علي عبد سلمان
ساعاتٌ قليلة، تفصل «نزول» محمد توفيق علّاوي وفريقه الوزاري ضيوفاً على البرلمان، لنيل «الثقة». قد تكون زيارته «أول تحدّيات» الرئيس المكلّف. نيل الثقة سيؤسّس للمرحلة الانتقالية المرتقبة، خصوصاً أن الأولوية هي لإجراء انتخاباتٍ تشريعية مبكرة. علّاوي ــ حتى الآن ــ أقرب إلى أن يكون رئيساً، في ظل الدعم المقدّم من قِبل معظم أركان «البيت الشيعي»
قد تبصر حكومة محمد توفيق علّاوي المرتقبة النور. الأمر ليس «تسريباً» أو «شائعة»، فقد بات مؤكّداً أن الرئيس المكلّف ــ وخلال الساعات المقبلة ــ قد يُعلن عن تشكيلة فريقه الوزاري، متعهّداً بأن تكون «كابينته مستقلّة»، ومن دون أي تدخّل للأطراف السياسيين. وفي تغريدةٍ نشرها على حسابه في موقع «تويتر»، السبت الماضي، قال: «اقتربنا من تحقيق إنجاز تاريخي، يتمثّل في إكمال كابينة وزارية مستقلّة، من الأكفاء والنزيهين، من دون تدخّل أي طرف سياسي»، آملاً «استجابة أعضاء البرلمان، والتصويت عليها، للبدء بتنفيذ مطالب الشعب».
علّاوي ــ كما توقّع «قلّة» ــ استطاع أن يُنجز أولى مهمّاته في مدّةٍ «قياسيّة»؛ فالمهلة الدستورية تنتهي في 2 آذار/ مارس المقبل، والعقبة تكمن في «تمرير الكابينة»، إن تمسّك بعض الكتل بموقفه الرافض لعلّاوي وحكومته، ما يعني «الإبقاء» على عادل عبد المهدي، كمسيّرٍ لشؤون البلاد، حتى «إشعارٍ آخر»، أي تكليف شخصيّةٍ أخرى، ومن ثم تأليف فريقها. كذلك، ثمة «عقبةٌ» موازية لتلك، تكمن في إصرار شريحة من المتظاهرين على رفض خيار علّاوي. هؤلاء يؤكّدون أنّهم «قادة حراك 1 أكتوبر»، ويرفضون أي طرحٍ «يصادر قرارهم». شريحة منهم دخلت في تفاوضٍ مباشر وغير مباشر مع علّاوي، لنيل منصبٍ أو تحقيق مكسب، في وقتٍ تحاول فيه شريحة أخرى طرح اسم الناشط علاء الركابي بديلاً من المكلّف، وهذا «لن يبصر النور»، بتعبير مصادر سياسية مطّلعة.
معلومات «الأخبار» تشير إلى أن الكابينة ستعرض على البرلمان للتصويت عليها، إما غداً الثلاثاء أو الخميس المقبل، على أبعد التقدير. وتشي المعطيات بأن «آلية التأليف» أخذت بعين الاعتبار «أخطاء» الحكومة السابقة في هذا الصدد، وعمدت على «تطويرها»، مع الإبقاء على بعضها، الذي «اعتمده» عبد المهدي، في تشرين الأوّل/ أكتوبر من عام 2018. الحكومة المقبلة مؤلّفة من 22 وزيراً، كالحكومة السابقة، تضم 5 وجوه نسويّة، فيما توزّعت الحقائب السيادية الست، على الشكل التالي:
-«المكوّن الشيعي»: 3 حقائب (الداخلية والخارجية والنفط)
-«المكوّن السُنّي»: حقيبتان (الدفاع والتخطيط)
-«المكوّن الكردي»: حقيبة واحدة (المالية)
هنا، ثمّة «نقاشٌ» بتعبير المصادر. «المكوّن الكردي» يسعى إلى استبدال حقيبة المالية بالنفط، مقابل تمسّك «المكوّن ال شيعي» بها. هذا المسعى مردّه إلى مسعى من شأنه الالتفاف على قرار علّاوي «المسبق»، والقاضي باسترجاع واردات بيع أربيل لـ250 ألف برميل يومياً، وخفض نسبتها من الموازنة الاتحادية إلى 12 في المئة. إدارة «إقليم كردستان» ترفض «دفع» ما هو واجبٌ عليها، قبل أن تصرف الحكومة الاتحادية المقبلة رواتب موظفي «الإقليم» ومستحقات الفلّاحين (للأعوام 2014 و2015 و2016، والتي امتنعت الحكومة برئاسة حيدر العبادي ــ يومها ــ عن صرفها نتيجة الحرب على «تنظيم داعش»)، واعتبار «قوات البيشمركة» جزءاً من المنظومة الدفاعية الاتحادية.
مصادر سياسيّة أخرى أشارت إلى أنّه، وفي حال رفض علّاوي إعادة استيزار فؤاد حسين لحقيبة المالية، فإن «الأكراد» ــ مقابل التنازل عن ذلك ــ يريدون «الظفر» بحقيبة النفط، موضحة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن علّاوي «قد يدفع بحكومته على شكل وجباتٍ، حتى يتوافق معهم».
وعن التركيبة الحكوميّة، فقد رست على الشكل التالي (لم تفصح المصادر عن آلية توزيع الحقائب):
-«البيت الشيعي»: 11 حقيبة (3سياديّة + 8 خدميّة)
-«البيت السُنّي»: 6 حقائب (2 سياديّة + 4 خدميّة)
-«البيت الكردي» والأقليّات:
5 حقائب (الأكراد: سياديّة وخدميّتين + 1 خدميّة للمسيحيين + 1 خدميّة للتركمان)
وحتى ساعةٍ متأخرة من ليل أمس، تمكّن المفاوضون من حسم 18 حقيبة تفتقد «التمثيل الحزبي»، بتعبير المصادر، غير أن الخلاف يكمن على وجهة توزيع حقائب المالية والنفط والكهرباء والاتصالات. ووفق المصادر، فقد أنتج جهد «المكوّن الشيعي» في التنازل عن «حصصه» والاستشارة من دون التدخّل، تسهيلاً في عمليّة التأليف، غير أن علّاوي قد يصطدم بقرار كتل المكوّنين «السُنّي والكردي» في الشق المتعلّق بنيل الثقة البرلمانيّة.
سيناريوات «الثقة»
وفق المعطيات، استطاع علّاوي ــ وبدعمٍ الكتل البرلمانية ــ جمع 176 صوتاً مؤيّداً، مقابل 145 معارضاً. نظريّاً ــ وإن استمرّ هؤلاء على موقفهم ــ سيحظى علّاوي بدعم معظم أركان قوى «البيت الشيعي». زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي سيمنح الحكومة الثقة، رغم موقفه المسبق من علّاوي؛ كان لافتاً تأكيده أمام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي انسحابه من أي «جبهة ضد الحكومة»، في الوقت الراهن. مصادر أخرى في «تحالف الفتح» (ائتلاف برلمانيّ يضم القوى المؤيدة لـ«الحشد الشعبي»)، أكّدت في حديثها إلى «الأخبار» أن «استفراد علّاوي في تشكيله لكابينته، أثار نوعاً من الخوف في صفوفه»، مؤكّدةً أن «التحالف يترقب الإعلان عنها... ولن يصوّت إن لم يقتنع».
«الأكراد»، ورغم موقف «الاتحاد الوطني الكردستاني» (أبناء الراحل جلال طالباني) الدعم لحكومة علّاوي، فإن موقف «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، يلفّه شيءٌ من «الضبابيّة»، إذ يتّسم بـ«توزيع الأدوار»، مع تأكيده لعلّاوي ورئيس الجمهورية برهم صالح «منح الحكومة غطاءً كردياً»، مخيّراً ــ في الوقت عينه ــ نوّابه بالتصويت أو عدمه.
أما قوى «البيت السُنّي»، فمنقسمة على نفسها، بين مؤيّدةٍ ومعارضة. عماد المؤيدين هم المنضوون في كتلة «عطاء»، المدعومة من مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، وكتلة «المشروع العربي» بزعامة خميس الخنجر. أما المعارضون، فالكتل المنضوية تحت «راية» رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إذ رفضوا «تمريرها»، بعد معارضة علّاوي منحهم أيّ حقيبة، جاعلاً من قاعدة «التنازل عن الحصص» معياراً أساسياً في تأليف حكومته.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha