د.أمل الأسدي ||
سُمي العيد عيداً؛ لأنّه يعود كل عام بفرح مجدّد،ولكل شعب من الشعوب أعياد خاصة به،ومناسبات عديدة يحتفي بها الناس، ويتوارثون طقوسها وتفاصيلها من جيل إلی جيل، وتشكِّل هذه الطقوس جزءا مهما من هوية الشعوب، وجزءا راسخا في الذاكرة الجمعية، وكلما تطورت الحياة وتغيّرت لوازمها؛ تجد الناس يستحضرون هذه الطقوس، ويحييونها،ويحتفون بها،ويذكرونها حتی وإن كانت محاولات طمسها قائمة لأسباب سياسية أو غيرها، ومن ذلك أعياد المسلمين ومناسباتهم المتعلقة بأهل البيت التي ارتبطت بطقوس شعبية، وسنن قائمة، وحكايات وتفاصيل تبقی حاضرة الذكری في كل عيد أو مناسبة.
وحين تقلِّب كتب التأريخ، وتتصفح وريقاته القديمة لاتجد معنًی للعيد ولاتری صورةً له إلاّ في مصر!
وحدها القاهرة كانت سيدة الأعياد!!
هناك .. يأتي العيد مصحوبا بالبهجة والسرور والترف والشعر والموسيقی، ومن هذه الأعياد عيد الله الأكبر(عيد الغدير) إذ كان الخلفاء الفاطميون يقيمون طقوسا رائعة في هذا العيد، بقي عبقها ثائرا الی يومنا هذا، وبقيت متفردة لايشابهها طقس أو عيد، ولايماثلها مثيل، فهم ينزلون بأنفسهم ليشاركوا الناس الاحتفالات، ويبثوا البهجة والسرور في النفوس ، حتی صار الشعراء والأدباء والعلماء يقصدون مصر من الأقاليم الأخری؛ كي يتنعموا بعطايا الخلفاء الفاطميين وكي يشهدوا الاحتفالات في العيد.
ومن أبرز الطقوس الفاطمية في عيد الغدير:
- تزويج اليتامی
- توزيع الكسوة علی الفقراء
- تفريق الأموال والهبات علی سائر الناس(العيدية) ولاسيما الأطفال.
- نحر الماشية.
- عتق الرقاب .
-الاستماع الی الشعراء الوافدين.
-الاستماع الی القراء والمنشدين.
-إعداد الأسمطة(الموائد الفخمة) في القصور والمساجد.
فالعصر الفاطمي يشكل العصر الذهبي لمصر، ولم تكتسب القاهرة هذا الزهو وهذه الثيمة في الأعياد وفي شهر رمصان المبارك إلا من الدولة الفاطمية، والغريب أن أثر هذه التمظهرات انتقل الی البقاع المجاورة، وامتد زمانه إلی يومنا هذا، ومن ذلك ظاهرة الفانوس الرمضاني والاحتفاء بالشهر الفضيل بمزيد من الاهتمام والحظوة، فسياسة الفاطميين ونهجهم كان مميزا وناجحا وهو مزج الشعائر الدينية والمناسبات الدينية بالظواهر الاجتماعية، وهذا يكسبها لونا آخر، ويمنحها رسوخا وبقاءً في الذاكرة، ويلبسها ثوبا شعبيا محببا، ويجعلها جزءا رئيسا من الهوية الاجتماعية والدينية،فإن لم يستطع الشعب إحياءها كاملة، فهو يذكرها ويسرد تفاصيلها سردا ممتعا متوجا بالفخر.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha