المقالات

أسود الرافدين ... ومصائد الثعالب

1807 20:15:00 2007-08-01

( بقلم : حسين المياحي )

عزيزي القارئ الكريم: الفوز الذي أثلج صدور العراقيين، وأعاد إلى شفاههم البسمة، وإلى قلوبهم روح التحدي والإصرار على تحقيق الهدف، سوف تكون له أبعاد وانعكاسات تمتد إلى ما هو أبعد من المستطيل الأخضر، والهدف الذهبي للبطل يونس محمود في شباك المرمى السعودي.

أول هذه الأبعاد هو (الشِّباك الخبيثة) التي نُصبت من قبل العديد من الثعالب الخائبة، لاستثمار الفوز المؤزر، وتسييسه، وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في عالم السياسة، وقد رصدنا في اليومين الماضيين العديد من هذه المصائد البائسة، ولعل في ذاكرتك ـ أيها القارئ العزيز ـ نماذج للعديد من أمثالها.وقبل أن نذكر بعضاً من هذه المصائد (الثعلبية) لا بد من الإشادة بالمشاعر الصادقة التي سارع إلى الإعراب عنها العديد من الشرفاء من القيادات العراقية المخلصة التي لا تشعر بحاجة لتعزيز مواقعها أو التصيد في المياه العكرة، فهي تمتلك رصيداً شعبياً هائلاً، وتاريخاً معروفاً للجميع، ومواقف يشهد بها الجميع.

أما عن المصائد والمكائد، فيكفي عزيزي القارئ أن تتذكر كيف أن قناة بغداد (قناة طارق الهاشمي) لم تكن مهتمة إطلاقاً بمشاركة المنتخب في بطولة أمم آسيا، بل إنها في يوم الأربعاء، وبينما كانت القلوب والمشاعر تهفو إلى لقاء منتخبنا للمنتخب الكوري الجنوبي، كانت هذه القناة تشد الأنظار إلى المؤتمر الصحفي الذي عقدته جبهة (التوافق) وهي تعلن عن مطالبها الأحد عشر التي تهدد فيها بالانسحاب من الحكومة، وهي القناة الوحيدة التي لم تكن تَلمح فيها أي اهتمام بهذا الإنجاز الرياضي، إلا بعد أن أطلقت صافرة النهاية، وأصبح الانتصار أمراً واقعاً، فخرج علينا (طارق الهاشمي) من خلال القناة المذكورة ليطالب الرياضيين بـ (مسيرة سلمية باتجاه المنطقة الخضراء) ليكونوا جنوداً وعبيداً له ولحزبه وجبهته، لتحقيق مطالبهم التي أعلنوها ليس إلا. هذه أولى المصائد التي يحاولون من خلالها استثمار وتوظيف الحدث الرياضي التاريخي، وسرقة هذا المكسب لصالح أغراضهم.المصيدة الثانية: حملة قناة الشرقية، بالتعاون والتنسيق مع حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، الذي بعث طائرته الخاصة لحمل المنتخب إلى دبي، وقد اسبشرنا خيراً في البداية، وقلنا: إنه موقف أخوي يراد من خلاله تعزيز الأواصر الأخوية، وتأكيد الصلات والروابط بين البلدين والشعبين العربيين، ولكن سرعان ما تكشفت الأمور، ولم يعد هناك شيء (مكتوم) ... كل شيء أصبح مفضوحاً وعلى الهواء مباشرة، وإليك أهم الحبال التي نصبت في هذه المصيدة:أ ـ في الاحتفال (التكريمي) عُزف النشيد (الصدامي البعثي) بدلاً من السلام الوطني الرسمي الذي صدح في جميع الملاعب بعد سقوط النظام البائد، وآخرها الملاعب الآسيوية في هذه البطولة، فقد خاض العراق ست مباريات مع تايلاند واستراليا وعمان وفيتنام وكوريا الجنوبية ثم مع السعودية في مباراة الكأس، وقد استمع مئات الملايين من البشر إلى السلام الوطني العراقي الذي كان يعزف في الملاعب، ويردده اللعبون والجمهور العراقي، ولكن (أبو رويشد) وبكل وقاحة، ومن خلال بعض القنوات، ومنها قناة الشرقية (التي يملكها سعد البزاز) أبى إلا أن يعزف السلام الصدامي، ويتحدى مشاعر الملايين من العراقيين الذين دفنوا صدام حسين وذكرياته الدموية البائسة. وقد قام الشيخ في خلال هذا الحفل (بتكريم) المنتخب البطل بخمسة ملايين ونصف المليون دولار (عشرون ألف درهم إماراتي) وهذا جزء يسير من كوبونات النفط العراقية وأموال العراق التي كانت تصب في جيوب الأمراء والشيوخ الخليجيين أيام النظام المقبور. فلا يتصور أحد أن المنتخب العراقي يمكن أن يبيع هذا الإنجاز التاريخي بحفنة من دولاراتهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حتى بأموال الدنيا كلها.ثم إن هذا الرقم لا يساوي شيئاً في نظرنا إذا ما قيس بنسبته إلى ثروة الشيخ محمد بن راشد، وفي حساب النسب المئوية يكون الشيخ عبد الستار أبو ريشة (وهي شيخ عشيرة واحد في العراق) قد تبرع بأضعاف مضاعفة من هذا، دون أن يدفعه لذلك سوى شهامته وغيرته على العراق وحبه لأبنائه.ب ـ بعد لحظات من إطلاق صافرة النهاية أعلنت قناة الشرقية، أن (سعد البزاز) تبرع لكل لاعب من المنتخب بكأس ذهبية، ونحن وإن كنا لا ندري بوزن وحجم الكؤوس، ولعلها (ميداليات) صغيرة لا تساوي شيئاً، لكننا لاحظنا شيئاً غريباً علينا، وليس غريباً على الشرقية، وهو أن القناة كانت تطرح السؤال التالي على اللاعبين واحداً بعد الآخر: ما رأيك بالهدية التي خصصها لكم (الأستاذ) سعد البزاز، وهي التبرع بكأس ذهبية لكل لاعب؟ وكان أول من طرح عليه السؤال هو الكابتن يونس محمود، لعل هذه القناة تصيب منه شيئاً.وعلى عادة يونس في الهجوم المباغت، وإحراز الأهداف السريعة، فقد حقق هدفاً غير متوقع، ولكنه هذه المرة في مرمى الشرقية، لا في مرمى السعودية، وبضربة لسان لا ضربة رأس. بدا الكابتن يونس غير مكترث ولا مبالٍ بكلمات المذيعة (المتصيدة)، والتفت إلى يساره بعيداً عن الميكرفون، وكنت أتوقع أن يوجه ضربة رأس جديدة، لكنه في لحظة واحدة، فاجأها بالقول: المهم عندنا هو الفوز، وأننا وفينا بعهدنا لشعبنا العراقي، وأدخلنا عليه السرور!!!. وهكذا صفّر الحكم مع هدف جديد للكابتن يونس محمود ليكون هَدّاف البطولة بلا منازع. ج ـ عزفت قناة الشرقية، وغيرها من القنوات أيضاً ـ ولا زالت ـ على وتر واحد، وهو استغلال الحدث الرياضي للإشارة إلى فشل مزعوم للسياسيين في العراق، وللإنصاف نقول: إن زلماي خليل زاد سارع في إطلاق هذا البالون قبل هؤلاء، ثم تلقفته الألسن لتصنع منه نظرية جديدة، مفادها أن السياسيين في العراق لا يستحقون أن يكونوا بمستوى فريق لكرة القدم، لأن الفريق حقق ما عجز عنه السياسيون.

