القضية المهدوية ومنهج التفسيرات .
13 ربيع الاول 1437 هـ الموافق 25/كانون الاول - ديسمبر /2015 م .
ملخص ملتقى براثا الفكري - القضية المهدوية ومنهج التفسير بالمعجزات
* واحدة من المناهج التي تُلحظ في التعامل مع القضايا المهدوية ومع المرويات المتعلقة بالامام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه هي اتخاذ المنهج الاعجازي في تفسير الامور او ادخال العنصر الغيبي في تفسير ما تشير اليه الروايات الشريفة بالشكل الذي يحاول البعض ان يتخلص من هذه المرويات ومن تفسيرها برميها على عهدة الغيب والاعجاز ولا يجعل المرء يفكر بوجود اي نمط من انماط المسؤولية لامرٍ الغيب هو الذي سيحسمه ، قسم من الاتجاهات من عسر عليها فهم الروايات فاحالتها هي الاخرى على لغة الغيب لان لغة الغيب هي الطريقة الاسرع لتفسير الامور لانها لا تحتاج الى فهم الظاهرة بقدر ما تحتاج الى معرفة المسبب ومادام العلة هو الغيب وهو الذي سوف يُحدث مثل هذه الامور اذاً على مَ التوقف عند هذه الظاهرة او تلك ، وقد عسر على البعض اكثر من ذلك في الوقت الذي لم يجدوا مجالاً للحديث عن الغيب فتحدثوا عن ان كل القضية المهدوية ستجري في عالم غير عالمنا هذا ، ويَفترض وجود عالم اخر سوف تنشئ فيه الدولة المهدوية ، وهذا امر مُحدث بدأ البعض يتحدث عنه في الفترة الاخيرة فاحالوا الجميع وقضية الامام والامام نفسه ص احالوهم الى عالم برزخي لا علاقة له في هذا العالم الدنيوي الذي نحياه ولان الامور تتفاقم في ذهن الكثيرين لذلك التحدث عن هذا المنهج له اكثر من ضرورة.
* ان لغة الاعجاز في الرسالة المحمدية ليست مألوفة بعنوانها لغة التغيير الاجتماعي وليست معتمدة بالمرة في ان تكون هي لغة وآلية التغيير الاجتماعي ، بمعنى اننا لو وجدنا ان نبي الله موسى ع احدث من المعجزات والامور اللاطبيعية الشئ الكثير في قومه ومع اعدائه او نبي الله سليمان ع استخدم وسائل في اقل التقادير لا تُنسب الى الظرف الطبيعي او بعض الانبياء استخدموا لغة المعجزة كما يسميها الناس من اجل تمرير الرسائل التي يريدون ان يؤدونها في داخل الوضع الاجتماعي لتعينهم على عملية التغيير ، إن وجدنا هذا فاننا لا نجده في عهد الرسالة المحمدية ليس بمعنى ان الرسول لم يستخدم المعجز ابداً ولكن كسياق عام للتبليغ الرسالي في عهده او في عهد الائمة المعصومين لا نعتبر ذلك سبيل معتمد في آلياتهم في تغيير المجتمع ، نعم بعض المعجزات حصلت لتأكيد مقامهم الخاص وعلومهم الخاصة من الله تعالى ، ولكن معارك الرسول ص وما حصل له وللمؤمنين في المعارك وما حصل للائمة ص لا يمكن ان نحمله على المعجزة لان المعجزة لم تكن متواجدة ، ثمة حروب وجراحات وقتل حقيقي صحيح ان الله تعالى تحدث عن الامداد بالملائكة ولكن هذا الامداد هو امداد للمعنويات وليس نزولا باسياف الملائكة لتضرب اعناق الاخرين ، الملائكة لم تقم بدور المؤمنين وانما عضدت هذا الدور.
* اذا كانت هذه المقدمة تقدم لنا وضوح فهي اوضح في القضية المهدوية ، القضية المهدوية لو كانت تستخدم لغة الاعجاز لما احتاجت الى كل هذه الغيبة فمنذ البداية وبلغة المعجزة تنتهي كل الاشياء بل لا معنى لقيام القائم وليس هو الذي سيقوم بل المعجزة هي التي ستقوم ، مع وضوح هذه المقدمة بعضهم يذهب الى بعض المرويات فيجدها لا يمكن ان تُحَل عمليا الا من خلال لغة المعجزة كالروايات التي تتحدث عن ان الامام ص سيضع يده على رؤوس الشيعة فيملئها علما او ان الله تبارك وتعالى سيأمر الفلك فيتباطئ فيطول اليوم الواحد الى 28 يوم مثل ايامنا في عهد الامام ص وهكذا جملة من المرويات وجدوا ان تفسيرها على المعجز انسب من الوقوف امام الغازها ومحاولة تفسيرها على لغة المجاز والاستعارة مع ان هذه الروايات ليست صحيحة من الناحية السندية والكلام ليس في صحة الاسانيد هنا ولكن الكلام في الامكانية العملية لحصول هذا الامر فالتحدث عن تباطئ الفلك غير ممكن لكونه مرتبط بنظام ثابت وتغييره يؤدي الى كوارث.
* هذه الروايات وإن كانت صحيحة لاينحصر تفسيرها بظاهر الكلام ، وان بعض من فكر بالتعامل مع هذه الروايات افترض بوجود دنيا غير هذه الدنيا وان الله سيخلق عالم موازي الى عالمنا بالشكل الذي اذا كان الامام ص وحركته وتطبيقاته هي الى عالم اخر فما حاجة الامام ص في هذه الدنيا ، مما يدعو الى التشكيك في قضية الامام ص ونفي وجوده في هذه الدنيا ، وما جدوى وجود المنتظرين في هذه الدنيا ، وفقاً لذلك نحضى بقضيتين:
- ان الامام ص غير موجود على الارض.
- ان القضية المهدوية لا تحتاج الى اي استعدادات.
والنتيجة قتل القضية المهدوية ، هذا المنهج خبث عمقه وخطورته واضح جداً ، وان الحديث الغيبي في روايات الامام المنتظر ص إن تم فانما يتم على نحو بركات وكرامات وجود الائمة وليس على نحو تغيير النظام الكوني.