د. إسماعيل النجار ||
· هل فعلاً تمردَت السعودية على الولايات المتحدة الأميركية أَم أنَّ ما يحصل هو تكتيك مؤقت لإجتياز مرحلَة؟.
ما حصَلَ بين الرياض وواشنطن أمر مُستَغرَب للغاية ما كُنَّا لنتوقعهُ ولا كانَ في الحُسبان أن يَلِد أحد ملوك آلِ سعود رجلاً يتربىَ على طاعة أولياء أمرِهِ وأولياء نعمَتِهِ في الحُكم، وعندما يقسى عودَهُ يتمَرَّد بقُوَّة على واقعهِ وعائلتهِ وأسيادهُ من دون أن يحسب لعواقب الأمور معهم أي حساب.
الأمير مُحمَّد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء على ما يبدو أنه الوحيد من بين أبناء آل سعود الذي تَفَرَّدَ بقراراتهِ وتمَرَّدَ على واقع عائلتهِ وغَرَّد خارج سِربَهُم إلى فضاء روسيا والصين الأوسع قبل أن يُحَلِّق في سماء إيران برعاية صينية ومباركة روسية.
ولي العهد الشاب رفضَ الرَد على إتصالات الرئيس الأميركي جُو بايدن، ورفضَ طلبهِ زيادة إنتاج النفط لتخفيض الأسعار، ورفضَ تأييد أوكرانيا ضد روسيا، واتخذَ جانب الحياد في تلك الحرب، ورفضَ الطلب الأميركي بعدم توقيع إتفاق مع حكومة صنعاء واستمرارهُ بالحرب عليها، ورفض الطلب الأميركي بتخفيض سقف الإتصالات والعلاقات مع الصين وروسيا، ورفضَ بيع النفط للصين بالدولار الأميركي، ورفض طلب الإدارة الأميركية بعدم الإنضمام إلى منظمة شنغهاي،
هذا الرجل مُحَمَّد بن سلمان شعَر بخطر إنقلاب أميركا عليه كعادتها، وراجعَ وقرأَ وتمعنَ جيداً في كتاب أُسرَة آل سعود منذ مئَة عام حتى الأمس القريب، وتذكرَ كيف هددته واشنطن بفتح ملف 11 سبتمبر وإجبرته على دفع تعويضات لذوي القتلى بالمليارات، أيضاً هو لم ينسىَ تهديدهم بمعاقبتهِ على مقتل جمال خاشقجي،
فهوَ الذي أقدَمَ على خطوة اعتقال جميع أمراء العائلة بمَن فيهم المقربين منه وكبار رجال الأعمال واحتجزهم في فندق الريتز وأجبرهم على النوم في اللوبي مفترشين الأرض دون أن يأبَه لسلطتهم وقُوَّتهم،
هذا الرجل الذي تمرَّدَ على واقع الحياة السياسية والإجتماعية والدينية وضربَ عنق المؤسسة الدينية الراديكالية في المملكة وشركاء أسرته في الحكم آل الشيخ، وحطَّم جبروتهم جميعاً، وفرض التغيير وحَوَّلَ المملكة من دولة منغلقه إجتماعياً ودينياَ إلى بلاد منفتحة إجتماعياً اباحَ التحرُر وشرب الخَمر وإقامة الحفلات المَجون في كل المملكة، واعتقل كبار الدُعاة من رجال الدين الذين كانوا ينبحون ليلاً نهار يطالبون الشباب السعودي والعربي المسلم بوجوب الجهاد ضد ايران والشيعه وسوريا واليمن والعراق، بينما لم نسمع لهم صوت فيما يخص فلسطين السليبه المقهورة المذبوحة،
إن كل ما قامَ بهِ هذا الشاب الثلاثيني ينسف نظريَة المؤامرة لدينا، وجعلنا نكون متأكدين بأنه متمرد تمرَّدَ على أمريكا في ظرفٍ حَرِج بالنسبة لها، فأختار اللحظة المناسبة للتسلل من تحت عبائتها والهروب ليسَ شرقاً فقط بَل إلى أقصى ما يتخيله العقل الأميركي بالمصالحة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية،
وكل مَن يتحدث عن إتفاق بينه وبين ألإدارة الأميركية أو أن هناك غض نظر او رِضا أميركي فأنه مخطئ ولا يفقه في السياسة شيء،
لأن واشنطن لا يمكن لها تحمُل كلمة لا من أحد عبيدها وخصوصاً السعودية التي اعتادوا على طاعة حكامها العمياء، فكيف بهم اليوم يقبلون كل تلك اللاءآت التي قالها بن سلمان بوجه ترامب وبايدن بعدما إنكوَىَ من نار ابتزازهم وتهديداتهم لهُ، وخصوصاً أنه متأكد أن واشنطن ستعمل على اغتياله او اعتقاله عبر إنقلاب لتحول دون وصوله الى العرش وتتويج احد ابناء عمومته بدلاً منه،
إذاً حتى اليوم نجحَ بن سلمان فهل يستمر ويصمد بوجه الرياح الأميركية؟.
بيروت في....
23/4/2
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha