د.إسماعيل النجار ||
هل سيفضي إلى تموضُع دِمَشق في الحضن العربي دونَ سِواه، أم أنها ستبقى كما هيَ أيقونة مِحوَر المقاومَة وحلقة الوصل الأصلب بين بيروت وفلسطين من جهة وبغداد وطهران من جهة أخرىَ؟،
كما نعرفها عاصمة الياسمين ثابتة على مواقفها لذلك ستبقى اللاعب الأساسي في الصراع الدائر مع أميركا والصهيونية العالمية ولن تُغيِّر جِلدها؟
إذاً هو سباق المصالح والأجندات بين تركيا والمملكة العربية السعودية وسباق قطع الطرقات على بعضهما البعض تُرجِم بزيارة وزير خارجية سوريا المنتصِرة فيصل المقداد إلى جَدَّة يوم الأربعاء الماضي في خطوة أرادت من ورائها دمَشق إيصال رسالة قويَة لأنقرَة مفادها إذا خُيِّرنا بينكم وبين أشقائنا العرب فنحنُ سنختار العَرَب،
وإذا كنتم تريدون مصالحة حقيقة مع دمشق تساعدُ على تهدئة النفوس وتنعكسُ على الشعبين أماناً وازدهاراً ما عليكم إلَّا أن تحذوا حذو المملكة العربية السعودية بحوارٍ جاد وشفاف ودون شروط،
الرسالة وصلت إلى قيادات السلطَنَة العثمانية الجُدُد وصدى الزيارة للمملكة ترددَ في أروِقَة مكاتب المسؤولين الكبار في تركيا وما عليهم الآن إلَّا تلقُف اللحظة في توقيتها والإعلان الصريح والواضح عن قبولهم بكامل شروط دمشق وعلى رأسها إعلان الإنسحاب من الأراضي التي تحتلها في الشمال السوري،
الرياض بدورها أرادت أن تسبُق أردوغان بخطوَة عبر المصالحة مع سوريا والإسراع في إعادة العلاقات معها ولو على مستوَىَ وسطي لقطع الطريق على الأهداف التركية وتجنباً لإغضاب واشنطن، وما إعادة مقعد سوريا لها في الجامعه العربية إلا لكي تكون هناك مسافة بين دمشق وأنقرة أو ما يُسَمَّى حاجزاً "سياسياً" يمنع التطبيع التام بينهما لعدم تعويم رجب طيب أردوغان، كما تقتضي المصلحة السعودية التي ترى في السياسة التركية أطماعاً توسعية تُضر بموقعها السياسي على حساب بعض الدُوَل العربية التي نشبَ بينها وبين المملكة خلافات كقطر وليبيا وسوريا وجزء من لبنان،
بكل الأحوال الجزء اليسير من التطبيع بين دمشق والرياض يأتي في سياق إعادة التموضع للمملكة بعد انفتاحها على الصين وروسيا وتوقيع اتفاقيات بيع النفط باليوان والريال، وبعد مصالحتها التاريخية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ساهمت بوقف الحرب في اليمن وحلحلة بعض التعقيدات الحاصلة في البحرين، وأخيراً مصالحتها مع سوريا والتي ستنسحب مستقبلاً إيجاباً على لبنان بكل تأكيد،
إذاً قطار المصالحات العربية يسير بالإتجاه الصحيح، ورياح التغيير الدولية تسير عكس ما تشتهي سُفُن واشنطن في آسيا برُمَّتها في ظِل بدء إنتكاس الوضع الإقتصادي في اوروپا وإزدهارهُ في منطقة غرب آسيا، وأيضاً في ظل تراجع إهتمام البرازيل وماليزيا وإيران وروسيا والصين وفنزويلا واليابان والهند وباكستان في الدولار الأخضر،
إذاً عادت سوريا قلب العروبة النابض تضخ الحياة والأمل بين رئتين عربية ومحوَرِية تضم إيران وروسيا والصين ومُحوَر المقاومَة،
(عالم يغيب وعام ينهض)
بيروت في...
15/4/2023
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha