علي عبد سلمان ||
منذ انتخاب الرئيس الأول خلفاً لرئيس النظام السابق، صدام حسين، يبدو التنافس على منصب رئيس الجمهورية في العراق الأكثر حدة بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني.
وتسخن المنافسة بين الطرفين على خلفية رفض الديمقراطي الكردستاني ترشيح الرئيس المنتهية ولايته ومرشح الاتحاد برهم صالح لولاية ثانية، في مقابل إصرار الاتحاد الوطني على مرشحه ورفض الحديث عن شخصية توافقية.
مع أن الدستور يسمح لكل عراقي بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إلا انه ووفق نظام المحاصصة المعمول به في العراق، يكون منصب رئيس الجمهورية للكرد، ومنصب رئيس مجلس الوزراء للشيعة، ومنصب رئيس مجلس النواب للسنة.
وقد حاز الاتحاد الوطني الكردستاني هذا المنصب خلال الدورات السابقة، إذ شغل ثلاث شخصيات تنتمي له منذ الانتخابات البرلمانية الأولى في 2005، هم جلال الطالباني لدورتين، وفؤاد معصوم، وصالح.
وحددت المحكمة الاتحادية طريقة انتخاب رئيس الجمهورية، باقتراع الثلثين، وفي حال عدم الفوز يصار إلى اختيار المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات.
الحقيقة أن مرشحي الاتحاد لمنصب رئيس الجمهورية طوال السنوات الماضية كانوا ملتزمين بالدستور ومحافظين على استقلاله، ما عدا السيد برهم صالح الذ أنشغل بأمور خارج صلاحياته، وتمدد مشاركا بشكل مباشر بالحراك السياسي متخليا عن حياده الأفتراضي، فضلا عن رعايته الشبه معلنة للحراك التشريني ، ومعاداته الواضحة لقوىالإطار التنسيقي وللحشد الشعبي ولمحور المقاومة، وأنحيازه الأمريكي الواضح، مع نزعةتطبيعية معلومة، فضلا عن مشاركته في إستفتاء إنفصال اقليم كردستان، وموقفه المشبوه من عدم التوقيع على المحكومين بأحكام الإعدام من الأرهابيين.
آلية تقاسم السلطات في إقليم كردستان تشي بأن ثمة عُرف غير مكتوب بين الحزبين الكرديين، هو أن يكون منصب رئاسة الجمهورية مقابل منصب رئاسة الإقليم، الحزبان الرئيسان يستنبطان قوتهما من الدعم داخل الإقليم، سواء من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية أو أصوات الناخبين الاتحاد يقود جزءاً من هذه السلطات وجزءاً من الحكومة، وتربط الحزبين التزامات مشتركة تمثل المصلحة العامة لمواطني الإقليم، والجميع ملتزم بالدفاع عن هذه الحقوق الدستورية. ومن المؤكد أن الحزبين لن يضحيّا بعلاقتهما داخل الإقليم، والكل سيتقبل النتائج.
في انتخابات 2018، دخل الاتحاد الوطني الكردستاني المنافسة على منصب رئيس الجمهورية، وكان حلفاؤه يمثلون الأكثرية في مجلس النواب، وفي الدورة الحالية وخلال انتخاب رئاسة مجلس النواب أثبتت العكس. الاتحاد الوطني لم يصوت لمرشح السنة لرئاسة البرلمان، ولم يصوت لمرشح الجانب الشيعي للنائب الأول، ولم يصوت للمرشح الكردي، وهذه الجهات، ملتزمة بالتعليمات، ولن تصوت لمرشح الاتحاد برهم صالح، إلا إذا حدث أمر ليس في الحسبان، لأن في العراق كل شيء متوقع.
الحزبان يمتلكان منطقتي نفوذ وأجهزة أمنية وألوية مسلحة ومنشآت اقتصادية، وهما يتقاسمان الحكم في الإقليم بشكل عملي كل حسب منطقته الجغرافية ونفوذه وقوته بنسب متفاوتة، بعد أن كانت معادلة مناصفة تنظم علاقتهما.
من المرجح حدوث مزيد من القطيعة الإدارية والسياسية على الرغم من كون الحزبين الكرديين بحاجة كل إلى الآخر، في ملفات داخلية واستحقاقات مقبلة مثل دستور الإقليم وتنظيم العلاقة مع بغداد وسن قانون جديد لانتخابات الإقليم المزمع إجراؤها في نهاية العام الحالي وإيجاد صيغة لوضع كركوك، ومن الصعوبة بمكان تحديد التداعيات الآنية السريعة، خصوصاً أن الحزبين تجاوزا في 2018 آثار الانقسام بعد أشهر من الشد والجذب تحت ضغط المصالح المتشابكة وحاجتهما إلى العمل المشترك.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha