نعيم الهاشمي الخفاجي ||
ابتلي شرفاء العرب بسيطرة القوى الرجعية العميلة على رقاب غالبية الشعوب العربية، عندما رسم الاستعمار حدود الدول العربية بالشرق الاوسط،قام بدعم وتنصيب عملائه ليكونوا ملوك ورؤساء وحكام وأمراء على أبناء الشعوب العربية، واجب الحكام مخصص لخدمة قوى الاستعمار في سلب خيرات العرب، ابتلي العرب عبر تاريخهم القديم والحديث بخيانة زعماؤهم وتعاونهم مع القوات المحتلة والغازية.
انفرد الشيعة العرب بمقاومة قوى الاحتلال، لكن القوى البدوية الطائفية ومن خلال فيالقها الإعلامية شوهت سمعة الشيعة وأتهمتهم في التعاون مع المحتلين، لكن الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك، من خان الدولة الإسلامية العثمانية السنية مفتي مكة وزعيم العرب شريف علي، أصدر فتوى لكل الضباط والجنود العرب السنة بترك الجيش العثماني والذهاب إلى مكة لتأسيس ميليشيات بقيادة نجله الأكبر فيصل الأول ليرسله لفتح دمشق وقتل الضباط والجنود الأتراك ويسلم مفتاح دمشق وسوريا إلى القوات الفرنسية الغازية، وفتح الطريق للقوات المحتلة لتصل إلى الأناضول واسطنبول، ومن تعاون مع قوى الاحتلال عبدالعزيز سعود ووهابيته، في وقت كان الشيعة العرب بالعراق والأحساء واليمن وسوريا يقاتلون إلى جانب القوات العثمانية للدفاع عن الدولة الإسلامية، رغم أن العثمانيين قتلوا ملايين الشيعة وابادوهم في الأناضول وسوريا ولبنان.
هناك حقيقة مراجع الشيعة يرفضون الخيانة، التاريخ سجل تعاون كل قادة العرب السنة بالجزيرة العربية والعراق والشام منهم على سبيل المثال مفتي مكة، كذلك عبدالعزيز سعود ووهابيته مع القوات المحتلة، كل ساسة العراق الحديث الذين حكموا العراق هم كانوا مقربين للدولة العثمانية، لكن خانوهم وتعاونوا مع القوات البريطانية والفرنسية، ومن المؤسف كانوا ضباط كبار بالجيش العثماني، لكنهم قبلوا لأنفسهم خيانة دولة خلافتهم الإسلامية وتعاونوا مع المحتل البريطاني والفرنسي، مهما جملوهم ونصبوا لهم تماثيل هنا وهناك، يبقى عار الخيانة بجبينهم، لم يسجل التاريخ تعاون الشيعة مع القوات المحتلة، وحتى قضية نسب الخيانة إلى الامام ابن العلقمي الأسدي ثبت كذبها بالدليل القاطع ومن كتب علماء سنة، الذين عاصروا تلك الفترة، منهم الخطيب البغدادي في كتاب تاريخ بغداد، وابن الفوطي وابن الطقطقي في كتاب العيون النظرة، أن من نسب فرية خيانة الإمام ابن العلقمي هو الناصبي التكفيري ابن تيمية دون غيره على الإطلاق، بل ابن تيمية اتهم ابن ابي الحديد المعتزلي بالتعاون مع التتار وثبت أن ابن ابي الحديد توفى قبل دخول التتار لبغداد بعدة سنوات، ابن تيمية حاقد على أبن أبي الحديد لكونه شرح كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب ع.
وهناك حقيقة ان جيوش التتار لم تحتل أراضي الدولة العباسية في شهر، بل العباسيبن تعاونوا مع التتار للقضاء على دولة الشيعة البويهيين الاسماعيلين التي كانت حاكمة في ايران، عسكرت جيوش التتار في مدينة مندلي شرق بغداد ١٢٠ سنة قبل دخولهم بغداد، وكان التتار هم من ينصبون ويخلعون الخليفة العباسي، رحم الله اسلافنا الشيعة الإسماعيلية اقتحموا بغداد وجيوش التتار هبت لنجدة الخليفة العباسي وطرد قوات الشيعة الاسماعيلية، الخليفة العباسي كان مغمور في احتساء الخمر وفي مداعبة الغلمان، جنود التتار رموه بسهم وكانت راقصة ترقص له وفي حظنه غلام، التتار قوة عظمى محتلة شكلوا مجلس حكم مثل ما شكل الامريكان مجلس حكم بعد سقوط نظام صدام الجرذ الهالك، كان ضمن أعضاء مجلس الحكم الذي يضم أعيان بغداد الوزير ابن العلقمي رحمه الله، بل حتى سعودي وهابي كتب أطروحة دكتوراه بجامعة ابن سعود تحمل العنوان التالي براءة ابن العلقمي من التهم المنسوبة إليه، صاحب الأطروحة دكتور لقبه الجهمي.
الفيالق الإعلامية بالقنوات الفضائية الوهابية والاخوانية المتوهبة تحاول تدليس الواقع، من وقف ضد احتلال العراق هم الشيعة سابقا وحاضرا، بعد سقوط نظام صدام الجرذ، الشيعة قاوموا المحتل، من خلال المرجعية رفصت استقبال سلطات الاحتلال، واصرت على انسحاب المحتل وتشكيل حكومة ومسودة دستور، ومن خلال المقاومة المسلحة من خلال سيد مقتدى الصدر، أسس جيش المهدي، تم تاسيس عصائب اهل الحق الجناح المسلح لجيش المهدي في يوم عشرين آيار عام ٢٠٠٣ في اليوم الذي أعلن به بوش الابن تحويل القوات الامريكية من تحرير إلى احتلال، بشهادة وثائق الأمن القومي الأمريكي قالوا إن جيش المهدي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، كانوا يهاجمون القوات الامريكية المحتلة في بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك وتلعفر.
العربان في فتنة الربيع العربي استهدفوا دول عربية انظمتها جمهورية مثل سوريا واليمن وليبيا وتونس وحاولوا استهداف الجزائر مرة ثانية لكنهم فشلوا، لأن للشعب الجزائري تجربة مرة استمرت عشر سنوات مع العصابات الاخوانية الوهابية.
فيالق إعلامية محترفة مدربة، العصابات الإرهابية تقتل آلاف الضحايا من الشيعة والمسيح والايزيديون والدروز والعلويين في سوريا وفي الموصل وغرب العراق، والقنوات الفضائية البدوية تنشر مقاطع فيديو الضحايا الذين قتلتهم العصابات الإرهابية بالقول أن القوات الامنية في سوريا والعراق تقتل اهل السنة والجماعة لخداع غالبية الجمهور العربي المغفل، طرق العربان طرق قذرة في تدليس وتزييف الحقائق، قتلوا الضحايا ومثّلوا بأجسادهم الطاهرة بحجة أن الشيعة كفرة وأن المسيح والايزيديين والعلويون كفرة، ووفق هذا الاجرام التكفيري، تم تجتمع، حثالات أقزام الربيع العربي ومعهم شذاذ الآفاق من مائة دولة، تم فتح الحدود، وتسهيل وصول الإرهابيين من مطارات دول الجوار.
هناك حقيقة مرة، أن الدول الداعمة الإرهاب والناشرة والممولة له، يخلعون جلودهم، مثل جلود الأفاعي، المعروف أن جلود الأفاعي دائماً في تجدد مستمر والقوى التكفيرية المرتبطة في دول الاستعمار بحالة تجدد مستمر، بل دول الرجعية العربية من حثالات البعث والقوى الوهابية يعيشون في عمليات تغير، يغيرون خطاباتهم لكنهم في الواقع هم باقون مترسخة لديهم عقدة الحقد والتكفير، هؤلاء الاراذل مهما حاولوا رفع شعارات، باتت عوراتهم مكشوفة، يخلعون جلودهم، فخلعوا جلد الخجل والحياء ليحل محله جلد الذل والعار والخذلان، تسبب هؤلاء الأراذل وخاصة حثالات بعث العراق من أيتام صدام الجرذ الهالك، بقتل مئات آلاف الأطفال، تم قتل الأطفال وهم في المهد، كل ذلك تم فعله لأسباب كاذبة وشبهات بعيدة كل البعد عن الحق والحقيقة.
تباً لكم وتباً لأمة حضنت وأنجبت هكذا فئة مطأطأة الرأس دائماً وكأنكم خرجتم من رحم صخور جامدة المشاعر لا من رحم أمهات تحمل مشاعر، ولكن معكم حق لأن أمهات كأمهاتكم لا تنجب أحراراً لأنهن لسن أحراراً عاشن إماءاً فلا تعرف الأمة من هو أبو ابنها فسمي ابن أبيه، ولكم في سلفكم الضال زياد ابن أبيه.
مشكلة الشعوب العربية انها ضحية للقوى الاستعمارية التي رسمت حدود الدول العربية حسب مزاج قوى الاستعمار، ودعمت أنظمة فاشية متخلفة تحكم بعقليات بدوية، لذلك تخطئ هذه الشعوب العربية المسحوقة كثيراً اذا ظنت ان سادة العالم مهتمون بقضاياها، أن ذلك الأمر لا يفكرون به ابدا.
القضايا العربية صنيعة استعمارية لخلق مآسي، وزرع روح اليأس، الان هناك صراع دولي خطير على قيادة العالم او تقاسم النفوذ بين الكبار وهي القضية التي تهيمن على عقول الساسة الكبار في الشرق والغرب، أما قضايا الشعوب المنكوبة فلا محل لها من الإعراب اليوم، وهي مؤجلة لقرن جديد من الزمان، حتى لو عاشت الشعوب في اسوأ ظروف الفقر والقهر والجوع والتشرد والضياع.
لدينا مثل شعبي عراقي جميل، يقول (من يعرف حميده بسوك اللبن)
هذا مثل عراقي رائع، ينطبق على واقع الشعوب العربية المسلوبة الارادة، العرب مضحوك عليها سابقا وحاضرا،
دول الاستعمارية الامبريالية، دعمت أنظمة عربية فاسدة، تعمل لصالح المستعمر، ولعل ترامب افضل من عرف العرب بقيمتهم الحقيقية، وتفنن في إهانة زعمائهم، وصفهم في الأبقار الحلوبة، ارسل على ولي العهد السعودي وابتزه بالعلن وأمره أن يشتري السلاح، وفي إحدى أحاديث ترامب، قال هؤلاء لا يملكون سوى نقود البترول وعليهم دفعها إلينا، عندما حدثت تفجيرات استهدفت سفن في مضيق هرمز وبحر العرب، طلب العبيد منه التدخل لحماية ناقلات نفط العرب، قال ترامب كلمته المشهورة، نحن أكبر مصدري النفط ونفط الخليج لا يهمنا لانه يذهب للصين والهند، لولا وجود إسرائيل في المنطقة لتركت أمريكا الشرق الأوسط منذ أكثر من عشر سنوات، بعد أن أصبحت أمريكا المصدر الأول للبترول والغاز بالعالم.
وهناك حقيقة، لايمكن أن يهتم أحد بقضية شعب ما ، إن لم يكن لذلك الشعب قيادة حرة واعية تمتلك خبرة وأوراق فاعلة ووازنة في مسرح السياسة العالمية، وإن لم يكن الأمر كذلك فذاك الشعب مجرد منطقة جغرافية مهملة.
الشعوب الحية تحتاج نضال، وتحتاج قادة شرفاء يؤسسون إقامة دول تحكمها الدساتير والعدالة الاجتماعية، ويعيش مواطنيهم في تساوي بدون ظلم وتهميش إلى أي مكون او عرقية او دين، الله عز وجل لاينزل كنوز لمن يجلس في بيته، على الإنسان العمل والحركة،
حتى عندما أراد الله عز وجل أن يرزق السيدة مريم أمرها بهز جزع النخلة، ولم ينزل الله لها مائدة بيد ملك من السماء،
لا يوجد أحد يقدم شيء بدون مقابل أو ان يصرف جهد، ولو جهد قليل،
مشكلات العرب حلولها بايادي العرب نفسهم، لكن حكام العرب يرفضون مواكبة الأمم ويحلون المشاكل ويشرعوا دساتير حاكمة لضمان العدالة الاجتماعية لشعوبهم، وهناك حقيقة دول الاستعمار الرأسمالية لا يهمهم إلا مصالحهم، بل دول الغرب صمتت لعمليات قتل مسيح في سوريا ولبنان والهند، وتجد قوى غربية تدعم العصابات الوهابية الارهابية، لولا القوات الأطلسية في سوريا لقامت الدولة السورية في تطهير الشرق السوري من العصابات الإرهابية القاعدية الداعشية الوهابية خلال يوم واحد
لا أكثر.
في الحقيقة لا توجد شعوب مسحوقة او مسروقة او ذليلة، هناك شعوب خانعة سكتت عن المطالبة بحقوقها لقرون من السنين و يجب أن تدفع الثمن غاليا.
اقول لمن يفتري على الشيعة أنهم مع الاستعمار، أقول دعوا عنا أكاذيب الماضي، لنتحاسب على الحاضر، من وقف ضد الانبطاح والذل هم المعسكر الشيعي بالدرجة الاولى، من أعاد الكرامة للأمة هم الشيعة، من رفض التطبيع المجاني هم الشيعة، من ساعد القوى المقاومة هي تيارات شيعية فقط ومعهم بعض القوى السنية المعتدلة الشريفة التي رفضت الذل والانبطاح.
في الختام القزم يبقى قزم وإن تم نفخه، والابطال يبقون أبطال وإن قل عددهم وتفرق انصارهم، حياة العظماء تبدأ بيوم استشهادهم على أيدي الطغاة.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
22/5/2023
https://telegram.me/buratha
