المقالات

الحرب المفتوحة والخيارات الخاسرة

1317 00:47:00 2008-04-22

( بقلم : د. خلود عدنان )

طالعنا البيان الاخير للسيد مقتدى الصدر والذي اعلن فيه ان الحرب ستكون مفتوحة مع القوات العراقية ، ولم نعرف ماهي الحرب المفتوحة التي عناها السيد مقتدى في بيانه ، وكانت وسائل الاعلام خاملة هذه المرة عن ترويج هذا البيان وليس كمثيلاته السابقات من البيانات التي كان المتوقع منها ان تكون فعلا قتلا ضاريا واحداث عنف ان اشتعلت ستحرق العراق جميعا ، ولكن هذه الحسابات جاءت في وقت كان الجميع يتوقع ان يدعو السيد الى التهدئة وضبط النفس كما عودنا في بياناته السابقة ، ويظهر ان اللغة هذه المرة اختلف عن مثيلاتها وان البيان جاء بعد فورة غضب عارمة لم يستطع السيد ان يكتمها فظهر بهذ اللهجة المتوعدة ، والى هذه اللحظة لم يعرف احد ماذا يعني السيد بالحرب المفتوحة وضد من ؟ هناك اكثر من سؤال يتردد في الذهن حول البيان منها :

1- ان توقيت البيان جاء بعد معركة خاسرة لبقايا عناصر جيش المهدي في البصرة والناصرية والتي قامت قوات الامن والشرطة بقمعها والقضاء عليهم وروج جيش المهدي ان القوات الحكومية اقدمت على اعدام عناصر جيش المهدي في سوق الشيوخ بينما روى شهود عيان انهم قاموا بتفخيخ المكتب من اربعة جهات وانفجر ليقع عليهم ، وكذلك في البصرة قام اعضاء جيش المهدي بتسليم المكتب طواعية خوفا ان تحل بهم كارثة ويقضى عليهم نهائيا ، فجاء التوقيت متشنجا ومتألما من خسارته اخر ورقة كان يلعب بها في الجنوب الذي اصبح عصيا على عناصره اختراقه بعد ان كان منفذا جيدا لدخول السلاح ولتهريب النفط الذي يمول به العمليات الارهابية .

2- لم يكن هناك حاجة لأصدار البيان اصلا لأن القتال مستمر دون الرجوع الى اوامر مقتدى وما حدث في الجنوب دليل كبير على ان بيان الحرب المفتوحة لم ياتي بجديد في هذه المرحلة كون المعارك متصلة منذ اسابيع ولم تقف عند حد معين بل تواصلت وبقترات متقطعة وخمدت بعد الضربات القوية الموجة من القوات العسكرية ومطاردة الفلول الهاربة ومواصلة اعتقالهم وتقديمهم الى القضاء ليحاكموا على جميع جرائمهم السابقة .

3- لم يستفد جيش المهدي من الفرصة الذهبية التي اهدتها الحكومة بعد احداث العنف في الجنوب وبغداد وتسليم السلاح وهي فرصة ذهبية كان على جيش المهدي استغلالها كونها وفرت لهم غطاءا للهروب والحفاظ على البقية الباقية من عصاباتهم وفتح باب للحوار مع الحكومة ويكونوا بذلك في مأمن من المطاردة بعد تقديم ضمانات بالقاء السلاح وعدم الاعتداء على المواطنين وعلى المال العام وانهاء عمليات الخطف والقتل والسرقة والتبرء ممن يسيئ داخل التيار او يعمل تحت اسمه اعمالا مشبوهة ومنحرفة واجرامية .

4- هل ياترى يجدي البيان نفعا مع اعضاء جيش المهدي وهل سيلتزمون به ؟ بعد ان اصدر السيد مقتدى الصدر عدة اوامر بضرورة القاء السلاح وعدم الاعتدا على المؤسسات الحكومية وغيرها من الاعمال التي ارتكبها جيش المهدي لكنهم لم يلتزموا بهذه التعليمات وهرعوا الى القتال تاركين اوامره خلف ظهورهم واحرقوا مخازن المواد الغذائية في جميلة وفخخوا الشارع بالعبوات التي انفجرت امام المنازل واتخذوا بيوت الناس الآمنين الذين لاحول لهم ولاقوة وتحت تهديد السلاح واستخدموها كمقرات لهم والتي اصبحت هدفا للضربات لأن القوات العسكرية ترد على مصادر النيران وهكذا حتى قتل المئات من المواطنين العزل بسببهم ، والبيان الذي دعى الى حرب مفتوحة لم يكن له اي نتائج بدليل ان اي حرب لم تقم وما حدث في سوق الشيوخ والبصرة هي نزعات محتضر وتحركات شرذمة صغيرة سرعان ماتم القضاء عليهم ، فأين هي الحرب المفتوحة اذا ؟ ؟

5- الحرب المفتوحة هي استعارة من عبارات السيد حسن نصر الله والتي اعلنها ضد الاحتلال الاسرائيلي ولأن السيد مقتدى خدع اكثر من مرة بالقول والترويج انه حسن نصر الله العراق حيث اعلن في وقت سابق انه مستعد لمساعدة حزب الله في قتاله كما روج له انصاره ذلك وجمعوا بصورة مدبلجة بين مقتدى ونصر في صلاة واحدة والذي جعل منه اضحوكة امام الجميع ، فحزب الله عناصره مدربة تدريبا عاليا وهم من السرايا الجهادية التي لاتتوانى عن نصرة بلدها والقتال ضد الاحتلال الاسرائيلي وهي معركة نبيلة مع عدو واضح ، ومقتدى لايملك هذه العناصر المؤمنة بقضيتها والمستعدة للقتال حتى اخر لحظة وتحيط عملها بسرية تامة واذا قالت وهو يملك عناصر من قطاع الطرق واللصوص وفدائيي صدام واعضاء حزب البعث واجهزة المخابرات الصدامية ، فشتان بين العبارتين وشتان بين الرجلين وبين الحزبين وشتان بين الحربين فالسيد نصر الله اعلنها ضد اسرائيل والسيد مقتدى اعلنها ضد حكومة شرعية انتخبها الشعب وتمتلك مواصفاتها الدستورية والقانونية .

6- اعلان الحرب المفتوحة هو اعلان واضح لتغيير شيئ واستبداله بشيئ اخر، فهل ينوي السيد مقتدى استبدال الحكومة كاملة وتسريح الجيش والشرطة واستبدال جميع الموظفيين في الدولة وتغيير الدستور والعلم وتغيير وجه العراق ككل ، ام ان لديه خيارات اخرى ؟ فالحرب المفتوحة لديها طريق تريد الوصول اليه ونهاية ترسمها لخطتها ولا نعلم ماهي خطة السيد مقتدى الآن ، فهل يحاول تغيير حكومة شرعية انتخبها الشعب كافة ؟ ام يحاول ان يغير كل الشعب واستبداله بشعب جديد من دولة اخرى ؟ فعلية ان يحسب الامور الى اي مدى ستصل ولا يطلق الكلام على عواهنه فان فيها اراقة دماء وموت ابرياء وفيها معارك ستجر على العراق الويلات كما جرتها المعارك السابقة .

7 – هل ادرك السيد مقتدى الصدر ان الحرب المفتوحة معركة لا نهاية لها ،وهل لديه القدرة على المطاولة وهو قد فقد اغلب قواته وانصاره ومؤيديه ؟بعد ان فقد الشارع العراق ثقته به ولم يعد لديه تأييد شعبي كما كان في السابق بعد الاعمال الاجرامية التي قامت بها عصاباته البعثية المجرمة ، ومن اين له المطاولة وقد قطعت عنه امدادات ايران بعدما طرد منها حينما تطاول على السيد الخامنائي واشار انه ينصحه دائما ؟ فهي رسالة خاسرة لحرب خاسرة منذ البداية .

8- اعلان السيد مقتدى للحرب المفتوحة لا يخص جهة معينة حسب فهو لايحترم اي مكون وقد تطاول على المرجعية ووصفها بانها ساكتة واطلق عليها الالقاب الغير اخلاقية وحاول تشويه صورتها امام العالم ولكن هذه العملية انقلبت ضده وفشل في مخططه ، كذلك تجاوز على الحكومة ووصفها بانها حكومة عميلة تتعاون مع الاحتلال بينما الحقائق تؤكد ان جيش المهدي ومقتدى الصدر على علاقة وثيقة مع امريكا وبرطانيا والدليل هو عدم ضرب جيش المهدي لاي قاعدة بريطانية في البصرة فضلا عن دخول الاسلحة من ايران عبر الحدود وبمرأى ومسمع القوات البريطانية والتي تغض النظر لأنه اعطاها العهود والمواثيق بانه لن يتقرب منها وفعلا صدق في وعده واعلن الحرب على العراق باكمله وبلا تمييز .

9- ان الخيار الذي اقدم عليه السيد مقتدى الصدر مصداق واضح للفئة الباغية التي تعتدي على الابرياء وتقتل الحرث والنسل وهو رأي مخالف لجميع الكتب السماوية التي حرمت دم الانسان هذا المخلوق السامي والكريم لدى الله سبحانه وتعالى ، وخالف كذلك سنن الانبياء ووصايا المعصومين وفتاوى المراجع جميعا بما فيهم والده السيد محمد محمد صادق الصدر ، وهو بهذا البيان يضرب المرجعيات بعرض الحائط ويرمي القرآن والسنة ورائه ويقوم بالافتاء بحلية سفك الدماء وقتل الناس ، وهذا العمل لم يلق رضا من جميع المراجع على الاطلاق بما فيهم السيد كاظم الحائري الذي اعلن انه يقلده في فترة من الفترات الذي اوصى بتطهير الارض من خوارج العصر عملاء امريكا والصهيونية ويعني بهم جيش المهدي .

10 – عمد السيد مقتدى الى الحرب المفتوحة منذ فترة بعدما امر بتعليق عضوية النواب وانسحاب الوزراء والعصيان المدني تحت تهديد السلاح وكانت هذه الطرق السلمية الناجحة في كل عمل غير انها فشلت لديه فعمد الى الخيار المسلح والذي نعتقد انه سيجهز عليه نهائيا ولن يبقي له اثرا بعد استهدافه للجميع وحينها سيقف الجميع ضده واعتقد انه استخدم المصطلح الخطأ كعادته في الخلط بين الاوراق ..

وبعد كل ماتقدم نرى ان خيار الحرب المفتوحة خيار خاسر وان الرابح الاكبر فيه هو الشعب العراقي لأنه سيتخلص من حثالة مجرمين وقتلة ارادوا تدمير العراق واحراقه ولكن شاءت ارادة الشرفاء والوطنين الا ان يبقى العراق بيرقا يرفرف فوق الهامات اينما حل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك