المقالات

هواجس كاتب ما بين العقل والجنون

1428 19:17:00 2014-09-23

كنت جالساً يوماً ما في مَحَلٍ, يبيع العباءة العربية, كان يجلس رجلان كبيران في السن, تكلم أحد هما فقال: كم يُحِبُ الخالق العراق, حيث وضع به ألحضارة, واختاره ليكون مَهدَ الأديان, ومرقداً للأنبياء والصالحين.

فبادره الرجلُ الثاني قائلاً: بل قل كم نحن جاهلون ومنافقون! بحيث أرسل لنا الباري العزيز, هذا العدد من الرسل والأولياء, فلم نتعظ ولم نرتضي لأنفسنا, أن نكون سادة العالم, بل جهلاء خاضعين, ننعق مع كل ناعق! 

بقيت هذه الكلمات راسخة في ذهني, كأنها كلمات مسمارية, تم حفرها, من قبل كاتب سومري أو آشوري حاذق. بين فترة وأخرى, تُراودُني أفكاراً كأنها هذيان مجنون, فينشغل عقلي بأسئلة تُحيرني, هل أصبحت انساناً غير طبيعي؟

نحن العراقيون, كما نقرأ في دروس التأريخ, بكل مراحل الدراسة, شَعبٌ ذو فكر واسع مبدع, فأول الحضارات هنا, بابل حمورابي, آشور شلمنصر, أور أتوحيكال الملك, الزقورة والقيثارة, إمبراطوريات غزت العالم, ملوك يهابهم العالم, قوانين مكتوبة برمزية على اسطوانات ورقم طينية, تحدد مناحي الحياة, كيفية التعامل مع العقوبة لمن يخالف, لكِنَّي لَم أجد من تلكم القوانين تطبيقاً.

بُعث الاسلام في بيئة جاهلية, وسط جزيرة العرب, دخل العراق ألمُمَزق, مابين شرقي وغربي, كالحمل يتعاركُ عليه ذِئبان, مع ثعلب ماكر, رابضٌ في أقصى الشمال, متحينا ألفرصة, ليأتي على ما تبقى من الفريسة!  الإسلام دين التشريع ألكامل, والمعاملة الطبيعية بين الإنسان وأَخيه, عبادةٌ للواحد الأحد, رسولٌ كريم, أخوة ومحبة.

أرى نفسي عندما أقرأ تلك الايام, أني في عالم مثالي, فأُفاجأُ بإنتكاسة الأفكار الإسلامية الإنسانية, فأول ما قام به الأعراب بعد وفاة حامل الرسالة, إغتصاب للحكم, قتلٌ لأحفاد الرسول ص, سبيٌ لنسائه من بلد الى بلد! حيث جرت الواقعة الكبرى في كربلاء ألعراقية, وكأنهم يقولون: يجب ذبح الإنسانية في مهد ألحضارة.
غَضَبَ الرحمن على الأمة فسلط عليهم شِرارَهُم, أراد لهم أن يرتقوا, فأبوا إلّا الهبوط إلى أدنى الرتب, فتعساً لقومٍ حُمِّلوا أرقى رسالة, لم يُكَلفوا أَنفُسهم بالحِفاظ عليها.
فمتى تتم صحوة العراقيون؟ ليختاروا طريقهم الحقيقي, الذي أراده لهم رب الكون, ليقودوا العالم إلى بر الأمان, بعد الخلاص من الطغيان.
بدل التباكي على التأريخ السحيق, والتباهي بأول حرف, كأن الرحمن لم يقل في سورة العلق/5" عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ".
قبل أن يبتلع العالم سَيل من الدماء كالطوفان, فما نراه اليوم هو كأيام الجاهلية الأولى, ما بين قتل وسبي نساء وإغتصاب, ناهيك عن التخريب وسلب الأموال. 
لِحِين تَحقيق المعقول, أبقى تائهاً كالمجنون, عسى أن أجد المجهول.
مع التحية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك