبرر اجتثاث إخوانه وشركائه بالتحالف الوطني.؟ وان كان لديه اختلاف في وجهات النظر مع رأس المكون السياسي، فما علة اجتثاث إتباع هذا الكيان، وهم أبناء مذهبة والكثير منهم كانوا معه، بنفس الخندق في محاربة الظلم والإقصاء والتهميش..!
نعتقد أن ما جرى في الموصل أن لم يكن الحاكم شريك فيه، يحتاج إلى وقفه من شخص الحاكم وكتلته البرلمانية، ومن كل مكونات التحالف الوطني، بضرورة وضع خطوط حمراء أمام أي حاكم، لا يحق له تجاوزها، خاصة وان هذه الخطوط موجود بالدستور العراقي، أبرزها تحجيم دور البعث في العراق الجديد، ومنح القادرين من المجاهدين المواقع القيادية وخاصة المفصلية منها.
وأيضا التحريم على الحاكم التعامل مع أبناء الأغلبية، على أساس الانتماءات السياسية، لكون الأغلبية اليوم هي المعنية بإدارة البلد، وأي فشل أو انتكاسة تعود عليها، وعلى العقيدة التي تنتمي لها سلبا، أيا كان انتماء الحاكم السياسي....
https://telegram.me/buratha