الشعائر الحسينية وواجبات الانتظار المهدوي - الحلقة الثانية -
9 محرم الحرام 1437هـ الموافق 23/ تشرين الاول - أكتوبر /2015 م
نقدم لكم ملخص ملتقى براثا الفكري:
- الشعائر الحسينية وواجبات الانتظار المهدوي - الحلقة الثانية.
* لازال الحديث عن شعائر الامام الحسين عليه السلام وطبيعة الواجبات الملقاة على المنتظرين ، وسبق ذكر حديث الامام عج عن كيفية التفاعل مع قضية الحسين عليه السلام عبر التحدث بمنطق لأندبنك صباحاً ومساءاً او التحدث بطريقة ايجاد كل المؤثرات الاجتماعية المعلِنة عن قضية الامام الحسين عليه السلام والتي اشار اليها بقوله فليبكي الباكون وليصرخ الصارخون وليعج العاجون ويضج الضاجون فهذه كلها كما اشير سابقا هي اعلام اجتماعي للآخرين وليس فقط صورة ذاتية للضجيج على الامام الحسين عليه السلام ، وقد انبرت الشعائر منذ البداية لهذه المهمة ووفقت لذلك ، فالشعائر هي اعلام وهي سبل ذكر الامام ع وذكر الامام الحسين عليه السلام هنا بعنوانه ممارسة اجتماعية تارة ينظر اليها من داخل المجتمع الموالي واخرى ينظر اليها من داخل القواعد الاجتماعية التي لم تتخذ موقف من الامام الحسين ع لا معاكسة ومعاندة ولا حب وولاء وهناك المترقب للأوضاع الاجتماعية اينما مال التيار يميل معه والجزء الرابع هي القواعد الاجتماعية المعاندة والمستهزئة والمستنكرة لطبيعة هذه الشعائر، فيجب مراقبة طبيعة الاثار التي تتخلف من هذه الشعائر على كل هذه الاوضاع الاربعة باعتبار هذه القواعد هي ما يهتم به المنتظر.
* يلمس بشكل واضح بان الشعائر تؤثر بطرق متعددة على كل هذه الشرائح وغني عن البيان بانها تريد ان تذكّر وليس مهمتها ان تعطي للمستمع كل ما يتعلق بالإمام الحسين ع او ما يتعلق بالدين لكوننا مبتلين بفهم ابتر للعديدين من الذين يرون بان هذه الشعائر تعطينا صورة رتيبة عن الامام الحسين ع ولا تقدم شيء للوعي الاجتماعي كما يقولون، وبالنتيجة من أُعلِمَ بالحسين عليه السلام ماذا يمكن ان يستفيد من كل اصناف هذه الشعائر فهي تتكرر في كل مرة وبنفس الوتيرة والنظام والطريقة؟
والجواب بان هذه الشعائر هي للتذكير ومهمتها ربط المجتمع بالإمام الحسين ع وليس مهمتها ذكر كل التفاصيل وانما تعطي حافز لمتابعة بقية القضايا، نعم من يتابع الشعائر بأجمعها يمكن ان يحصل على جم غفير من موضوعات الامام الحسين ع ولكن إذا ما فصلت وفككت لن تحصل على هذه التفاصيل.
* يلاحظ ان كل نموذج من نماذج الشعائر الحسينية تؤثر في شريحة معينة من هذا المجتمع وقد أُريد لكل المجتمع ان يتأثر بهذه الشعائر لذلك من يريد الفكر يجده في المنبر الحسيني ومن يريد الادب يجده في الشعر الحسيني ومن يريد الحركة الاعنف والابرز في ابراز العواطف يجدها في شعائر اخرى فكل شعيرة تخاطب مزاج اجتماعي معين، لذلك كل الطبقات الاجتماعية تأخذ بمقدارها.
* بالنسبة لتأثير هذه الشعائر في المجتمع هناك وهم كبير بمن يريد لهذه الشعائر ان تعطي اثر جوهري حاسم في اللحظة فلا يوجد تأثيرات من هذا القبيل الا عند نوادر الناس، كثير من الناس ليسوا كهمام العابد او بشر الحافي او زهير بن القين حينما يتأثرون بموقف واحد تنقلب كل حياتهم، فكثير من الناس يحتاجون جرعات بعضهم خفيفة جدا يأخذها بالتدريج ولكن مع الايام تتركز هذه الجرعات ويتحول الى شيء اخر.
* يذكر الامام عليه السلام في زيارة الناحية المقدسة عدة مقاطع كل منها يشير الى معلم من معالم هذه الشعائر فيذكر تفاصيل متعددة مما جرى في كربلاء بذكر اسماء ومشاهد، هل من الممكن ان نقول بان هذا تكرار ويكفينا ان نستمع اليه مرة او مرتين لتنتهي القضية؟ ام ان المطلوب هو تكرار هذه القضية لإحياء الفكر والقيم التي تنطوي عليها هذه الاحداث، فالإمام عليه السلام يعطي الجانب الفكري حقه والجانب التاريخي حقه لكن التركيز الجوهري هو على استفزاز العواطف واستثارة الاحاسيس.
* سؤال لماذا يجب ان يستثار الانسان عاطفياً؟
ان الانسان يتشكل من ثلاث اجزاء، فجزء منه فكر وما يصل فيه الى نتائج، والجزء الثاني هو الارادة والاعمال فيلاحظ في كثير من الاحيان ان ارادة واعمال الانسان تخالف ما يفكر به كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
من الذي يستطيع ان ينظم العلاقة بين الفكر وبين الارادة؟ هذه هي مشكلة الانبياء الكبرى بل مشكلة الهداية الربانية هي في عملية الانسجام ما بين الفكر والارادة، فالذي يربط ما بين الاثنين هو العاطفة والاحاسيس، فكلما تعمق الانسان بالولاء اصبحت ارادته طوع فكره فمن يوالي هو بعد ذلك من سيصوغ الافعال، ففي كل الزيارات ينحى منحى ايجاد شعور بالولاء والبراءة لكن في قصة الامام الحسين عليه السلام يحمل هذا الشعور بمشاعر الغضب والحب ويحجم المظلومية الشديدة للمخاطب لتربية العاطفة وزيادة زخمها وتشذيبها وتوجيهها من اهم العوامل المطلوبة في عملية التغيير الذاتي والاجتماعي.
* المستهزئين بالعواطف والاحاسيس ممن يتلبسون بلباس الثقافة وللأسف يخدعون أنفسهم، فإبليس كان عالماً في افكاره وكان عابداً في اعماله ولكن اسقطته عواطفه من الحسد والغرور والبغضاء.
* ختاماً يجب الاجتهاد على اثراء العواطف وتهذيبها، وحتى تسود العواطف وتفعّل طولبنا دوما ً ان نبكي لان البكاء يبقي القضايا حية وعند انعدام الدمع لا تسأل عن قسوة القلوب كيف تحصل فالدموع تؤدي الى رقة القلب وتبقي الغضب في محله والعكس بالعكس.