ملخص ملتقى براثا الفكري - العدل والعدالة في منهاج المنتظرين
* تتواتر الروايات الشريفة في شأن ان موضوع الامام ص هو مشروع اقامة العدل والقسط بعد ان تمتلئ الارض بالظلم والجور ، ومن الواضح ان مشروعاً كهذا لايمكن ان ياتي بالسهل والميسور وانما لابد من ضرائب فادحة وتضحيات جليلة تبذل حتى نصل الى هذا المستوى الذي يمكن لنا ان نرى فيه دولة القسط والعدل تهيمن على الظلم والجور ، والائمة ص لم يتعاملوا مع مشروع العدل والقسط بعنوانه امر سهل وانما وضعوه ضمن مستويات عالية من الاعداد والاستعداد وهي احد الاسباب التي ادت الى طول غيبة الامام ص والا لو كان الامر يسير لما وجدنا هذه الغيبة تاخذ هذا المدى الزمني بالشكل الذي تمتد الى هذه القرون الطويلة.
* يتحدث الامام الصادق ص يروي عنه المفضل بن عمر رض قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بالطواف ، فنظر إلي وقال لي : يا مفضل مالي أراك مهموما متغير اللون ؟ قال : فقلت له : جعلت فداك نظري إلى بني العباس ، وما في أيديهم من هذا الملك والسلطان والجبروت ، فلو كان ذلك لكم لكنا فيه معكم ، فقال : يا مفضل أما لو كان ذلك لم يكن إلا سياسة الليل ، وسياحة النهار ، وأكل الجشب ، ولبس الخشن ، شبه أميرالمؤمنين عليه السلام وإلا فالنار ، فزوي ذلك عنا فصرنا نأكل ونشرب ، وهل رأيت ظلامة جعلها الله نعمة مثل هذا .
* يشير الامام ص في سياسة الليل وسياحة النهار الى الجهد المضني والجهاد المتنقل من مكان الى اخر ، واكل الجشب وهو اليابس والقليل اشارة الى حالة الزهد والصعوبة في العيش الذي يكتنف على من يريد ان يشترك في هذا المشروع ، وان تاخير الظهور مع انه ظلامة كبرى ولكنه في نفس الوقت هو نعمة للمؤمن لانه مازال يأكل ويتحرك كما يريد ولكن لو حصل الذي تمدون اليه اعناقكم عند ذلك يجب ان تكونوا مشاريع العدالة ، العدالة لا تاتي بقرار ذاتي ولكن تحتاج الى كثير من المران والتربية والمعاناة حتى يصل الانسان الى هذه القدرة بحيث يطابق قوله عمله ، ولو جاء العصر الذي تقوم فيه حكومة العدل عند ذلك العدل لا ياتي بقرار حكومي وانما العادل يجب ان يتواجد وينطلق منه العدل.
* هل نحن مؤهلون لمشروع الانتظار الذي يعني ان طلب العدل لا يتأتى الا من قبل العادل والراغب الحقيقي في اقامة العدل ولا راغب حقيقي الا من يثقف نفسه وياخذ من سلوكياته الى العدل ويبعد نفسه عن الظلم والجور ، لنلاحظ علاقاتنا مع بعضنا هل هي عادلة على سبيل المثال ام انها لازالت تتسم بحالة التنافس والتصارع اكثر مما تتسم بحالة التراحم والتسالم ، فالعدالة تنبثق من مشروع اسمه تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، لو اردنا ان نقيم حساب لانفسنا هل علاقاتنا تتسم بحالة التعاون على البر ام ان اي استفزاز وتجاوز على انانياتنا يمكن ان يخرج من داخلنا مارد اخلاقيات الجور والظلم والعدوان.
* مشروع العدالة يمكن ان ننظر اليه في سياقات متعددة والسياق الاول الذي يجب البحث عنه هو الانسان العادل ، ليس المهم من يقول عني عادل المهم تقييم الذات ومواجهتها باسئلة اين هي من الصدق والكذب والنفاق والتدين والخيانة والوفاء وهكذا يجب ان نعثر على الاجوبة التي تناسب هذا المشروع إن كنا نريد ان نكون من المنتظرين ، لا يوجد خيار في مشروع العدالة ان اتردد في هذه الاجوبة يجب ان يكون الجواب منسجم مع مشروع العدالة ، والحذر هنا من خداع الذات.
* العدالة ثانيا لاتتوقف على الذات وانما ترتبط بشكل جدي بايجاد المجتمع العادل ، تبتدئ من المجموعة العادلة ثم تنطلق الى الفضاءات الاوسع لان المجتمع الظالم يؤدي الى مزيد من الظلم ويقاوم العدل بل يتصدى لكل جذوة عدل لكن لو قلبنا المعادلة سيكون المجتمع معين على اقامة العدالة وسيتحول الى مساعد لاقامة العدل ، فالعدالة في طورها الاول تحتاج الى ان اكون عادلاً وحتى اكون عادلاً احتاج الى مُساعِدات وهي الدوائر المحيطة وهي البيت والارحام والاصدقاء وما الى ذلك من هذه العلاقات التي يجب ان تُنظِّم بناءاً لهذا العدل ، فالمؤمن يجب ان يحيط نفسه بدائرة لن يفكر الطرف الظالم باختراقها او التاثير عليها .
* القضية الثالثة هي ان المجتمع حينما يكون عادل امر عظيم ولكن لن يوفر العدالة بهذه الطريقة من دون وجود المؤسسة العادلة التي تنظم العدالة الفردية والجماعية وتحولها الى مشروع ياخذ بالعادل وغيره ويضرب على يد من لا عدالة له ويحجم ارادة الظلم ، وبالنتيجة ان لاتشير الى العدل لا ذاتاً ولا جماعةً ولا باتجاه المؤسسة العادلة ستكون مجرد ظاهرة صوتية تتحدث بدون وجود تجسد للعمل مع ما يتم طرحه ، الانتظار ليس كلمة تقال الانتظار نمط سلوكي غير النمط الفكري والعقائدي يجب ان يأخذ بمجامعنا ويجب ان نصونه باي شكل من الاشكال لاننا متيقنون بان المراحل تتصعب علينا كلما اتجهنا لعصر الامام ص وبالنتيجة لن يفوز بالثبات الا من اعد العدة لتلك الايام.
https://telegram.me/buratha