د.محمد العبادي ||
إن انتخابات الرئاسة الإيرانية تحظى بأهمية لدى الشارع الإيراني، لانها ستحدد مسير ومصير البلد في السنوات المقبلة ، وتحظى أيضاً بأهمية لدى كثير من البلدان والشعوب ومنها العراق ، لأن ايران دولة كبيرة وهي دولة أسباب وتأثير على الصعيدين الإقليمي والعالمي .
وعليه رأيت من الأهمية ان أطرح هذا الموضوع القاريء العربي للإطلاع على حيثياته .
في الدورة السابقة لرئاسة الجمهورية الايرانية تقدم(١٦٣٦) مرشحاً ، وفي هذه الدورة اي الدورة الرئاسية (١٣) تقدم إلى الترشح للرئاسة في إيران (٥٩٢) مرشحاً .
ان السبب الذي يكمن في تقلص هذا العدد من المرشحين للدورة الحالية عن سابقتها يعود إلى إدراك كثير من الناس أن شروط الترشح للرئاسة لاتنطبق عليهم .
لقد تقدم إلى هذه الانتخابات عدد من الشخصيات ذات الحجم الكبير من ناحية سياسية أو شعبية مثل علي لاريجاني (إصلاحي) ، واسحاق جهانگیری(إصلاحي)، والسید ابراهيم رئيسي (اصولي) ، واحمدي نژاد (مستقل)- والذي استبعد بضرس قاطع إحراز صلاحيته- ، ومحسن هاشمي رفسنجاني(إصلاحي) ، وغيرهم .
لم يتقدم للترشح بعض الشخصيات ذات الوزن السياسي في إيران والتي تكهن الإعلام بترشحها، مثل الدكتور محمد قاليباف رئيس البرلمان الحالي ، والدكتور محمد رضا عارف وزير الاتصالات الاسبق ونائب رئيس الجمهورية في زمن خاتمي ، والدكتور محمد جواد ظريف وزير الخارجية الفعلي ، وعلي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية ووزير خارجية ايران سابقاً وغيرهم .
كان من الممكن أن تعطي هذه الشخصيات الأخيرة -التي نأت بنفسها عن الترشح - حرارة خاصة للإنتخابات المقبلة ، وإن كنت اعتقد ان الشخصيات التي تقدمت للترشح مليئة جعبتها بأنواع النقاشات المحتدمة والبرامج المختلفة .
عودٌ على بدء ؛ فإن مجلس صيانة الدستور ووفقا للمادة(٩١) من دستور الجمهورية الإسلامية هو الجهة الرسمية التي تقوم بالتحقق من صلاحية المرشحين بعد استلام ملفاتهم من وزارة الداخلية ، وهذا المجلس يتألف من (١٢) عضواً ، (٦) من أعضائه هم من الفقهاء العدول ، والعارفين بشروط العصر ومقتضياته، حيث يقوم قائد الثورة الاسلامية بتسميتهم، وأما ال(٦) الآخرين من أعضائه ؛ فهم من المختصين بالقانون على اختلاف فروعه كالقانون العام ،والخاص، والقانون الدولي وغيره ، ويقوم رئيس القوة القضائية بترشيحهم ويتم مناقشة أهليتهم والمصادقة عليها من قبل البرلمان الإيراني.
ان مجلس صيانة الدستور لديه وظائف أخرى مثل دراسة التشريعات الصادرة من البرلمان ومدى موافقتها للموازين الشرعية ، وعدم تضاربها مع القوانين الأساسية المصادق عليها ، وأيضا المصادقة على صحة أو عدم صحة الانتخابات المختلفة ، كما أن لديه وظائف أخرى حيث يعتبر هذا المجلس هو الجهة المخولة بتفسير القانون ، ومراقبة الانتخابات ، وفي حال اختلافه مع البرلمان يصار الموضوع إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام للبت فيه.
بعد استلام مجلس صيانة الدستور لأوراق وملفات المرشحين ، يقوم هذا المجلس بالاستفسار من الجهات المختصة مثل الجهات الأمنية والقوة القضائية وغيرها للتحقق من عدم وجود مخالفة أو جنحة قد ارتكبها المرشح سابقاً .
ثم يعمل هذا المجلس على وضع المرشحين في كفة ميزان الضوابط القانونية لهذه المسؤولية الكبيرة مثل : ان لا يكون قد ارتكب جنحة جنائية أو أخلاقية ، وإن يكون من حملة الشهادات العليا ، وإن لا يقل عمره عن (٤٠)عاماً، وان يكون مديراً ومدبراً ، وسياسيا ، ومذهبي، وهناك شرط أكد عليه رئيس مجلس صيانة الدستور اية الله جنتي وهو توفر شرط التقوى لدى المرشح ، والذي اعتبره ملاكاً اصلياً في المرشح لهذا المنصب الخطير بمعنى ان يكون الانسان المرشح متقياً يعمل ويحرص على القيام بواجباته ومسؤولياته على أتم وجه .
هناك تفصيلات كثيرة في هذه الضوابط ومفرداتها المضغوطة ، لكن في كل الأحوال ؛ فإن على مجلس صيانة الدستور تعيين إحراز صلاحية المرشحين في ظرف خمسة أيام قابلة للتمديد لخمسة أيام اُخر .
يقول هادي الطحان وهو أحد الأعضاء القانونيين في مجلس صيانة الدستور : ان المجلس لديه وظيفتين أحدهما : معلوماتية ، حيث يقوم على صعيد المعلومة بملاحظة التزامه وعدم تخطيه للقانون ، وعملية جمع المعلومات لايقوم بها مجلس صيانة الدستور بنفسه ، لانها تأخذ وقتاً طويلاً، وأكثرها تصل إلى المجلس من الجهات المختصة . اما الوظيفة الثانية فهي تقريرية وتصويبية ، اي أنه يلاحظ مدى انطباق الشروط على المرشح ، ومن ثم تجري عملية الموافقة او عدم الموافقة عليه .
وجدير بالذكر أن الشخص المرشح للرئاسة عليه ان يحصل على اصوات (٧) اعضاء من مجلس صيانة الدستور من أصل(١٢) ، ليأخذ بعدها طريقه إلى المنافسة على الرئاسة .
ان المعلومات الأولية التي خرجت من مجلس صيانة الدستور الى الإعلام هي ان هناك (٤٠) مرشحاً تجري دراسة صلاحياتهم من بين مئات المرشحين ، وسفينة الانتخابات لاتتحمل ان يركب على ظهرها مئات المرشحين الذين يتنافسون على كرسي واحد ، وسيصعد فيها عدد قليل ، وكما يقول القانوني هادي طحان: من خلال تجربة (٤٢)عاماً التي اكتسبناها من الانتخابات يمكننا القول أن الأسماء النهائية التي ستتم المصادقة على احرازها للشروط تتراوح اقل أو أكثر بين ٧ إلى ١٠ مرشحين .
ان الإنتخابات في اكثر البلدان هي عبارة عن بداية مرحلة جديدة في طريق إدارة شؤون الحياة المختلفة ، ولاشك أن ايران تدرك الأبعاد الكبيرة والخطيرة لمسؤولية الرئاسة وأثرها على الداخل والخارج ، وستنتخب الأصلح والأقرب إلى همومها ومصالحها.
https://telegram.me/buratha