ونحن وإن كنا نتمنى جميعاً أن يتفق السياسيون ويتوحدوا وينجزوا أضعاف ما أنجزه المنتخب البطل، لكن الأمنيات تختلف كثيراً عن الواقع، فتوحيد مساحة العمل في عالم الرياضة وعالم السياسة يعد من أفحش المغالطات، وأكثرها سذاجة، لأن السياسة عالم مختلف تماماً عن الرياضة، وثمة أهداف متقاطعة لا مناص عنها، تتعلق بحياة الناس ومستقبلهم وهويتهم، فكيف يمكن أن تجمع بين الإرهابي الذي لا هم له سوى التخريب والقتل والتدمير، وبين الوطني المخلص الذي يسعى لخلاص شعبه ووطنه؟ وكيف تجمع بين من يتحرك وفق أجندة إقليمية طائفية، ويحاول أن يستمر في تحكيم معادلة تاريخية ظالمة، وبين من يسعى للتغيير على أسس العدل والإنصاف والتساوي في الحقوق والواجبات؟ وكيف توفق بين من يهدم ومن يبني؟ وكيف تجمع بين خلف العليان وصالح المطلق وعبد الناصر ومشعان والدايني وأشباههم من جهة، وبين الشيعة والأكراد الذين كانوا يعيشون تحت رحمتهم، وفي زنزانات أمنهم السابق، وكانوا يسومونهم سوء العذاب؟

وإن كان من لوم على السياسيين في العراق، فلا بد أن يقع على من يسعى لتعطيل العملية السياسية، وإلغاء الدستور، ونشر الإرهاب، والعمل على إعادة البعثيين، وعناصر الأمن والمخابرات في النظام السابق، وعلى المقاومة المشبوهة التي دمرت من العراق ما لم يدمره الاحتلال والغزو الأجنبي على مدى خمسة عشر عاماً، وعلى التكفيريين ومن يروج لهم، ويدعو من اسطنبول الدول العربية وباكستان للتدخل في العراق لإنقاذ بغداد (أحمد بن حنبل وأبي حنيفة) من (الشيعة) !!!، وعلى دعاة العودة إلى المعادلة الظالمة التي تجعل من الأقلية (سوبر مان) ومن الغالبية الساحقة عبيداً أذلاء، يصرفها الحاكم حيث يشاء. وعلى الأطراف التي تتخذ في كل يوم قراراً ينقض ما قررته في اليوم الماضي، وعلى أمثال هؤلاء وأشباههم.  هكذا يجب أن يكون الإعلام المحايد، وهكذا ينبغي أن توضع الأمور في نصابها، فالسياسة ليست رياضة، والرياضة ليست سياسة، و (ما هكذا يا سعد تورد الإبل).

ختاماً نقول: أعانكم الله أيها المنتخب العراقي البطل، على ما ينصب في طريقكم من (مصائد الثعالب) وكلنا أمل بكم يا (أسود الرافدين) أن تركلوها بأقدامكم، وتمزقوها بمخالبكم، وتخرسوا أصواتها بزئيركم، وتحققوا هدف العراقيين المنشود في الوحدة والتلاحم، ولا خوف على الأسود من الثعالب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام هاشم
2007-08-02
مبروك لشعبنا الصابر والعراقين يعرفون ان سبب ماساتنا هم الجيران بدون استثناء وخاصه القومجيه والان هم حاظنات البعثيه الشوفينه واما طارق الهاشمي والذي يريد ان يسيس الرياضه هذه سياسة العبث الارهابي اتركو اولادنا خلي الشعب يحبهم باخلاص لانريد تمزيق وحده الشباب حب العراق في قلوبهم يا هاشمي اترك الشباب هذه الورقه لا تفيدك تاتي لك بالفضيحه والخزي لك ومن يسير على دربك درب هدم ما بني اسود الرافدين لو كنت تحب العراق ما تحارب وتصرخ من اجل المكاسب الشخصيه ولم تفكر بالعراق واهله اسمع ابوريشه شنو يصرح للعراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك