د. إسماعيل النجار ||
إذاً لا عودَة للوراء مهما فعلت الولايات المتحدة الأميركية، والتفاهم مع روسيا الإتحادية يعتَبَر طوق النجاة الوحيد لإقتصادها المُرتَقَب إنهيارهُ وضياع قيمة الدولار في زمنٍ ليسَ ببعيد،
موسكو التي صَمَّمت السير في الطريق الصعب إلى آخر الطريق ولن تتراجع عنه، مشروعها الإقتصادي الحيوي تحميه قوتها العسكرية والنووية الإستراتيجية، ودون ذلك ستكون الحروب تقليدية بإمتياز ضد روسيا لأن لا طاقةَ لأوروبا بها مهما وضعت من ثقل عسكري كبير على الجبهات،
القارة العجوز تفتقد للكثير من مُقَوِّمات الحياة مثل المواد الغذائية والحبوب والطاقة وجميعها تُستَورَد من بلاد القيصر، وإذا كانت موسكو قد أجَّلت إقفال صنابير الغاز عنهم إلى بداية فصل الصيف، الأمر ما هوَ إلَّا إجراء تكتيكي قامت به من أجل ترك باباً خلفياً مفتوحاً للمفاوضات وتسوية الآمور قبل فوات الآوان، لا يوجد أي مصلحة لأوروبا في خَوض حرب نووية مع روسيا تكون أميركا فيها الرابح الأكبر، كما فعلت في الحرب العالمية الثانية،
لقد دارت الأيام وأصبحت واشنطن تستخدم الدوَل الأوروبية زبانية لها يعملون لديها ويقاتلون لأجلها ويدافعون عن مصالحها القومية، وذلك على حساب شعوبهم ومقدراتهم ومستقبل دُوَلِهِم، مع العلم أنهم يعلمون جيداً بأن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لو أُعطيَ الأمان في أوكرانيا لما وصلت الأمور إلى ما هيَ عليها الآن، وربما كان ليقف تدحرج الأمن الأوروبي إلى هذا الحَد، لكن العناد الأوروبي الأميركي سيوصل الأمور إلى حدود خطيرة للغاية قد تُنذر بزوال دُوَل وإشتعال حروب داخلية تعيد المشهد إلى ما قبل توحيد برلين؟...
اليوم الذي يلوح في الأفُق يَشي بالسير نحو الهاوية في ظل إدارة أميركية للصراع في أوكرانيا، وعناد اوروبي قد يطيح بالأمن الإجتماعي خلال حلول فصل الخريف، بعد قطع إمدادات الغاز الروسية عن الكثير من البلدان،
منطقة الشرق الأوسط المليئة بالطاقة والغاز لن تكون البديل عن الغاز الروسي، لأن أي دولة ستتخذ هذا المنحىَ ستعتبرها موسكو جزء من الحرب الكونية عليها، فالمتغيرات أصبحت واقعاً جَدِّياً وزمن المناورات الروسية والبيع والشراء وَلَّىَ إلى غير رجعَة، لأن شركاء موسكو اليوم بدءً من سوريا ليسوا مستعدين لدفع أي ثمن نيابةً عنها، في مقابل العمل جنباً إلى جنب من أجل كسر هيبة الدولار والهيمنة الأميركية،
عالم أصبحَ متعدد الأقطاب سيبرز دور كل قطب فيه على حِدا حسب قوتهِ وفي محيطهِ تحديداً، ستكون حصة إيران منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا برُمَّتها،
بيروت في....
4/6/2022