المقالات

مرونة المالكي و تعنت الصدريين ..حين تستحكم العقدة

1240 20:56:00 2008-04-27

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

اظهر الأستاذ نوري المالكي مرونة واضحة حين اشترط شروطه الأربعة على المليشيات المسلحة بما فيها جيش المهدي . وهي شروط بمجملها تعبر عن مطلب عراقي للشعب و الجهات السياسية للوصول بالبلد إلى حالة دائمة من الاستقرار و بعيدا عن الحلول الترقيعية التي سرعان ما تفتقها الميلشيات المسلحة برصاصها و قتلها العبثي للناس . و ما نقرؤه من كلام المالكي و دفعنها لحمل الانطباع السابق عنه هو أنه لم يتطرق إلى شرط حل جيش المهدي من قبل القيادة الصدرية التي شكلته و ترك ذلك ليتبلور بشكل جماعي و بما يمثل حالة اتفاق وطني على برنامج يتم من خلاله العمل بالقانون و تشريع ما يلزم لمعالجة بعض الجزئيات . لهذا اكتفى رئيس الوزراء بضرورة تسليم الأسلحة الثقيلة و الخفيفة و عدم التدخل بعمل الأجهزة الأمنية و تركها تعمل بحرية لفرض الأمن و الأمان في أية منطقة فلا توجد محميات مليشياوية و لا حزبية في أية بقعة على أرض العراق و تسليم قوائم بالمطلوبين الذين بالأصل تدعي بعض الجهات و تحديدا التيار الصدري أنهم ليسوا منه . ولكن قوبل ذلك برفض مطلق من قبل التيار الصدري الذي بدا واضحا مقدار إصراره على أن يبقى عامل زعزعة للأوضاع و انه يأبى الرضوخ لمنطق العقل في ألا وجود لدولة بجيشين و لا سلطة في موازاة سلطة أخرى . و جاء رد البعض منهم بعد ساعات من إعلان شروط السيد المالكي بما يفيد الآتي في أفضل الأحوال : إن أردت مسدسا خذ مسدسا و إن أردت مدفعا خذ مسدسا . فالتنازل عن السلاح الثقيل من صواريخ و هاونات و مدافع و قذائف متنوعة و ألغام و عبوات ناسفة أمر غير وارد ، لأنه يعني التنازل عن السبيل الوحيد لفرض السطوة و قمع المواطنين و تخويفهم و بدون القذيفة لا تابع لما يعرف بالتيار و من غير عبوة ناسفة لا مجال لاحترام قسري لهم من قبل الناس لا سيما في المناطق المبتلاة بشرورهم . وهكذا ينكشف يوما بعد يوم ما عليه التيار الصدري من ضعف و أن ادعاء التأييد الشعبي له مجرد كلام لا واقع له فمهما بلغ أتباع مقتدى الصدر من عدد و حشد فإن من يضيق ذرعا بهم و يحقد عليهم بسبب ما تسببوا به من كوارث و نكبات للعوائل العراقية يبقى أكثر بكثير من حشود المراهقين و الشقاوات و الصبية المغرر بهم .

إننا نجزم بأن تخلي الصدر و أتباعه عن السلاح أمر لن يأتي طوعا منهم لكونهم يؤمنون بأن لغة السلاح هي لغة التفاهم الوحيدة التي يعرفونها و أن الصدريين سيفقدون في حال التخلي عنه أهم أسباب القوة لكونهم ابعد من أن يراهنوا على تأييد الجماهير لهم . هنا تبدو الحجة في مقاومة الاحتلال هي الشيء الوحيد الذي يجب التأكيد عليه .

ففي اجتماع خاص اقتصر على بعض العناصر القيادية عقد مؤخرا في مدينة الناصرية و اخبرنا ببعض تفاصيله احد المشايخ الذين حضروه و كان حازم الأعرجي احد ابرز القيادات التي حضرته أكد هذا الأخير على استحالة تسليم الأسلحة إلى الحكومة العراقية أو أية حكومة أخرى قادمة ، و أن أبناء الخط الصدري يتوجب عليهم البقاء مسلحين خوفا من اندثار التيار و تهميشه . و أكد أيضا على أن المراهنة على الانتخابات و تصويت الناس مراهنة خاسرة فالشعب العراقي ما زال على حد قوله يعاني من " حالة تخلف " و " عدم وعي " و في أية انتخابات يمكن لبيان يصدر من هذا الأعجمي و يقصد به السيد السيستاني أن يدفع الناس لاختيار الأحزاب الأخرى المعادية للحوزة الناطقة و خط الولي المقدس .. !

بالطبع ليس ثمة ما يدعو للاستغراب و أنا أنصت إلى ذلك الشيخ الصدري الذي حاول بشتى السبل و الحجج الواهية بأن يقنعني أن خيارة إبقاء السلاح ليس إلا لحفظ مصالح الشعب العراقي مستقبلا و طبعا ما يقصده بالشعب العراقي هو أتباع الخط الصدري بل أخص من ذلك فالشعب العراقي الشريف هو أتباع السيد القائد مقتدى الصدر ! هكذا يتم اختزال " الشعب العراقي " و جعله مرادفا للسيد القائد تماما كما كان القائد صدام حسين الذي يرى نفسه العراق و العراق هو لا غير ، و الناس عراقيون بقدر ما يكونون موالين له و عشاق مخلصين في بلاط دكتاتوريته ..

و مما قاله لنا ذلك الأخ في معرض تبريره لحيازة السلاح و عدم تسليمه و الذي جعله من المستحيلات الأربعة إننا إذا سلمنا السلاح فكيف يمكن أن يسمعنا الآخرون ؟ .. و لعمري فهو منطق كل الدكتاتوريات عبر التاريخ التي لا ترى أن ثمة من يطيعها و يتبعها إلا بالقوة و الإرهاب . وحين أجبته بأن ثمة عملية سياسية و ديمقراطية مفتوحة جدا ولله الحمد حتى ليؤاخذ الكثير عليها أنها بحاجة إلى تنظيم و تقنين كونها تحمل في بعض جوانبها سمات الفوضى قال إن الديمقراطية أكذوبة أمريكية و لا يمكن أن نراهن على أكذوبة ..

كلام اجزم أن العديد من العراقيين يسمعونه من أتباع مقتدى الصدر حين تتوفر لهم ظروف معينة و إن عزّت للدخول في نقاش مع بعض تلك العقول الجاهلة و المغلقة و التي لا تريد أن تتفهم الوضع الجديد و لا تسعى إلى الانعتاق من ربقة عقد الماضي و ثقافته البعثية . كلام تحار مع صاحبه كيف يسعك أن تعرّف المعرّفات و توضح الواضحات و أنى لك أن تشرح مفاهيم يعرفها أكثر الناس جهلا في عالم اليوم .. و لكن يبدو أن قدرنا قد قضى علينا أن نعاشر و نعايش نماذج كهذه و عقولا و نفوسا اقل ما يقال عنها أنها تعاني من أمراض مستعصية لا نرى بارقة أمل و للأسف لمعالجتها و الخلاص من شرورها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد عبد الحميد
2008-04-28
الامة التي لا... يولى عليها شرارها ،فالنتوب الى الله سبحانه وتعالى ونكفر عن ما اقترفناه نحن وحتى جيل ابائنا على الاقل ونشمر عن سواعدنا ونحافظ على هذا الفتح الذي تحقق لنا كامتحان على قياس تفاعلنا معه بحكمة وعقل فالاخيار والعقلاء كثيرون مهما شاهدت من اعداد للسفهاء والجهلاء الذي قد يهتدون بهدي الله والمخلصون من عباده وليس ذلك على الله ببعيد .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك