متابعة ـ شغاف كاظم الموسوي ||
في تعليقها على موضوع الساعة بالمنطقة قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لمراسلها في القاهرة “ديكلان وولش”، إن الصور التي أفزعت المصريين والتقطتها الأقمار الاصطناعية هذا الأسبوع لسد النهضة الإثيوبي، أظهرت تدفق المياه للخزان حول السد، والذي يرتفع مرتين أعلى من تمثال الحرية الأمريكي
وبينما تأمل إثيوبيا أن يضاعف السد من إنتاج الكهرباء ويعزز الاقتصاد ويزيد من وحدة البلاد التي تعاني الانقسام والعنف، سارع وزير المياه الإثيوبي سليشي بيكيلي لتخفيف مخاوف المصريين، مؤكدا أن زيادة معدلات المياه في الخزان هي متوقعة ونتيجة طبيعية للفيضانات الموسمية.
وقال إن البداية الرسمية لملء السد ستكون عندما يغلق المهندسون البوابات، وهذا لم يحدث بعد. وستكون هذه اللحظة عندما تسيطر إثيوبيا على تدفق مياه النيل إلى مصر وبشكل عملي.
إلا أن التأكيدات ـ وبحسب الصحيفة ـ لم تكن كافية لتخفيف قلق مصر التي تعتمد على النيل لتوفير نسبة 90% من مياهها، وتقوم القاهرة وعلى مدى عقد بالتفاوض مع إثيوبيا بشأن الطريقة التي سيتم فيها ملء السد وإدارته، وانتهت المحاولة الأخيرة بدون نتائج يوم الإثنين الماضي، فيما زادت الصور الفضائية والتقارير من إثيوبيا التكهنات، وهي أن ملء الخزان بدأ بالفعل.
واستشهادا على حالة الرعب في مصر نقل الكاتب ما قاله المعلق التلفزيوني المقرب من النظام نشأت الديهي: “السؤال: ماذا سنفعل؟ والناس قلقون وهذا القلق يترك تأثيرا”.
وما يزيد القلق المصري، هي تأكيدات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أن بلاده ستغلق البوابات نهاية الشهر الحالي أياً كان الوضع. وفي 7 تموز/ يوليو قال للمشرعين في بلاده: “لو تغلق إثيوبيا السد، فهذا يعني أن إثيوبيا وافقت على تدمير السد”.
ومع أن ملء الخزان يحتاج إلى سبعة أعوام، إلا أن بدء العملية تمثل لحظة مهمة للبلدين، فهي مثل عبور الروبيكون، ولو تم العملية بدون اتفاق، فإنها قد تدفع النزاع إلى اتجاه لا أحد يعرف مداه.
وتريد مصر تأكيدات قانونية ملزمة تقضي بإبطاء إثيوبيا أو وقفها عملية ملء الخزان في مواسم الجفاف، وتريد مصر أن يكون لها رأي في أي خطة إثيوبية لبناء سدود أخرى على النيل في المستقبل. وترفض إثيوبيا هذه المطالب التي تراها خرقا لسيادتها.
ويجب على مصر القبول أن قرونا من تسيدها لمياه النيل قد انتهت. ويقول وولش إن الثقة متدنية بين الطرفين. وقال مسؤول مصري طلب عدم ذكر اسمه، إن الإثيوبيين يريدون اتفاقا غامضا ومليئا بالثغرات القانونية مثل قطعة جبن سويسرية.
وردّ المسؤولون الإثيوبيون واتهموا الجانب المصري بالتصرف بطريقة فوقية، وأشاروا إلى الدعم الشعبي للمشروع، خاصة أن غالبية السكان استثمرت في السد.
ورغم أن قدرة السد ستكون استيعاب 19.5 تريليون غالون من المياه، أي أعلى من الخزان خلف سد هوفر، إلا أن قدرته التشغيلية ستكون 13 تريليون غالون، أي ما يعادل تدفق عام لمياه النيل.
كما أن الخلاف هو سياسي بقدر ما هو هيدرولوجي. فرئيس الوزراء آبي أحمد الذي وصل إلى السلطة وبشهرة كإصلاحي ونال جائزة نوبل للسلام العام الماضي لجهوده في تحقيق السلام مع إريتريا، إلا أن بلاه تواجه في الفترة الماضية سلسلة من الاضطرابات والعنف حول وضع الأرومو، التي تعد أكبر عرقية في البلاد.
وبالنسبة لأحمد، فملء الخزان هذا الشهر يعطيه “شيئا يوحد الإثيوبيين”. في المقابل، هناك مخاطر للنظام الديكتاتوري في مصر وزعيمه عبد الفتاح السيسي، فقوات الأمن لا تتوقع تظاهرات لو فشل بمنع ملء الخزان، إلا أن شرعيته ستتأثر في وقت يواجه تهديدات من منافسين آخرين.
ففي لقاء مع زعماء عشائر ليبيين يوم الخميس، كرر السيسي تهديده بإرسال القوات المصرية إلى ليبيا لمواجه القوات التي تدعمها تركيا.
وفي وسط هذا النزاع هو السودان. فمن جهة قد يستفيد من الطاقة الكهربائية الرخيصة، ولكنه يخشى من تدفق مفاجئ للمياه بشكل يدمر سد الروصيرص. ويقول الدبلوماسيون الغربيون إن تهديدات مصر المبطنة بالعمل العسكري لن تتم، مع أن مصر لم تستبعد هذا الخيار ولكنها تركز الآن على صفقة سياسية..
المصدر: نيويورك تايمز
https://telegram.me/buratha