الملتقى الفكري الاسبوعيزيارة الاربعين سيراعلى الاقدام والتاهيل المهدوي .
30 محرم الحرام 1437 هـ الموافق 13/تشرين الثاني /2015 م
ملخص ملتقى براثا الفكري - زيارة الاربعين سيراً على الاقدام والتأهيل المهدوي
* ايام الاربعين اقتربت وثمة ظاهرة اجتماعية كبرى اصبحت تضرب باطنابها على الواقع الاجتماعي ليس في العراق فحسب وانما في عدد كبير من الدول وهذه الظاهرة لمّا تزل في تنامي متسارع جدا ، وان تتعاظم هذه الظاهرة في الظروف الامنية الصعبة وفي الظروف السياسية التي تلف المنطقة فانما لاشك فيه ان هذه الظروف لو ازيلت فان تعاظم هذه الظاهرة لا يمكن ان يرصد بحسابات عادية لكن القدر المتيقن بانه لا يمكن لاي باحث في الشأن الشيعي والعراقي ان يتجاوز هذه الظاهرة ولا ينظر اليها بعين الدقة وطبيعة اهدافها وما تؤدي اليه في عملية الحراك الاجتماعي او في عملية التغيير الاجتماعي.
* في مثل هذه الظاهرة لا بد من ان يُنظر الى عين المؤسس لها وماذا اراد منها وما هي الاهداف التي توخاها حينما اطلق هذه الظاهرة مع ان اهل البيت ص تحدثوا عن عظمة وثواب المشي الى الامام الحسين ع على الاقدام ولم يحصروه في مناسبة محددة وانما اطلق الكلام ليشمل كل السنة و الاوقات فالمشي للامام الحسين مطلوب بحد ذاته بعيدا عن طبيعة الازمنة ، لكن لوجود رواية تتحدث عن صفات وعلامات المؤمنين الخمسة نجد تحديد دقيق لزيارة الاربعين من دون بقية ايام الزيارات وهذه العناية لاشك ولا ريب لا تاتي من فراغ ولكن ايّا ما يكن اصبحت زيارة الاربعين مقرونة.بظاهرة المشي للامام الحسين ع ، واستثماراً لبركة قراءة نصوص اهل البيت ع نورد رواية لثواب السير على الاقدام للامام الحسين ع " يُحدّث الحسين ابن ثوير ابن ابي فاختة قال قال ابو عبد الله ع يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة حتى اذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين حتى اذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين حتى اذا اراد الانصراف اتاه ملك فقال ان رسول الله ص يقرؤك السلام ويقول لك استانف العمل فقد غُفر لك ما مضى . "
* ان الحديث عن الثواب الذي اشار اليه الامام ص هو بُعد اخروي ولكن هذا الحراك والاقدام على الزيارة مشيا انما هو فعل اجتماعي يؤرخ له في فترة زمانية محددة يتفاعل مع المجتمع ، ولفهم طبيعة الانعكاسات التي تتحقق في الواقع الاجتماعي نتيجة لهذه الظاهرة فالملايين التي تسير تصدر انعكاسات لنفسها ولغيرها لذلك يجب تلمس هذه الانعكاسات لاسيما وان حديث التجربة يشير الى مشاركة الامام ص مع السائرين فهذا دليل عناية بهذه الزيارة.
* ان هذه الملايين التي تُتعب نفسها ولا تبتغي الراحة قادرة على الوصول الى الامام الحسين بالسيارات ولكن لا يفعلون ، اذاً هذا التعب هو اول مِران في هذه الظاهرة من اجل البذل في سبيل العقيدة باسم الحسين ع ، وبعيداً عن ان كان الماشي يعي او لا يعي وبعيداً عن ان كان يفقه مرامي هذه الزيارة او لا فمجرد هذا الامر يعطينا مؤشر بوجود استعداد لهذا الانسان للبذل من اجل المقدسات والقيم الكبرى التي يؤمن بها ، والقدر المتيقن ان زوار الحسين ع عبروا مرحلة النجاح بامتياز في تجاوز كل الصعاب من اجل الوصول الى كربلاء وهذا بمحضه تاهيل قتالي وعسكري حتى وان لم يعلن .
* الظاهرة الثانية التي نجد فيها العطاء المادي الذي يتنافس عليه الحسيني من اجل ان يشترك ولو ببضعة دنانير وحينما يقدمها يحرص على ان تقبل منه ، عمليه بذل المال بمعزل عن كونها قضية تربوية عالية جدا ولكن هي ايضا تدخل في اطار التضحية من اجل المبدأ ، فهناك تضحية بتعب وراحة الجسد وهنا تضحية بالمال فبذل المال هو تاهيل ريادي بتحول الانسان من اناني النزعة الى جماعي ومجتمعي الهم بحيث يحمل هم الاخر وهو مِران عجيب.
* مع تطور الامور ووصول اعداد المواكب الى مئات الالاف بمعنى عشرات الالاف على اقل التقادير من المطابخ والمواضع التي يستريح بها الانسان ، فلو عكسنا هذه الصورة على الواقع المهدوي سنجد كل هذه المواكب والحسينيات يمكن ان تتحول الى معسكرات وثكنات والى مواضع تجمّع وهجوم والى اي امر يمكن ان يؤديه المعسكر هذا بدون اعلام وهو كسب يمكن ان يُستفاد منه في الازمات ، والزائر للامام الحسين ع هو في مسيرة عسكرية والكل خرج من اجل ان يتمرن ، تحسبون ان هذا لا يدخل في التخطيط المهدوي بالعكس هو تربية وتاهيل وممارسة لا تعلن عن نفسها ولكن من يراقبها بدقة يجد بالفعل انه في داخل معسكر هذا المعسكر كله ينادي لبيك يا حسين حتى لو لم يتكلم احد بكلمة واحدة.