الصفحة الفكرية

مقالات مهدوية: علامات الظهور بين الأولويات والانحراف

2927 19:59:00 2013-11-03

 

علائم الظهور في تقييم عام

إنّ من الأمور التي أصبحت مألوفة لنا: هو أنْ نجد كثيراً من الناس حين يواجهون الأزمات، ويجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع الأحداث الكبيرة، والخطيرة _نجدهم_ يظهرون اهتماماً متزايداً بقضية الإمام المهدي عليه السلام وبعلائم الظهور، ويبحثون عن المزيد مما يمنحهم بصيص أمل، ويلقي لهم بعض الضوء على ما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد.

ومن هنا.. فإنّنا نجد عدداً من الكتّاب والمؤلفين يحاولون الاستجابة لهذه الرغبة الظاهرة، ويبذلون جهوداً كبيرة لترسيم مستقبل الأحداث وفق ما يتيسر لهم فهمه من النصوص الحاضرة لديهم. تلك النصوص التي جاء أكثرها غامضاً وغائماً، اختلط غثّها بسمينها، وصحيحها بسقيمها، وتعرض كثير منها للتحريف، وزِيدَ فيه أو نُقِّصَ منه، هذا عدا الكثير مما اختلقته يد الأطماع والأهواء..

وستأتي الإشارة إلى بعض منه في ثنايا هذه البحث إن شاء الله (تعالى).

الانحراف الخطير:

وإننا وإن كنّا نعلم لجوء الناس إلى الدين وإلى النصوص الدينية، وشعورهم بأنّه هو الذي يملك الإجابات الصحيحة على كثير من تساؤلاتهم، ولديه الحلول الجذرية لما يعانون منه من مشكلات وبلايا، إلاّ أنّ تعاملهم في خصوص الاخبارات الغيبية، وبالأخص مع قضية الإمام المهدي عليه السلام، قد جاء لينذر بانحراف خطير في المجال العقائدي، فضلاً عن المجال العلمي، وذلك حينما اقتصر على زاوية واحدة منه، وهي تلك التي تشغل بال الناس، وتستأثر باهتمامات الكثرة الكاثرة منهم، ألا وهي علامات ظهوره عليه السلام وما رافق ذلك من إخبارات غيبية بما سيحدث في آخر الزمان، أو في طول الزمان الممتد من عصرهم عليهم السلام إلى حين ظهور الإمام الحجة عليه السلام.

وقد استبطن ذلك إهمال سائر مفردات ومجالات التعامل مع هذه القضية حتى أصبحت في عالم النسيان، لا تكاد تخطر لأحد منهم على بال، ولا تمّر له في خاطر، رغم أنها هي الأهم والأكثر مساساً بحياتهم وبوجودهم، وعلى رأسها التعامل معه قائداً للمسيرة، ومهيمناً على السلوك والموقف، وموجّهاً لها..

وهكذا.. لم يعد الإمام المهدي عليه السلام بالنسبة إلى الكثيرين منّا هو ذلك الإمام الحاضر والناظر، الذي يعيش من أجل قضية، ويعمل ويضحّي، ويدعونا إلى العمل والجهاد والتضحية من أجلها وفي سبيلها.

كما أننا لم نعد نحمل هُمومه كما يحمل هو همومنا، ولا نشعر معه كما يشعر هو معنا، ولا نرقب حركتنا معه كما يرقب هو حركتنا، ولا نتوقع منه، ولا نريد أن يتوقع منّا أي عمل إيجابي تجاه القضية الكبرى التي يعيشها، ويجاهد ويعاني في سبيلها وفي قضيتنا قضية الإسلام والإنسان، وهي القضية الأكثر أهمية وحساسية بالنسبة لنا، لأنها تمس وجودنا ومستقبلنا ومصيرنا في الصميم.

وطبيعي أن يترك هذا التعامل منا مع موضوع الإمام المهدي عليه السلام آثاره السلبية، والخطيرة على مجمل الحياة التي نعيشها لأنه يمثل انفصالاً حقيقياً عن القيادة، وعن القائد من جهة، ولأنه يضع المزيد من العقبات والمصاعب في طريق القائد نفسه.

هذا.. بالإضافة إلى أنه يسلب منه عنصر المبادأة والمبادرة في معالجة الأحداث، ومواجهة التحديات، من جهة أخرى.

الانحراف يتضاعف:

وحتى فيما يختص بذلك الجانب الخاص ويرتبط بتلك الزاوية المحدودة التي آثرناها على كل ما هو سواها، وهي الاخبارات المستقبلية وعلامات الظهور فإنّ تعاملنا معها، قد جاء بصورة خاطئة بدرجة كبيرة، وذلك حينما نجد أنفسنا في موقع المستسلم الخاضع لأمور يراها حتمية ولا مناص منها، فهي القضاء المبرم، والقدر اللازم. الأمر الذي من شأنه أن يرسّخ فينا الشعور بالإحباط والانهزام، والعجز، ما دمنا نجد أنفسنا في مواجهة أمر خارج عن اختيارنا، لا نملك دفعه، ولا التأثير فيه.

ومن جهة ثانية: فإنّ ذلك يبعث فينا الشعور بالرضى، وببراءة الذمة حيث لم نعد نتحمل أية مسؤولية، ولا يطلب منا، أو فقل ليس من الصحيح أن يطلب منا تسجيل أي موقف تجاه الأحداث، والمستجدات مهما كانت.

وإذن.. فلا مكان بعد هذا للشعور بالذنب، ولا بالتقصير، إذا تركنا الفساد يستشري والظلم يسود ويهيمن. بل يكون التصدي لذلك حتى في أدنى درجاته، وأسلم عواقبه هو الذنب وهو الجريمة حيث إنه يمثل اعتراضاً على إرادة الله سبحانه، وهو من ثم إلقاء للنفس في التهلكة، أو إهدار للطاقات بلا مبرر ظاهر، ولا سبب وجيه.

وقد نشعر أنّ من مسؤولياتنا بثّ هذا النوع من الفهم وتعميمه حرصاً منا على مصلحة المسلمين، وعملاً بالتكليف الشرعي الموهوم!!.

ولا نجد حرجاً بعد هذا في أن نتتبع الروايات لنستخلص منها بعض ما يفيد في معرفة بعض ما سيحدث عن قريب، ونوزع الاخبارات الغيبية والتنبؤات هنا وهناك ونبثها بين الناس، لتثير بعضاً من فضولهم، وتستأثر بشيء من عجبهم أو إعجابهم..

الأئمة واقفون على سلبيات الأمر:

وفي اعتقادنا: أن أئمتن عليهم السلام كانوا يدركون أن هذا النوع من الأخبار التي تصدر عنهم، وإن كانت له إيجابياته الكبرى إلا أن له أيضاً سلبيات من نوع آخر، لابد من التصدي لها ومعالجتها، والحد من تأثيراتها قدر الامكان.

وذلك لأن هذا الموضوع جذاب، يستهوي أصحاب الأهواء والطموحات، خصوصاً أصحاب الدعوات الباطلة والزائفة منهم، ممن يريدون تكريس دعواتهم تلك بالأساليب الملتوية وبالادعاءات المثيرة لفضول الناس العاديين، وتستأثر باهتماماتهم. شريطة أن لا يجرؤ أحد على تكذيبها بصورة صريحة ولا حتى التشكيك فيها، وذلك بسبب ما تثيره فيهم من شعور مبهم بالخوف والوجل تجاهها. فإن أصحاب الطموحات والدعوات الباطلة يدركون جيداً أن الإنسان العادي لا يملك إلا الاستسلام للغيب، والانهزام أمام المجهول، ومحاولة التحرز منه ومن أخطاره المحتملة..

وهذا بالذات هو ما يضعف مقاومة الناس العاديين أمام تلك الدعوات مهما كانت غائمه، وغير واضحة المعالم، أو غير منسجمة مع أحكام العقل، ومقتضيات الفطرة. كما أن ذلك من شأنه أن يبعدهم ويصرفهم عن التفكير في ماهيتها الحقيقية، وفي صلاحها وفسادها..

وبعد ما تقدم.. فإنه يصبح من الطبيعي أن يكثر الاختلاق والوضع في مجال الاخبارات الغيبية المستقبلية، وفي علامات آخر الزمان، التي يرصد الناس فيها مستقبلهم ومصيرهم.

ولسوف تصاغ بقوالب خادعة ومطاطة وغامضة ليمكن الاستفادة منها في الموقع المناسب.

ما هو الحل؟!:

وكل ما تقدم يحتّم ويُلزم بوضع حلّ لهذا المشكل، تُتَلافى معه تلك السلبيات مع الحرص على أنْ تؤدّي تلك الاخبارات الغيبية الصادرة عن المعصومين عليهم السلام دورها الذي كانت من أجله..

وقد بادرو عليهم السلام إلى وضع حلّ يضمن ذلك بصورة تامة ودقيقة وقد جاء منسجماً تماماً مع الهدف الذي ترمي إليه الاخبارات الصادرة عنهم عليهم السلام.

وقبل التعرض لهذا الحل نشير إلى حقيقة هامة، إذا أدركناها فإنّه يسهّل علينا معرفة صوابيّة ذلك الحل الذي قدّموه عليهم السلام.

وهذا ما سنتعرف عليه في حلقة أخرى من هذه الدراسة.

صحيفة صدى المهدي عليه السلام العدد 51

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك