د.محمد العبادي ||
قرأت هذا اليوم خبرا بأن البرلمان الفيدرالي الكندي ناقش يوم أمس الخميس إمكانية إعتيار معاملة الصين لأقلية الأويغور (إبادة جماعية) !!!.
لا أدري على ماذا بنيت تلك المناقشة وماهي المعلومات التي بين أيديهم .
أشكك بصدق نوايا الموقف الكندي ، لأن كندنا لا تفرق في شيء عن موقف الدول الغربية من فلسطين وإبادة شعبها من قبل الصهاينة ،كما أنها كانت حليفا لامريكا في حروبها وتأييدها للأنظمة الديكتاتورية التي تحكم المسلمين وتسلبهم أبسط حقوقهم .
لست مدافعا عن الصين ، لكن دفعتني صلافة الموقف الكندي بل والغربي ان يكون بهذا الموقع .
نعم أذهاننا مشبعة بالسلبية من الآيديولجيا الشيوعية لأننا شاهدنا نموذجها في الاتحاد السوفياتي السابق والذي هدم مئات المساجد وقمع الحريات الدينية جمهورياته .
الصين دولة كبيرة ولها ثقلها ومكانتها دوليا .
اكثرنا يعرف ان تعداد نفوس الصين حوالي مليار وخمسمائة مليون نسمة اي أكثر من نفوس أمريكا وأوروبا مجتمعة ، وهي عالم قائم بذاته وبإمكانها ان تعيش حتى لو تم مقاطعتها من جميع دول العالم .
تشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود (٣٠) مليون مسلم في الصين ويعيشون في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم ، و (٢٣) مليونا منهم من الأويغور ( اي من العرقية التركية) ، وبعضهم يقول ان نسبة الاويغور في الصين هي (١١) مليون شخص ويشكلون نسبة ٤٥% من سكان منطقة شينجيانغ والتي تصل فيها عدد الأقليات الى (٥٥) أقلية عرقية ، إلا ان هناك تقديرات اخرى تكثر وتقول ان عدد المسلمين في الصين حوالي (١٠٠) مليون مسلم .
تقع منطقة أو إقليم شينجيانغ الأويغورية في شمال غرب الصين، ولها حدود محاذية لأفغانستان والهند ومنغوليا .
بعد موجة الطائفية والإرهاب التي عاثت فسادا في أكثر من بلد وتركزت في البلاد الإسلامية ، وانتقلت بعض ارتداداتها إلى البلدان الأخرى؛ ومنها الصين حيث حدثت فيها حوادث متفرقة مثل احداث العنف التي قادها بعض الأويغور في تموز سنة ٢٠٠٩م في عاصمة الإقليم أورومكي حيث ذهب ضحية العنف (٢٠٠) شخص ، وأيضا حادث تفجير (ميدان تين آن مين) في سنة ٢٠١٣م ، وهجوم بالسكاكين سنة ٢٠١٤م في محطة القطارات في ( مدينة كونمينغ)الصينية حيث قتل (٣١) شخصا ذبحا بالسكاكين على أيدي مهاجمين إيغور بحسب رواية السلطات الصينية .
بعد هذه الموجة اتخذت الصين إجراءات أمنية مشددة جدا في حق الأويغور .
المعسكر الغربي هب من مرقده ليدافع عن حقوق المسلمين ، وهو الذي شارك في قتل المسلمين في أكثر من مناسبة وحسبنا ان نشير إلى مشاركته للصهاينة في قتل الشعب الفلسطيني وتهجيره ومصادرة أراضيه وشارك في قتل المسلمين في أكثر من بلد عربي واسلامي، بل لايزال يمارس أساليبه القذرة بحق المسلمين وحتى ان بعض الدول تمنع لبس الحجاب ، و لازال الاعلام الغربي ينعت المسلمين بالإرهاب .
الغرب يقود حملة دعائية ضد الصين بحجة الدفاع عن الاويغور ، وربما تكون إدعاءاته فيها نسبة من الصحة ، لكنه لايحق له أن يرمي الصين بحجر الأويغور وبيته من زجاج ومليء بمعاناة المسلمين .
ما ينشر في الإعلام وخاصة الإعلام الغربي ؛ ان المسلمين الأويغور يعاملون معاملة قاسية ، وتوجد أدلة على ذلك حسب أقوالهم؛ مثل كثرة معسكرات الإحتجاز للاويغور حيث ذكر (المعهد الاستراتيجي للسياسة الأسترالي ) ان عدد تلك المعسكرات يبلغ (٣٨٠) معسكرا !!!.
وتنقل صفحة تلفزيون (DW الأخبار ) عن جماعات حقوقية عن وجود أكثر من مليون مسلم محتجز . كما أن وكالة الأسوشييتد برس للأنباء ان الصين تقوم بتحديد النسل وتقوم بالتعقيم الإجباري للنساء الأويغور وحتى عمليات الإجهاض .
ويوجد حوالي (٩٠) ألف شرطي في الإقليم وهي نسبة زادت وتيرتها لتشديد الإجراءات الأمنية.
ومثل تعرض الأويغور إلى التفتيش والتحقيق على الهوية ، ووضع الحواجز ونقاط التفتيش .
وأكثر من ذلك مراقبة ورصد محتويات الهواتف المحمولة في محاولة منها لتجاوز المراقبة المتعارفة إلى المراقبة الإستبقاقية .
و بحسب مايرويه بعض الإعلام؛ فقد وصلت المبالغة في الإجراءات إلى حد التطفل والتدخل في مسألة إطلاق اللحى والمنع من ذلك ،ومعارضة وضع الأسماء الدينية .
الصين تفند هذه الادعاءات وتقول ان عمليات تحديد النسل يخضع لها الجميع بسبب النسبة العالية للسكان ، ولايختص هذا الموضوع بأقلية دون أخرى ، كما أن المراكز التي يسمونها مراكز إحتجاز هي عبارة عن مراكز التأهيل أو مراكز للتعليم المهني لمكافحة التطرف والإرهاب ، وعمليات المراقبة هي الأخرى من أجل إستتباب الأمن، ونقل لي أحد الأصدقاء بتعجب عن واحدة من مشاهداته في الصين حيث أنه لم يلحظ شرطيا واحدا ،لأن الصين تنتشر فيها كاميرات المراقبة عالية الحساسية والدقة ، وفي حال إرتكب شخص ما لمخالفة ، أو مخالفة مرورية تأتيه رسالة على هاتفه الشخصي تبلغه بذلك ،أو يأتيه ساعي البريد لعنوانه لتسديد مبلغ المخالفة .
ان عدد الشرطة في الإقليم ربما هو أقل بكثير من عدد الشرطة في بعض الدول الإسلامية التي يدعمها الغرب بكامل ثقله .
ان الرواية الرسمية الصينية تفند حملة التشويه ضدها بشأن المسلمين الأويغور ، وتعتبر ذلك مجرد أكاذيب سيقت ضدها وهي معروفة الأهداف، وتقدم براهينها وتقول ( ان الدستور الصيني يتضمن تأمين حماية الأديان بدليل وجود أكثر من ٢٠ ألف مسجد ، وأكثر من ٢٩ ألف رجل دين ، إضافة إلى وجود ١٠٣ جمعيات إسلامية تعمل في الإقليم ... ، و١٠ معاهد إسلامية ، فضلا عن تمويل الدولة ترجمة القرآن والسنة إلى اللغة الأويغورية ، ووجود ضمانات كافية لأداء الزكاة والحج ، حيث حج أكثر من ٥٠ ألف مسلم إيغوري إلى مكة المكرمة خلال السنوات الأخيرة .
ان دولة الصين لم تبق ساكتة أزاء هذه الحملة، وشعبها لايحمل كل خبر على محمل الصدق ، بل قامت بنسف تلك الشائعات ضدها وشعبها لم يتأثر بكل خبر .
لقد عملت على تنظيم دعوات لشخصيات ثقافية وحقوقية واعلامية ودينية من مختلف الدول، لإظهار صحة روايتها وبشكل لا يقبل الإلتباس (ولإظهار مصداقية روايتها ، نظمت الحكومة الصينية زيارات لأكثر من ألف شخص من ٩٠ دولة لزيارة الإقليم ، ونظمت زيارة ثانية الإقليم لوفد من منظمة التعاون الإسلامي ، وقد خرج الوفد بانطباعات إيجابية مخالفة لما يروج له . ) .
لايصح ان يأتي أولئك الذين يعملون على تمزيق منطقتنا ويرسمون حدودا جديدة للدم ، أن تتعالى أصواتهم بقضية الأويغور والمطالبة بحقوقهم لان ذلك يدخل في ضمن المتاجرة بقضاياهم والمسلمون هم أولى بذلك من المدعين .
https://telegram.me/buratha