التقارير

في ذكرى تأسيس الحشد الشعبي: عنصر القوة الذي يراد ضربه

1533 2022-06-14

علي المؤمن ||      ظهرت الفصائل الإسلامية الشيعية الثورية المسلحة في التاريخ الحديث والمعاصر، بالتزامن مع موجات الاحتلال الغربي للبلدان الإسلامية، وانطلاق الحركات التحررية المضادة له. ففي العراق كانت هناك حركات مسلحة تستهدف الاحتلال التركي العثماني في العراق، ثم الاحتلال البريطاني، وأهمها الفصيل الذي قاده السيد محمد سعيد الحبوبي في العام 1914، وأعقبه تأسيس حزب النجف السري، والجمعية الإسلامية في كربلاء، وحركة النهضة الإسلامية في النجف، التي مهدت لثورة النجف ثم ثورة العشرين الجماهيرية المسلحة. وكانت عشائر العراق الشيعية ـ هي الأُخرى ـ عبارة عن فصائل مسلحة تأتمر بفتاوى المرجعية الدينية وتوجيهاتها في التحرك الثوري المسلح ضد الاحتلال التركي ثم البريطاني.    وشهدت مرحلة ما بعد العام 1979 منعطفاً تاريخياً في مسار العمل الإسلامي الشيعي العراقي المسلح، بالتزامن مع تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران وإجراءات حمايتها، القمع الشديد الذي تصاعد ضد الحالة الدينية في العراق من قبل النظام البعثي والحرب العراقية الإيرانية. وكان أبرز هذه الفصائل التي ظهرت في هذه الفترة: «قوات الشهيد الصدر» التابعة لحزب الدعوة والجناح العسكري لمنظمة العمل الإسلامي، و«حركة المجاهدين العراقيين»، ثم «قوات بدر» في العام 1985.    وشهدت الموجة الثالثة التي تزامنت مع الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط النظام البعثي في العام 2003، وتصاعد حدة استهداف الشيعة في العراق من الجماعات الوهابية التكفيرية، وخاصة تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، ثم الحرب الداخلية والإقليمية ضد النظام السوري؛ ظهور عدد كبير من الفصائل الشيعية المسلحة، أهمها في العراق: «جيش المهدي» و«سرايا السلام» التابعين للتيار الصدري و«عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«حركة النجباء» و«سرايا عاشوراء» و«كتائب جند الإمام» و«فرقة العباس» و«فرقة الإمام علي»، والتي توحّد أغلبها في هيئة الحشد الشعبي، وهي هيئة حكومية رسمية، لعبت دوراً رئيساً في مواجهة تنظيم داعش الوهابي، وتحرير الأراضي العراقية التي احتلها بعد العام 2013.     وقوات «الحشد الشعبي» جزء رسمي من القوات المسلحة العراقية، ويبلغ عديدها الرسمي حوالي (130) ألف عسكري، إضافة إلى قوات الاحتياط والمتطوعين الذين يقارب عددهم (500) ألف شخص. ورغم وجود فصائل سنية ومسيحية عاملة في إطار الحشد الشعبي؛ إلّا أنّ البنية العقدية للحشد وكتلته البشرية الأساسية تنتميان إلى الاجتماع الديني الشيعي.      ويظهر من خلال دوافع تأسيس الفصائل المسلحة الإسلامية الشيعية التي تبلورت في الحشد الشعبي، ومساراتها وأدائها؛ أنّها ليست جماعات طائفية مهاجمة، تحمل السلاح لتصفية حسابات داخلية أو لحسم خصومات سياسية، بل هي حراكات عقدية دفاعية تقاوم محتلاً خارجياً أو مستبداً قمعياً داخلياً. وبما أنّ الحشد يلعب دوراً أساسياً في حماية الحضور الشيعي في الواقع السياسي والاجتماعي، من التهديدات المتواصلة للخصوم، سواء كانوا دول احتلال أو أنظمة قمعية أو جماعات طائفية؛ فإنّ دعوات الخصوم ظلت تتصاعد باطراد، لضرب الحشد وحله ونزع سلاحه، تحت مختلف الذرائع، من أجل القضاء على أحد أهم عناصر قوة الردع والدفاع عن النظام الاجتماعي الديني الشيعي وحماية قواعده البشرية، وإعادة الشيعة إلى عصور الاجتثاث والقمع والتشريد والمقابر الجماعية. والحال، أنّ هذه القوة الرادعة الأساسية وحواضنها الاجتماعية هي خط المواجهة الأول ضد مصادر الإرهاب، سواء المتمثل بإرهاب الاحتلال والاستكبار أو إرهاب الدولة أو إرهاب الجماعات العنصرية والتكفيرية.    هذه المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الحشد الشعبي، تقتضي العمل على ضمان بقائه وتقويته، وفق ثلاثة محاور:    المحور الأول: يقع على عاتق الدولة، والتي ينبغي أن تولي قضايا الحشد اهتماماً بالغاً، خاصة في مجال تكريس وضعه الدستوري والقانوني، وتقوية إمكانياته وأجهزته العسكرية والثقافية والتعبوية والاستخبارية، وحمايته من أية تهديدات سياسية وأمنية داخلية وخارجية، وتنميته نوعآ وكماً. إضافة الى عدم استثناء أي فصيل جهادي من الخضوع التام والمباشر لقيادة الحشد الشعبي.    المحور الثاني: وهم الأحزاب والتيارات السياسية، التي ينبغي أن ترفع يدها تماماً عن الحشد الشعبي، بوصفه قوة مسلحة حكومية رسمية، أسوة بباقي القوات المسلحة العراقية للدولة، وعدم استثمار الحشد لأهداف ومساومات سياسية أو مالية أو تنظيمية، الى جانب تمسك الأحزاب الشيعية بمبدأ حماية الحشد ودعمه من داخل مؤسسات الدولة، وخاصة في المجالات القانونية والمالية والتسليحية. المحور الثالث: الحشد الشعبي نفسه، والذي ينبغي أن يكرس وجوده كقوة مسلحة عقدية وثقافية شعبية، كبيرة ونوعية، ومنضبطة ومنظمة تنظيماً حديدياً، وتوسيع صنوفه الى الجو والبحر والتصنيع والاستخبارات والمعلوماتية، والنأي بالنفس عن الخلافات السياسية للأحزاب، فضلاً عن تعزيز عمله الثقافي والإعلامي الوطني العقدي، وتعزيز علاقاته بالناس والشارع والمجتمع، وتحويل مفهوم "أمة الحشد" الى واقع اجتماعي قائم، لأن الحشد منذ اللحظة الأولى لتأسيسه، انبثق من رحم المجتمع وهمومه وهويته.    إن الحشد الشعبي العقدي، هو أمانة التاريخ الشيعي العراقي المتخم بالمظلومية والتضحيات والاضطهاد والتهميش، منذ تأسيسه في عهد المختار الثقفي قبل 1350 عاماً، وحتى لحظة الانبثاق الجديد في العام 2014.  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
جبارعبدالزهرة العبودي : في سورة مريم اكد اللنه سبحانه على اهمية المراة في الحياة من خلال الحمل والاولادة ...
الموضوع :
الى جماعة الجندر: من كنوز القرآن..تكريم المرأة ..!
جبارعبدالزهرة العبودي : الذين سبقوا الامام علي ليسوا بخلفاء لانهم سرقوا الخلافة من الامام علي عليه السلام فهو القائل (زفت ...
الموضوع :
عوامل ثورة الامام الحسين ع ومعطياتها - ١٢ -غياب روح المسؤولية عند الامة 
علي علي : مقال مهم يوضح انجازات لم تكن واضحة للجميع, وفق الله الكاتب من افضل ما قرات ...
الموضوع :
ماذا قدمت حكومة السوداني ؟!
علي عزيز : السلام عليكم عزيزي ورد ذكر بني معروف تقول إن إمارة المنتفق فيهم لكن لايوجد تفاصيل تاريخه حول ...
الموضوع :
عشائر قضاء سوق الشيوخ عبر التاريخ.
ستار العابدي : مثلك أقول إن التاريخ الوارد في اخبار معركة الطف كاذب ومزور وغير قابل للتصديق فعندما تراجع كتب ...
الموضوع :
لعبة العدد في القضية الحسينة..!
جابر شاهر جعفر : احسنتم شيخنا الفاضل الماسونية و الوهابية والسياسة العلمانية السنية واعلامهم المضل اخفت حقائق الإسلام المحمدي القويم وقاموا ...
الموضوع :
من العراق الى المغرب..رسالة إلى بابا عاشوراء
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
فيسبوك