د.محمد العبادي ||
لم يبق على إجراء الإنتخابات الرئاسية الثالثة عشر في ايران إلا(٤٥) يوماً ، وفي هذه الأيام تعيش الأحزاب الأصولية والاصلاحية حالة من الاستنفار والنشاط المحموم في داخل اروقتها التنظيمية من أجل تقديم المرشحين بعد فرز الأسماء الحقيقية عن
الأسماء العارضة .
وسنتحدث في هذا المقام بشكل مختصر عن التيار الإصلاحي وبعض آليات الترشح فيه ، والأسماء التي تم ترشيحها من قبل جبهة الاصلاح ، ومن ثم نذكر الأسماء الأخيرة التي استقر عليها رأي الجمعية العامة لجبهة الإصلاح، والتحديات التي ستواجها في السباق الرئاسي .
في التنافس الانتخابي على الرئاسة إنضوى ( ٣١) حزباً في ايران تحت مسمى ( جبهة الإصلاح الايرانية) ، ومن تلك الأحزاب : حزب الاعتماد الوطني ، وحزب العمل الإسلامي، وحزب الأمة الواحدة ، وحزب العمال ، وحزب النداء الإيراني، وحزب التضامن ،و..و..الخ.
لقد عقدت الجمعية العامة لجبهة الإصلاح عدة اجتماعات ، وحضرها ممثلون عن الأحزاب التي تنتمي لجبهة الإصلاح .
ان هذا الحضور والتضامن الحزبي ليس فقط في طرح الأسماء ومناقشة أهليتها ، بل لمعرفة تأثيرها وعمقها الجماهيري ، والبرامج المقترحة ومدى قدرة تلك الشخصيات وتوافقها مع تنفيذ تلك البرامج .
لقد قدم كل حزب أو جهة سياسية بعض الأسماء المرشحة، ومن ثم جرى التصويت عليها من قبل الجمعية العامة لجبهة الإصلاح والتي تضم في عضويتها (٤٦) عضواً ، وقد اتفق هؤلاء على عشرة اسماء وقد حازوا على الأصوات كالتالي :
١- محمد جواد ظريف ( ٣٧) صوتا.
٢-إسحاق جهانگیري(٣٥ )صوتاً.
٣- مصطفى تاج زاده(٣٢)صوتاً .
٤- مسعود پزشكيان(٢٥)صوتاً.
ه-محمد رضا عارف (٢١)صوتاً.
٦-محسن هاشمي رفسنجاني(٢٠)صوتاً.
٧- محمد شريعتمداري(١٩)صوتاً.
٨-مصطفى كواكبيان (١٥)صوتاً.
٩-محمد صدر(١٣) صوتاً.
١٠- محمود صادقي (١٢) صوتاً.
ان اغلب التصريحات والترجيحات والتقييمات من قبل الأحزاب الإصلاحية تميل إلى إنتخاب ثلاثة أسماء وتقديمها إلى التنافس الرئاسي، وهم : ١- الدكتور محمد جواد ظريف ٢- المهندس محسن هاشمي رفسنجاني ٣- الدكتور إسحاق جهانگيري.
ويبدو أن بعض الأحزاب الإصلاحيةالايرانية متوجسة من فلتر مجلس صيانة الدستور الذي لا يغادر صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها ،وستتساقط الأحجار الصغيرة من غرباله وتبقى قلة من المعادن الثمينة الكبيرة .
في مناقشة أولية للأسماء الثلاثة الأخيرة وملاحظة خلفياتها وتجربتها في الإدارة والسياسة نجد أن الدكتور ظريف يمتلك سابقة في العمل السياسي والديبلوماسي فهو صاحب تجربة غنية تقدر بحوالي (٣٠) عاما ، فقد شغل منصب سفير ومعاون ممثل إيران في الأمم المتحدة في أواخر عقد الثمانينيات ومستهل التسعينيات من القرن الماضي ولمدة ثلاث سنوات ، ثم شغل منصب معاون وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية لمدة(١٠) سنوات ، وايضاً عمل ممثلاً لإيران في الأمم المتحدة لمدة ( ٥) سنوات ، ثم عمل كوزير للخارجية لمدة (٨) سنوات في رئاسة روحاني التي شارفت على الانتهاء .
والدكتور جواد ظريف كما هو معروف كان على رأس الديبلوماسية الايرانية التي تفاوضت مع مجموعة النادي النووي وانتزع منها الإتفاق النووي المشترك في سنة ٢٠١٥م .
ان التحدي الذي يواجهه ظريف هو أنه لم يقطف ثمار الاتفاق النووي ، ولم يلمس الشعب الإيراني بركاته، وبقي عبارة عن حبر على ورق ، وأخذ من ايران كثيرا من الجهد والتنازل ، بل انتهى بتشديد الحصار والخناق ضد ايران .
ان موضوع الاتفاق النووي وعدم جدواه سيكون حاضراً وبقوة على ألسنة المتنافسين على كرسي الرئاسة .
هناك نقطة ضعف أخرى يمكن تسجيلها في صحيفة أعمال الدكتور ظريف ،وهذه النقطة تتمثل بالتسريب المتعمد للتسجيل الصوتي في تناوله لشخصية عابرة للحدود وعليها شبه إجماع ايراني وهي شخصية القائد سليماني، وقد شاهدنا موجة الانتقاد الإعلامي والشعبي العام لتصريحات ظريف ، وهذه النقطة استنزفت كثيرا من رصيده الشعبي .
من الملاحظات التي يمكن أن يؤاخذ ظريف عليها ؛ هي ان عمله في الديبلوماسية قد ترك أثره على تطلعاته لمعالجة المشاكل الداخلية وخاصة الاقتصادية ، فهو يتطلع إلى حل المشاكل بتركيز النظر على الخارج أكثر من تركيزه على القدرات والامكانيات الداخلية ، الأمر الذي سيدفع بمنافسيه على إثارة هذا الموضوع .
ربما يتم توجيه سهام النقد إلى حياته الاجتماعية وطبيعتها الارستقراطية ، وهذه ستشكل حجر عثرة أمام جذب رأي الطبقات الدنيا من الناس .
أما المهندس محسن هاشمي رفسنجاني والذي يشغل حالياً منصب رئيس المجلس البلدي للعاصمة طهران ؛ فهو يمتلك إرثاً إجتماعياً ورثه من أبيه ساهم في ان يقفز إلى الواجهة ويتصدر قائمة الفائزين بالانتخابات المحلية للدورة الخامسة .
لقد شغل محسن هاشمي في السابق منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان رئيسأً لمكتب مجمع تشخيص مصلحة النظام ، ورئيس التفتيش الخاص لرئاسة الجمهورية ، وايضاً شغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة مترو طهران ولمدة (١٣) سنة .
ان هذه الوظائف المتعددة مضافاً إلى نزاهته توضع في صحيفة أعماله ، لكن
التحديات قد تواجه محسن هاشمي فيما لو عبر من غربال مجلس صيانة الدستور مثل تحدي ان المسؤوليات التي شغلها سابقاً هي مسؤوليات إدارية متواضعة إذا ماقيست في سلّم وظائف الدولة ، ومع ان محسن هاشمي له منهجه السياسي الخاص به ،لكن ربما يؤاخذ عليه حياة الترف وبطرها ، وايضا ربما ينبش في العفش وماحوى، وقد يتم استحضار تلك الاثارات والمواقف التي صدرت من بعض الأفراد من عائلته مثل مواقف السيدة فائزة هاشمي أو مهدي هاشمي وغيره .
أما الدكتور جهانگيري ؛ فإنه حاصل على دكتوراه في الإدارة ، ورغم ذلك ومع أنه تدرج في سلم المسؤوليات من قائم مقام إلى محافظ إلى وزير ثم إلى نائب اول لرئيس الجمهورية ، لكن رصيده قد نفد عندما ترشح سابقا ثم انسحب لصالح الرئيس الفعلي روحاني، وأيضاً فقد من رصيده الشعبي أثناء تصديه لمنصب نائب رئيس الجمهورية الحالي، ورئيس المجلس الاقتصادي؛ حيث أن الأوضاع الاقتصادية الحالية قد ألقت بعبئها الثقيل على كاهل الشعب ، ولا أظن أن الشعب الايراني يعيد الوجوه الحالية بعد هذا الأداء الاداري الذي يعتمد على النمو المحدد ، ويمارس الإدارة من خلال الفيديو أو الإدارة غير المباشرة .
أظن ان حظوظ الاصلاحيين بالفوز باتت ضئيلة ، وتحتاج إلى رافعة (خارجية) مثل احياء الإتفاق النووي ، وفك الحصار الاقتصادي ، وإعادة الأموال الايرانية المجمدة مع فوائدها ، أو إحياء العلاقات الايرانية الخليجية وماشاكل ذلك .
ان التحديات كثيرة أمام التيار الإصلاحي في ايران ، لاسيما وأن المشكلات كالفقر والبطالة والمشاكل الاقتصادية أصبحت كالسيف المسلط خصوصاً على الطبقات السفلى من الناس ، وعلى جبهة الاصلاح إذا أرادت الاحتفاظ بالرئاسة عليها أن تقدم أدلتها وبرامجها العملية الصحيحة في مواجهة الأزمات المختلفة ، من أجل إعادة الثقة ، والحفاظ على المصداقية، وخلق أجواء الأمل والعمل .
ــــ
https://telegram.me/buratha