في بيوتنا التي تتنفس محبة محمد وآل محمد، تجد الحياة فيها مختلفةً، فهي بسيطة جدا، وعميقة جدا!! وهناك شهران يختلفان عن غيرهما في بيت الشيخ جاسم الشيخ محمد الأسدي، شهر رمضان الكريم، وشهر المحرم الحرام،ربما تكون - الآن- حسينية البو شجاع هي الأكثر تذكرا لوجهه، فقد شهدت أنفاسه وتسبيحاته، وحفظت صوته وهو يدعو جمعا من الصائمين في كل يومٍ من أيام شهر رمضان المبارك، إذ لابد أن يفطروا في بيته! شهران من العام لايعمل فيهما، ويدخر لهما ما يسد ويكفي من المؤن، فلا ينظر إلی النهر ولايتطلع الی رحلةٍ جديدة إلی البصرة! وأكياس التمر والتمن عنبر، والنومي بصرة، واللوز وفستق العبيد وتمر الهند والبيض وأكياس الفحم، كلها تنتظر دورها في بيتٍ هويته:((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ...)) وفي هذا البيت سيدةٌ ترجو أن يرزقها الله ولدا، فتركض خلف عمها: عمي جاسم عمي جاسم، مادام الليلة، ليلة القاسم عليه السلام، اخذ هاي الگلاصات وياك للحسينية ، خل يوزعون بيها شربت، واذا جاني ولد راح اسميه قاسم! فأجابها:ان شاء الله عمي حمل الصينية بيده،وقبل أن يعبر الشارع استعجله( حجي لفتة)، ذلك الرجل الذي يشارك الناس أفراحهم وأحزانهم وأفكارهم ودعواتهم! دخلا إلی حسينية (البو شجاع) التي يعشقها كل الكبار حينها، وهما علی ثقة تامة بقضاء الحوائج، فهم من زمن الفطرة والتسليم المطلق، ولاسيما في هذا المكان المحبوب، فلم تكن علاقة الناس بهذه الحسينية،علاقة الفرد بالمكان العبادي الذي يصلي فيه، ويدعو الله فيه وحسب؛ بل كانت ركنا رئيسا في حياتهم، وصوتا حاضرا، وبيتا جامعا لكل التفاصيل والتدابير الحياتية!! مساءً عاد ( الشيخ جاسم) وبيده( صينية الگلاصات) وقد مُلئَت بالأماني الأكيدة التحقق! فالإيمان الراسخ، والنية السلمية، والمحبة الصادقة، والأيادي الكريمة، لايردها الله ورسوله وأهل بيته! كان ذلك في عام 1964م، والآن، ستمر كلماتي هذه علی الدكتور قاسم الأسدي،فتشربها عيناه وتترجمها ابتسامةً ودعاءً لجدنا الذي نستذكره وأمامنا ( صينية الگلاصات) نفسها مع السيدة التي نذرت وأوفت!!
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha