قيس النجم
سقوط مدينة الموصل في يد الإرهاب, وهي ثاني اكبر محافظة, بعد العاصمة بغداد من حيث السكان, ويقطنها ما يقارب (3,513,215), ذات تاريخ عريق, يرجع الى ألالف الخامس قبل الميلاد؛ وتعتبر من أهم المدن التاريخية في العراق, لكونها عاصمة الإمبراطورية الأشورية في قمة توسعها, وموقعها الاستراتيجي, حيث ترتبط حدودها مع الجارة سوريا, التي تعاني القتال مع الزمر التكفيرية منذ سنتين, وكذلك بباقي المحافظات العراقية, التي تنتفض بين الحين والأخر؛ بسبب الخلايا النائمة, وهي بإنتظار الفتيل, لتمارس نشاطها, في زعزعة الأمن والإستقرار.
محافظة نينوى محمية من ثلاث فرق عسكرية, وفرقة رابعة من الشرطة الاتحادية, أختفى جميعهم بسرعة البرق, لتسلم هذه المدينة على طبق من ذهب دون مقاومة, الى أحضان داعش!.
نقف على شفير حرب, نحن في غنى عنها, وكارثة إنسانية يدفع ثمنها الأبرياء, وأيضاً هي فرصة سوف ينتهزها الضعفاء؛ لتصفية الحسابات المذهبية, لاسيما والنظرة الخاطئة لدى المتشددين, والطائفيين من الطرفين (السني والشيعي), ستكون وبالاً على أبناء الشعب المجاهد الصابر, إنها نكبة حزيران جديدة, مثل التي حدثت في مصر سنة (1967), وهذه المرة في العراق!, كارثة كبيرة يندى لها الجبين, ووصمة عار يسجلها التاريخ, على المسئولين الذين قادوا البلاد, الى هاوية التشتت والانقسام.
سقوط نينوى بين ليلة وضحاها, مفاجئة من العيار الثقيل!, ولدّت الكثير من التساؤلات الغريبة؛ التي حيرت جميع العراقيين, بكل مكوناتهم, هل هو تواطؤ مقصود؟, أم نتاج دكتادورية جديدة؟, أو هي لعبة كبيرة يراد منها إعلان حالة الطوارئ, واستباحة البلاد, ووضعها بيد الحكومة, التي أعلنت فشلها وإفلاسها! أسئلة كثيرة, تدور حولها الشكوك؛ لماذا هذا التوقيت بالذات؟, ولماذا لم تتخذ التدابير لحمايتها؟, ولماذا هذا التخاذل من قبل القادة الكبار؟, وهم الذين اتخذوا على عاتقهم حمايتها؟!, بيد أنهم فشلوا وبامتياز, على رأسهم الفريق الركن عبود قنبر, قائد القوة البرية, حين هربوا مخذولين الى اربيل؛ متوسلين حماية الأسايش, تاركين مواقعهم, وأسلحتهم!, لقمة سائغة بيد الدواعش.
هذا إن دَل يدَلُ على سوء الاختيار, لهذه الشخوص الضعيفة, ليتصدروا المشهد القيادي العسكري, ويجلسوا على رأس هرمه, وأغلبهم غير كفوئين رغم رتبهم الكبيرة, وأيضا سوء الاختيار, لدى القائد العام للقوات المسلحة, الذي يتحمل الجزء الأكبر من الكارثة, لتصديره مثل هولاء القادة, ونظرته الضيقة, مما جعلته لا يميز بين الصالح والطالح, واعتماده على مستشارين جهلة لا يفقهون شيئاً, سوى الحفاظ على مناصبهم, حتى ولو كان الثمن, هو الوطن والمواطن.
على الساسة الذين وضع الشعب ثقته بهم, الاتفاق ونبذ الخلاف, وتشكيل حكومة مؤقتة, لتصريف الإعمال؛ وإخراجنا من هذا الموقف, الذي سببه سوء التصرف؛ والتفرد بالرأي_ والتعنت_ والكيل بمكيالين, وعليهم أيضاً ألا يعلنوا حالة الطوارئ, كيلا ندخل في دوامة التقسيم.
لابد أن تكون لنا وقفة جادة وحقيقية, لتلافى هذا الوضع المزري, علينا وضع خطة أمنية ستراتيجية سليمة, وإعادة هيكلة قواتنا الأمنية, رغم أنها مجازفة في الوضع الراهن, لكن لابد منها, إذا كانت مدروسة ومحترفة, دون المساس بهيبة الجيش وإضعافه, واستدعاء القادة الميدانيين الحقيقيين, ليتسنموا مناصبهم, بعد تقديم الولاء للعراق, وليس للمذهب أو للشخص, وان يكونوا على استعداد للتضحية, من اجل العراق, رجالٌ شجعان, غير طائفيين, محبون لتربته ومقدساته, ومؤمنون بوحدته, من زاخو الى الفاو.
https://telegram.me/buratha