التقارير

دراسة / السياسة الدولية للصين وتأثيرها في الرؤية الصينية للبرنامج النووي الايراني                                                                                       


الاستاذ الدكتور ستار جبار علاي Sattargabaar@yahoo.com

مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جامعة بغداد        ـ المعهد العراقي لحوار القكر                                                                       

المقدمة  

    برزت الصين كقوة عالمية  كأكبر اقتصاد في العالم من ناحية القوة الشرائية, والثاني بعد الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية, ومن المتوقع ان تصبح الأكبر في نهاية العقد القادم.وارتفع نصيب الاقتصاد الصيني في الناتج المحلي الاجمالي العالمي من اقل من 2, 4% في عام 1995, الى اكثر من 15% من هذا الناتج مع نهاية عام 2015.وقد رافق هذا الصعود تنام في قدراتها العسكرية والاستراتيجية, ويؤكد استمرار نمو الصين كقوة عالمية, توسع مصالحها الجوهرية العابرة للحدود القومية وتزيد حدة التنافس مع الدول الاخرى وخصوصاً الولايات المتحدة.([1])

    ويعد صعود الصين في نهاية القرن العشرين من اهم التطورات الاستراتيجية في العلاقات الدولية, وسجلت بداية القرن الحادي والعشرين تنامي الطموحات الصينية للعب ادوار اقليمية فاعلة وتتويجها بدور بارز ومؤثر على الساحة العالمية, ويرتكز الدور الصيني على مقومات مادية من عناصر القوة ذات الطبيعة المادية مثل المتغيرات الجغرافية والطبيعية والاقتصادية والعسكرية, والتي اعطت الصين عمقاً استراتيجياً كبيراً, وقوة عسكرية كبرى في آسيا, والصين أول قوة نووية في آسيا منذ 16 تشرين الاول(اكتوبر)1964 بأول تفجير نووي, ولديها قدرات نووية وباليستية مختلفة.([2])وسوف نتناول الموضوع كالآتي:

أولاً, السياسة الصينية تجاه المنطقة العربية

    لم تحظ المنطقة العربية باهتمام سياسة الصين الخارجية منذ عقد الخمسينيات من القرن العشرين وحتى نهاية الحرب الباردة, فقد سعت الصين خلال هذه المرحلة الى تجنب مواجهة النفوذ العربي, والالتقاء بالمكاسب التي يحققها الاتحاد السوفيتي في المنطقة لإثبات الوجود الشيوعي فيها, فضلا عن البعد الجغرافي, وغياب الامكانيات الاقتصادية والسياسية التي تؤهلها للدخول الى المنطقة التي كانت ولا تزال مركزاً للتنافس الدولي, واكتفت الصين بالوسائل غير المباشرة لتوثيق علاقاتها مع الدول العربية, وقدمت المساعدات المالية بين مدة واخرى أو توثيق العلاقات من خلال صفقات بيع السلاح لبعض الدول وتحديداً مصر.([3]) وقد مرت السياسة الصينية تجاه المنطقة العربية بالعديد من المراحل والتي يمكن تحديد أبرزها بالآتي: ([4])

المرحلة الاولى وهي مرحلة عدم الفهم المتبادل وبدأت منذ عام 1949 وحتى عام 1955, وبدأت بانتصار الحركة الشيوعية في الصين لكن الدول العربية لم تعترف بالصين الشعبية إذ صوت مجلس جامعة الدول العربية في اب(اغسطس)1950 على الاعتراف بتايوان على انها الممثل الشرعي للشعب الصيني.وكان تعامل الصين مع المنطقة وفقاً لما أملته مقتضيات الرؤية للبيئة الدولية.وحرصت على الا تكون لدول المنطقة مكاناً تنفذ منه القوى العظمى المناوئة لها, بل ان تحظى بمزيد من الاعتراف بها بوصفها دولة جديدة, والنظر الى الدول العربية بأنها دول تشبهها في كفاحها من اجل الاستقلال والتحرر.

المرحلة الثانية وهي مرحلة التحول الجذري في العلاقات وبدأت منذ عام 1956 وحتى عام 1966, وبدأت بمساندة مصر في حرب 1956 ضد بريطانيا ومساندة الجزائر ضد فرنسا, وحصلت الصين على اعتراف مصر بها في ايار(مايو)1956 ثم اعتراف سوريا واليمن, واقامة العلاقات مع العراق بعد ثورة 1958, ولعل الاهم في هذه المرحلة هو مؤتمر باندونج عام 1955 وما تلاه من سحب الدول العربية لاعترافها بحكومة الصين الوطنية, وتأكيد ان حكومة الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للصين.

المرحلة الثالثة وهي مرحلة الارتباط الصيني الداخلي وبدأت منذ عام 1966 وحتى عام 1976, وبدأت بالثورة الثقافية الصينية التي عطلت النشاط الدبلوماسي واستدعت سفراءها من معظم دول العالم لتزويدهم بالتوجهات الثقافية الجديدة.واقيمت علاقات دبلوماسية مع لبنان عام 1971 ثم مع تركيا وايران, وبوفاة الزعيم ماوتسي تونج عام 1976 دب الخلاف بين ورثته السياسيين.

المرحلة الرابعة وهي مرحلة التحديثات الاربع في السياسة الصينية وبدأت منذ عام 1978 وحتى عام 1991, فقد تبنى المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني عام 1978 للتحديثات الاربعة وهي تحديث الزراعة, وتحديث الصناعة, وتحديث العلوم والتقنيات, وتحديث القوات المسلحة, وما احدثته من تحول جذري في السياسة الصينية, بالتحلل من الالتزامات الايديولوجية بشكل تدريجي.وتبني استراتيجية اكثر تماسكاً ووضوحاً في الهدف بالتعامل مع المنطقة العربية على اساس رؤية استراتيجية صينية ذاتية لا نتيجة لردات الفعل على سياسات دول اخرى, فهي مصدر للطاقة وسوق تجاري واستثماري للاقتصاد الصيني وهذا هو الهدف الاعلى والاغلى للدولة الصينية.

   وهناك من يرى ان المراحل الاربعة السالفة والتي غطت حقبة 1949- 1971 شهدت استثناء الصين من تفاعلات المجتمع الدولي, وعدت الصين تهديداً, ودولة مشاكسة, وهدفاً للعقوبات والاحتواء والحوكمة من قبل المعسكر الغربي, وبعده الاتحاد السوفيتي, وقد اشتكت الصين من ممارسات الحوكمة العالمية بكونها حجة تتذرع بها القوى العظمى للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الضعيفة, والتحكم بمصير العالم النامي.([5])

المرحلة الخامسة وهي مرحلة الصعود الصيني وتبدأ منذ عام 1991, عندما ظهرت سياسة القطب الواحد الذي فرضت فيه الولايات المتحدة الامريكية ما اطلق عليه(النظام الدولي الجديد), فقد بدأ صعود الصين الاقتصادي في التسعينيات من القرن العشرين, واصبحت الشريك الاقتصادي الاول, والخصم الأكثر اهمية للولايات المتحدة الامريكية, لكنها لم تقد على تحدي الولايات المتحدة علناً في شأن القضايا العالمية والاقليمية أو حتى الثنائية, إذ اتبعت الصين مبدأ العمل من دون لفت الانظار, وتابعت الصين طفرتها الاقتصادية, وشهد عهد الرئيس جيانغ زيمين(1993- 2003) قفزة كبيرة في معدلات النمو الاقتصادي, وتحسن العلاقات مع معظم دول العالم, وعودة هونغ كونغ في عام 1997, ومكاو من البرتغال في عام 1999.([6])وتستمد الصين وزنها وثقلها الرئيسيين على المسرح الدولي من كونها قوة عالمية عظمى صاعدة, فاقتصادياً بلغ معدل النمو السنوي الصيني 9%, وسوف تصبح القوة الاقتصادية الاولى في العالم عام 2030, لتحتل بذلك المكانة الاولى التي تتمتع بها الولايات المتحدة الامريكية حالياً, فضلاً عن وزنها الجيوسياسي العالمي, ومساحتها البالغة 9, 5 مليون كم2, الامر الذي يوفر لها قدرات بشرية كبيرة من جهة اقتصادية وجغرافية غير محدودة من جهة اخرى, كما ان الصين هي البلد الاكثر سكاناً في العالم بما يتجاوز المليار وربع المليار شخص.([7])

المرحلة السادسة وهي المرحلة التي شهدت طرح مفهوم المصالح الجوهرية في عام 2003, والتذكير بمبدأ الصين الواحدة, وطرحه وزير الخارجية الصيني في 19 كانون الثاني(يناير)2003, في مواجهة تسارع خطوات تايوان نحو الاستقلال, وان التعامل مع هذه القضية على نحو صحيح هو المفتاح لضمان علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة, وتوسع مفهوم المصالح الجوهرية في عام 2006 ليضم اقليمي التبت وشينجيانغ.وبصدور الكتاب الابيض (التنمية السلمية للصين في عام 2011) , تحددت المصالح الجوهرية للبلاد بسيادة الدولة, والامن القومي, وسلامة اراضيها وإعادة الوحدة الوطنية, والاستقرار السياسي والاجتماعي الشامل, والضمانات الاساسية لضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة, وبدت سياسة الصين الخارجية اكثر حزماً, وخصوصا في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ.

   والواقع ان هذه السياسة ارتبطت بصعود الزعيم شي جين بينغ الى قيادة الحزب الشيوعي في تشرين الثاني(نوفمبر)2012 والى رئاسة الصين في اذار(مارس)2013, وطرح مفاهيم مثل الحلم الصيني والتجديد الوطني التي تسعى الى تعزيز مكانة الصين كقوة عالمية.وأكدت الاستراتيجية العسكرية الصينية التي صدرت في ايار(مايو)2015, تلا ذلك صدور قانون الامن القومي في حزيران(يونيو)2015, التي اعادت التشديد على المصالح الجوهرية للصين, وأعادت الصين التأكيد في عام 2017 بكتاب ابيض عنوانه سياسات الصين حول التعاون الأمني في آسيا والمحيط الهادئ, والتركيز على السلام والاستقرار في المنطقة من خلال الحوار والتعاون.([8]) ويمكن ان يتحقق الجزء الاهم لكل ذلك في طرح القيادة الصينية فكرة إنشاء طريق الحرير الجديد لتعميق الاصلاح والانفتاح وتلبية متطلبات التنمية في الصين, وتعزيز التعاون مع الخارج, وبدأت الفكرة بمبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته الى كازاخستان في ايلول(سبتمبر)2013 بإنشاء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير, ومبادرته لإنشاء طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين خلال زيارته الى اندونيسيا في تشرين الاول(اكتوبر) من العام نفسه.فالهدف من المشروع هو التعاون الاقتصادي, والتواصل الانساني والثقافي كدعامة رئيسة, وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة, وعدم السعي لانتزاع الدور القيادي في الشؤون الاقليمية, أو تحديد نطاق النفوذ في المنطقة, ويستعين المشروع بأطر التعاون القائمة والفاعلة, وفي الاطار الجغرافي سيكون الطريق مفتوحاً, وستلعب الدول الواقعة فيه دوراً مهماً برياً وبحرياً, ويمكن للدول الاخرى المشاركة فيه.([9])وكان هناك تجاوب عربي مع مبادرة الحزام والطريق, ووقعت العديد من البلدان العربية مثل الكويت والسعودية ومصر في هذا الاطار.وفي منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي عقد في ايار(مايو)2017 في بكين, وقعت عدة دول عربية اتفاقيات مختلفة للاقتصاد والتجارة والبنية التحتية والطاقة والقدرة الانتاجية والزراعة والتمويل والاعلام والثقافة.([10])

    وتزايدت حاجة الصين الى موارد الطاقة اللازمة لتدوير عجلة الاقتصاد منذ بداية الاصلاحات الاقتصادية في نهاية عقد السبعينيات من القرن العشرين, ومنذ عام 1993 خرجت الصين من حالة الاكتفاء الذاتي من النفط لتدخل في نادي الدول المستوردة, ووضعت استراتيجية لتأمين احتياجاتها من الطاقة وعرفت باسم استراتيجية التوجه نحو الخارج وتعتمد على توفير موارد الطاقة من النفط والغاز من خلال الاستثمار في مناطق انتاج الطاقة الرئيسة في العالم, وتنويع مصادر الامداد وعدم الاعتماد على منطقة الشرق الاوسط فقط, لتجنب الوقوع في مأزق طاقة في حال حدوث اضطرابات في تلك المنطقة المعروفة بعدم استقرارها.([11])

   يمثل الاقتصاد ابرز مقومات القوة الصينية ومحور مكانتها الحالية, واولوية لها في سلم اهتماماتها الدولية, وبسبب كونها المجهز الاساسي للطاقة في العالم حظيت منطقة الشرق الاوسط باهتمام الصين الكبير لضمان مصالحها اولا, واكتساباً للتأثير الاستراتيجي ثانياً, وان كان عبر دبلوماسيتها الاقتصادية, فالصين أكبر مستهلك للطاقة ومستورد لها في العالم, حيث تستورد حوالي 60% من احتياجاتها النفطية, وأكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي سنوياً, وهذه جوهر المخاوف الاستراتيجية الصينية في ظل تلمسها لاستراتيجية خنق (طاقوية- وإحاطة بحرية) امريكية لها بدت ملامحها واضحة ميدانياً, ومن هنا تتصاعد اهمية الشرق الاوسط بالنسبة اليها.([12])

    وتطرح الصين خطاباً سياسياً تؤسسه على تراثها الحضاري وخبراتها التاريخية.وتبني مشروعها في اطار تعاوني سلمي يعزز التواصل الحضاري مع الدول الاخرى, وترفض الصين تعزيز حضورها في الاقليم من خلال الحروب والازمات.والسعي لتنشيط العلاقات الاخرى السياسية والعسكرية وغيرها.([13])كما تبنت الصين سياسة خارجية حذرة ومرنة وتحدد موقفها وسياستها الدولية انطلاقا من المصالح الاساسية للشعب الصيني, وتحكم المصالح علاقاتها مع معظم دول العالم لتتمكن من توسيع علاقاتها ومصالحها الاقتصادية بغية تلبية متطلبات نموها المتصاعد بالاضافة الى الاستثمارات وتبادل الحصول على التكنولوجيا المتقدمة من خلال اعتماد سياسة القوة الناعمة تمهيداً لبروزها كقوة كبرى في النظام الدولي, ولذلك لا ترغب الصين بالتدخل الاجنبي في الشؤون الداخلية للدول وليس لها نية في التدخل المباشر, فالصين تسعى للتركيز على الشؤون الاقتصادية لمنطقة الشرق الاوسط ودعم الدول المتضررة بالمعونات المدنية كما تسميها لأسباب مرتبطة بمنطلقات تؤثر على هذا الادراك بشكل سلبي أو ايجابي على نظامها وأمنها القومي.([14])  

   وترى الصين في الدول النامية ميدانا حيويا لتحقيق الطموح الاستراتيجي لها في طرح(مفهوم جديد للامن), الذي يؤمن الصعود السلمي للصين كقوة عالمية, ويمنحها (الشرعية)من المجتمع الدولي, فضلا عن تحقيق هدفها طويل المدى بإقامة نظام دولي ديمقراطي متعدد الاقطاب, ويحقق العدالة والمساواة بين اطرافه.لذا, فان هناك مصالح قومية واحتياجات استراتيجية ملحة تقف وراء الاهتمام الصيني بالدول النامية, تتعلق بقدرتها على الحفاظ على استدامة تنميتها الاقتصادية, ومن ثم استقرارها السياسي .فالصين تحتاج الى هذه الدول لإمدادها بالموارد الضرورية لأهداف التنمية الصينية, كما ان الاسواق الهائلة لهذه الدول تلعب دورا مهما في استدامة نمو اقتصادها. وتروج الصين لنموذجها الاقتصادي بين الدول النامية على انه اقل ايلاما في تكلفته السياسية والاقتصادية مقارنة بالنموذج الغربي, وتحرص على تقديم المساعدات والمعونات الفنية والتكنولوجية والاقتصادية لعدد كبير من هذه الدول, دون اشتراطات او مطالب سياسية, مع التأكيد على الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية في الدول المتلقية لهذه المساعدات.([15])

   الا ان الصين لا يمكن لها ان تتجاوز قدراتها الحقيقية, فهي قلقة أو تخشى من التورط بأي مشكلة, وهذه من خصائص ثقافة الشعب الصيني ذاته, فضلا عن عدم الاستعجال أو السرعة باتخاذ القرارات وخصوصا الخارجية منها, فالاستراتيجية الصينية في كل العالم تهدف الى التوازن مع الولايات المتحدة الامريكية من حيث مديات النفوذ, لكن الصين ليس لديها استراتيجية متكاملة تجاه هذه المنطقة المعقدة المهمة, مما يجعل قراءة الموقف الصيني ضعيف جداً في منطقة الشرق الاوسط من الناحية الاستراتيجية ولذلك تسعى الصين لعدم الانغماس بشؤون الشرق الاوسط من الناحية السياسية واذا ما تحرك عليها يتحرك من باب اقتصادي بحت كونها منطقة ذات اهمية استراتيجية اقتصادياً.([16]) وقد اتبعت الصين في تحركها مرحلتين إمتدت المرحلة الاولى منذ قيام الثورة الصينية وحتى منتصف عقد السبعينيات من القرن العشرين وفيها مدت الصين يد العون الى حركات التحرر الوطني في القارة لمساعدتها على مجابهة الاستعمار والحكومات الموالية لها, وتغطي المرحلة الثانية منذ بداية منتصف عقد السبعينيات إذ سعت الصين الى بناء علاقات مع الانظمة القائمة بغض النظر عن ميولها واتجاهاتها, وقطع المعونات عن الحركة الثورية في قارة آسيا, وتوجت هذه المرحلة بزيارة هواكوفينج الى ايران في ايلول(سبتمبر)1978 تتويجاً للانفتاح الصيني على الانظمة الآسيوية القائمة والتخلي عن مبدأ الثورة الدائمة.([17])وقد اتبعت الصين العديد من السياسات ابرزها: ([18])

1.      التوغل في دوائر النفوذ والأمن التقليدية الامريكية, من خلال الاتفاقات المختلفة مع دول منطقة الشرق الاوسط, وابرام اتفاقيات التعاون العسكري, والبترولي حفاظاً على مصالحها النفطية.

2.      توثيق التعاون والتقارب مع القوى المستهدفة من قبل الولايات المتحدة وخصوصاً ايران وسورية وكوريا الشمالية والعديد منها وضعتها واشنطن على قائمة محور الشر ومنبع التسلط والعنف في العالم, وعمق ذلك الادراك السلبي الامريكي لتلك العلاقات اهمية الصين ودورها في تطوير القدرات النووية العسكرية لتلك الدول سواء من خلال تزويدها بالمواد والتقنيات النووية أو تكنولوجيا الصواريخ.

3.      تأسيس تحالفات أو تجمعات استراتيجية مناهضة للهيمنة الامريكية في القارة الآسيوية والشرق الاوسط والعالم, وتوثيق العلاقات مع ايران وروسيا والهند, فتأسيس منظمة شنغهاي للتعاون كان محاولة لإقامة توازن مع مشروع الهيمنة الامريكية في المنطقة, والمطالبة بضرورة تغيير توازن القوى الدولية, وتجاوز عدم المساواة في الاقتصاد والسياسة الدوليين, والمطالبة بسحب القوات الامريكية من منطقة آسيا الوسطى, وإذا كان هدف المنظمة حل المشكلات الحدودية والاقليمية للصين وروسيا وكازاخستان, وقرغيزستان, وطاجيكستان, واوزبكستان, ولكنها مع انضمام قوى كبرى مثل ايران والهند وباكستان جعل من المنظمة قوة موازية للناتو على حد تعبير البعض.

4.      محاولة الصين الاشتراك في عملية السلام وتعزيزها في الشرق الاوسط, ومحاولة ان يتم ذلك عبر البوابة الاسرائيلية, والمشاركة في الاحداث الدولية كراعً للسلم والأمن الدوليين.

5.      تعزيز العلاقات مع اسرائيل واحداث توازن أكبر بين اسرائيل والعرب من خلال الاعتراف بإسرائيل وتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وفق قرارات الامم المتحدة, لغرض الاستمرار في الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والتقنية والعسكرية الاسرائيلية.([19])

ثانياً, تحول السياسة الصينية تجاه المنطقة    

      كان تزايد نمو الصين اقتصاديا وحاجتها المتزايدة للاسواق الخارجية والاستثمارات والمواد الاولية,  دافعاً لتغييرت في ملامح سياستها الخارجية تجاه الكثير من مناطق العالم المختلفة.فقد كانت الصين حتى اوائل الثمانينيات من القرن العشرين مجرد اكبر اقتصاد زراعي مكتف ذاتيا", وبحلول عقد التسعينيات تزايدت واردات الصين من النفط الايراني من 5% مليون برميل عام 1992 الى 16, 87 مليون برميل عام 1994, لتصبح في عام 2004 ثاني أكبر مستورد للنفط بحوالي 14% من مجمل وارداتها, الى جانب ذلك استيراد الغاز الطبيعي المسال, فقد حصلت احدى الشركات الصينية على عقد استيراد ما قيمته 20 مليار دولار من الغاز الايراني, وعقود اخرى تمتد لخمسة وعشرين عاما مقبلاً بقيمة مئة مليار دولار, ([20])واصبحت في العام2005, سادس اكبر اقتصاد في العالم, وبلغ انتاجها المحلي الاجمالي 1, 2تريليون دولار امريكي, ويتجاوز نموها الاقتصادي السنوي9% وتعد وفقا لبيانات العام2006, رابع قوة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان والمانيا.وبحلول عام 2008 وصلت نسبة الواردات الصينية لايران الى حوالي 47% وتقدر نسبة السلع المصنعة مجتمعة الى ثلاث ارباع صادرات الصين الى ايران. وتمتلك الصين نحو 100 مليار دولار من احتياطيات النقد وهي بذلك من كبريات الدول التي تملك احتياطيات من النقد الاجنبي وتعد صاحبة أعلى نمو في العالم خلال 30 عاماً, وبحلول منتصف عام 2010 اصبحت ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية.والصين اكبر دولة مصدرة وثاني اكبر مستوردة  في العالم.وهي الاولى في العالم في تحقيق فائض تجاري, وفي تحقيق اكبر احتياطي نقدي, حيث نما من 167 مليون دولار عام 1978 الى اكثر من 2 ترليون دولار نهاية عام 2009.([21])وحافظت الصين على قوة الدفع والنمو الاقتصادي, وتحقيق معدل للنمو بلغ 7, 7% عام 2013, وهو المعدل نفسه الذي تحقق في عام 2012, وزاد عن المستهدف من جانب الدولة, والذي لم يكن يتجاوز 7, 5%.ولعبت قرارات الرئيس الصيني تشي جينبينغ في تشرين الثاني(نوفمبر)2013, والتي اقرت من قبل المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في اذار(مارس)2013, ونصت على تحرير اسعار الفائدة, وتخفيف القيود المفروضة على الاقامة في الصين, وتشديد الرقابة على البيئة, وترك اسعار الصرف بعيداً عن التدخل الاداري.([22])

    اصبحت منطقة الشرق الاوسط احدى اكثر مناطق العالم تأثيرا في عملية التنمية الصينية, ويمكن تحديد اهمية المنطقة للسياسة الصينية في كونها المصدر الرئيس للنفط العالمي من جهة , ولوردات الصين النفطية المتزايدة من جهة اخرى , ناهيك عن الاسواق الكبيرة التي تلتهم المنتجات الصينية من الانواع كافة, فضلا عن صادرات السلاح الصينية المتنوعة التي تذهب الى العديد من بلدان هذه المنطقة.ويدرك القادة الصينيون الاهمية الكبرى للشرق الاوسط وارتباطه باستمرار حالة النمو الاقتصادي الداخلي بوجه خاص, وبالصعود الصيني في السياسة الدولية بوجه عام.كما يدركون الحاجة الى اشاعة نوع من الاستقرار النسبي في المنطقة ككل, بما يحول دون تعطل المصالح الصينية المتنامية فيه, ويدركون ايضا ان هذه المهمة ليست يسيرة, نظرا لما في الاقليم من صراعات ممتدة وعمليات تنمية متعثرة , فضلا عن نفوذ امريكي يصعب تجاوزه وسياسات دولية تقودها واشنطن تميل نحو عسكرة الازمات , ويؤكد هذه الرؤية الرئيس الصيني هوجنتاو في خطاب له في نيسان(ابريل)2007, ان وجود شرق اوسط متناغم هو في مصلحة شعوب المنطقة والعالم باسره على المدى الطويل, كما ان السلام والاستقرار في المنطقة يعد رغبة مشتركة للعالم بأكمله.([23]) وتقوم استراتيجية أمن الطاقة الصينية([24]) على المرتكزات الآتية: ([25])

1.      (تنويع مصادر الطاقة, خاصة المتجددة والنظيفة منها.

2.      تنويع الامداد من مصادر الطاقة على المستوى العالمي.

3.      تنويع مسارات الاستيراد بتخفيض الاعتماد على نفط الشرق الاوسط.

4.      تطوير عمليات ترشيد الطاقة.

5.      تعزيز عمليات التنقيب والانتاج من حقول النفط الصينية.

6.      تشجيع التعاون الدولي في عمليات البحث والانتاج الخارجية.).

   وقد وفرت منطقة الشرق الاوسط حوالي 52% في عام 2013 من واردات الصين النفطية والتي مثلت حوالي 2, 9 مليون برميل يومياً, وشكلت منطقة الخليج المصدر الاساسي لتزويد الصين بالنفط, في ظل ما تمتلكه المنطقة من احتياطات نفطية ضخمة.ويمثل التعاون الصيني- الخليجي المحور الاهم في هذا المجال, ومن خلال محورين مهمين اولهما يقوم على استيراد الصين للنفط من دول الخليج, وثانيهما دخول شركات النفط الصينية في بعض دول المنطقة للتعاون في مجالي الاستكشاف والانتاج, سعياً من القادة الصينيين لتطوير سياسة خارجية تخدم متطلبات التنمية.([26])ولهذا تبرز اهمية الشرق الاوسط في سياسة الصين بالآتي: ([27])

1.      ان الشرق الاوسط ساحة منافسة بين القوى العظمى, فالصين هي القوة الصاعدة, والمنافس المباشر للنفوذ الامريكي, وبدرجة اقل للنفوذ الروسي في المنطقة.

2.      دور المنطقة في امدادات الطاقة وتأثيرها في التجارة والاستثمار الصيني.ففي عام 2007 كان لدى الصين 4800 مليار دولار من مدخرات الشركات والعائلات, أي ما يعادل 160% من مجمل ناتجها المحلي.وسيكون لدى الصين في عام 2020 حوالي 17700 مليار دولار من المدخرات, وبمغادرة نسبة 5% فقط من هذه المدخرات البلاد في عام 2020, فان هذا يعني 885 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية وإذا وصلت نسبة التدفقات الى الخارج نسبة 10% من المدخرات فإنه يعني خروج 1700 مليار دولار للاستثمار في الخارج.([28])

3.      طبيعة الروابط التي تربط الصين بالمنطقة وتحديداً العرقية والدينية وغيرها.

4.      اهمية المنطقة التي تعد مفترق طرق جغرافي استراتيجي عالمي, وتزايد اهميتها بالنسبة للصين.

5.      دور الصين في تزويد دول المنطقة, بالاسلحة والتقانة التي ترفض الدول الغربية أو حتى روسيا بيعها, مثل الصواريخ بعيدة المدى, وطائرات من دون طيار, والاقمار الصناعية, وحتى التقانة النووية السلمية.([29])

   ان حاجة الصين الى النفط الايراني وضعها في موقع مهم في الاستراتيجية الصينية, إذ اصبحت الصين الغطاء الدولي لها في مجلس الامن مع احتدام الازمة النووية, فالقلق على امن الطاقة الذي يؤثر على خططها التنموية, يزيد من قوة التحالف الايراني الصيني الذي يمكن ان يؤدي الى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة العربية.([30]) ولذلك سعت الصين الى تحقيق أمن الطاقة عن طريق العلاقات مع ايران كمنتج رئيسي وشريك اقتصادي, وهي أفضل الطرق للوصول الى غاز وبترول وسط آسيا, والسعي الى تنويع مصادرها عبر العالم حتى لا تتعرض لخطر المقاطعة, وبذلك ظهرت الصين كلاعب دولي كبير في مجال السياسات البترولية العالمية, خاصة مع تنويع علاقات وأنماط ومستويات المشاركة قدر الامكان, ومحاولة انجاز مشروع لنقل البترول عبر خط انابيب من حقل أوزون الذي تمتلكه الصين داخل كازاخستان عبر تركمانستان وايران في طريقه الى الخليج حاملاً النفط الى الموانئ الصينية.([31])

ثالثاً, الصين والتعاون مع ايران

     كان تخلي الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا عن إنشاء المفاعلات النووية في ايران عام 1979, بداية لتوجه ايران نحو الصين لغرض التعاون النووي بينهما.ففي حزيران(يونيو)1985 زار الرئيس الايراني محمد علي رجائي الصين, ووقع الطرفين بروتوكولا للتعاون في ميدان الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.([32]) وتمثل مبادرة التهديد النووي (Nuclear Threat Initiative) التي اطلقت في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين بداية التعاون النووي بين الصين وايران, إذ بدأت الصين بتدريب بعض الايرانيين في التقنية النووية, وقدمت تجهيزات بحثية اولية في اصفهان, والامداد بمفاعلات نووية أولية, وباشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.([33]) وكان عام 1991 بداية التعاون الوثيق بين ايران والصين, فقد وقع البلدان عدة اتفاقيات لزويد ايران بمفاعلات نووية صينية بقوة 27 ميجاواط, تلا ذلك اتفاق للتعاون في عام 1994 لبناء مفاعل نووي بقوة 300 ميجاواط بقيمة 1, 2 مليار دولار يخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.([34])وقد وردت الصين 1, 8 طن يورانيوم خام في عام 1991, وتم تخصيب كمية كبيرة منه, وهناك خبراء من الصين لتدريب الايرانيين, وتقديم مساعدات تكنولوجية دقيقة ضخمة في مجال رؤوس الصواريخ الباليستية لكي تكون مؤهلة للتزود بالرؤوس النووية وهي التصغير  التي يصعب على ايران اجراؤها وحصلت عليها جاهزة من الصين.([35]) وتركز الصين في تعاونها مع ايران على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وفقاً للتشريعات واللوائح التي تضعها الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وقد زودت إيران بأجهزة للفصل الكهرومغناطيسي خاصة لغرض انتاج النظائر المشعة علاوة على مفاعل نووي, كما ابرمت الدولتان تعاقدات لتصدير اجهزة خاصة بالتشخيص الطبي النووي والبحوث والفيزياء النووية وانتاج النظائر المشعة والتعليم والتدريب, وكل ذلك في إطار اللوائح والتشريعات الدولية.([36])

   وبدت الصين رقماً صعباً في القضية النووية الايرانية منذ بدايتها في عام 2002 بعد ارباكها للجهود الامريكية الرامية لحشد الاجماع والتأييد الدوليين لتشديد العقوبات على ايران وزيادة عزلتها, وتتمسك الصين بالنهج التفاوضي مع ايران, ورفض التصعيد العسكري, ولا تحبذ أية عقوبات مرتفعة السقف ضد ايران.فالموقف الرسمي الصيني ينطلق من المصالح الضخمة والكبيرة التي تربط الصين بإيران, الا ان الصين بحاجة الى الموازنة بين علاقاتها الحيوية مع الولايات المتحدة من النواحي السياسية والاقتصادية وبين مصالحها الاستراتيجية مع ايران, إذ تدرك الصين محاولة الولايات المتحدة احكام سيطرتها على ما تبقى في اماكن انتاج النفط الواقعة خارج نفوذها العالمي, للتقليل من قدرات الدول الاخرى على منافستها, فمن يسيطر على النفط يستطيع ان يتحكم باقتصاديات الدول الكبرى.([37])

   فالصين مورد هام للسلاح الى ايران, إذ زاد التعاون بين البلدين بشكل منتظم لمبيعاتها من السلاح, وبلغت قيمة ما استوردته ايران 400 مليون دولار من الاسلحة خلال حقبة 1993- 1996, وحوالي 600 مليون دولار خلال حقبة 1997- 2000, كما امدت الصين ايران بقطع المدفعية, وصواريخ من طراز كروز مضاد للسفن, وصواريخ ارض- جو, وطائرات نفاثة, ودبابات, ومدرعات حاملة جنود, وبوارج سريعة الهجمات.وتراجعت قيمة مبيعات السلاح الصيني الى ايران خلال حقبة 2002- 2005لتصل الى 100 مليون دولار, وتراجعت اكثر لتصل الى 50 مليون دولار خلال حقبة 2007- 2010.([38]) وقد اكدت الصين في علاقاتها مع ايران على ضرورة التزامها بمطالب المجتمع الدولي, إذ دعت الصين ايران في 23 شباط(فبراير)2006 الى تعليق كل اشكال تخصيب اليورانيوم, واقترن ذلك برفض فكرة فرض العقوبات على ايران وضرورة التمسك باتباع الوسائل الدبلوماسية.([39])

    وفي المجال العسكري حصلت ايران على دعم واسع النطاق من الصين في مجال تزويدها بصواريخ جديدة, وفي تطوير تكنولوجيا الصواريخ وقدرات الانتاج, وقد تقيدت الصين بنظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ, بعدم بيع ايران انظمة صواريخ تؤدي الى خرق قواعد النظام, وليس الالتزام بالقيود المفروضة على نقل مكونات الصواريخ ومعدات انتاجها, وهدف ايران امتلاك القدرة على صنع صواريخ كاملة أو انتاج اجزاء رئيسية منها أو اعداد تصاميم محلية وانتاجها.([40])ولعبت الشركات الصينية دوراً مهما في تزويد ايران بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية, وبرامج الاسلحة الكيميائية والنووية.وخلال حقبة 2001- 2007, فرضت الولايات المتحدة عقوبات على اثنين وخمسين حالة ضد الاطراف الصينية في ظل قانون عدم الانتشار النووي الايراني, وقانون عدم الانتشار النووي لكل من سوريا وايران, واشر عام 2007 صادرات ايران الى ايران تحتوي على تكنولوجيا عسكرية حساسة بما في ذلك بنود ذات استخدام مزدوج طبقا لقوائم الرقابة الدولية, وحاولت ايران في عام 2009 الحصول على صواريخ, ومصادر ثنائية الاستخدام من الصين.([41])

       ولهذا تعد الصين من اشد معارضي سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حيث عارضت الحرب على العراق ويوغسلافيا. وتعارض الصين الحل العسكري بما يخص برنامج إيران النووي وتصر على الحلول السلمية. وتستثمر الصين في منطقة شرق الأوسط عقود اقتصادية ضخمة وأهمها في مشاريع البترول حيث حصلت الصين على 51% من احتياجاتها النفطية من منطقة الشرق الأوسط خلال المدة منذ نهاية التسعينيات حتى العام 2003,  منها 13, 6 % من إيران. فيما بلغ إجمالي واردات الصين من النفط 226 مليون طن في العام 2003.

       تصدر الصين إلى إيران سنويا ما يقارب 7.2% كما تستورد من إيران ما يقارب 9.7%. وقعت الصين وإيران في العام 2004 على عقد بقيمة ما يقارب 100 مليار دولار تطور بموجبه مجموعة سينوبك الصينية حقل "ياد آوران النفطي",  مقابل الموافقة على شراء ملايين الأطنان من الغاز الطبيعي من إيران سنويا ولمدة 25 عاما. ووفق هذه الاتفاقية تمتلك شركة النفط الوطنية الإيرانية اسهم بنسبة 20% وشركة النفط والغاز الطبيعي الهندية اسهم بنسبة 29% وتمتلك شركة سينوبك الصينية اسهم بنسبة 51%.وبموجب الاتفاق تزود ايران الصين بالغاز المسالLNGوالنفط, وبموجبه تشتري الشركة الصينية 250مليون طن من الغاز المسال على مدى25-30 سنة من ايران, اضافة الى اتفاق اخر لبناء مصفاة تكثيف غاز في مدينة بندر عباس, جنوب ايران في غضون ثلاث سنوات.

    ان طموح الصين العملاقة وبرمجته المحسوبة والمدروسة والاستقرار السياسي والاقتصادي النسبي ومنذ فترة طويلة في الصين,  حقق قفزات في الاقتصاد الصيني وبدء إنتاجها الاقتصادي بالنمو حتى وصل حسب اخر الإحصائيات في العام 2006 إلى 10, 2%. وبلغت قوتها ألتجارية نحو851 مليون دولار حيث وصلت إلى ثالث اكبر بلد في العالم من حيث التجارة الخارجية ولديها أكثر من 61 مليار دولار من الاستثمار الخارجي. في حين يصل العجز التجاري الأمريكي مقابل الصين إلى أكثر من 200 مليار دولار في العام 2005.

       وتذكر مجلة العالم الاقتصادية الصادرة في 17-12-2005 ان الصين تتمتع بفائض تجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 34 مليار دولار من قطاع التكنولوجية المتقدمة في العام 2004.وارتفع هذا الفائض في العام2005 الى 36 مليار دولار. تمتلك الصين 1 تريليون دولار في المدخرات الشخصية، فيما تمتلك الولايات المتحدة 158 مليار دولار فقط فيها.وبلغت احتياطيات الصين من النقد الاجنبي في اذار(مارس)2008نحو1, 650 مليار دولار , وهو اكبر احتياطي في العالم, وبلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة خارج الصين 2, 9 في العام2003, وتضاعف هذا الرقم ليبلغ26 مليار دولار في الاشهر الثلاثة الاولى من العام 2008.([42]) وهناك ارتفاع متزايد في المصالح الاقتصادية الصينية والتي زادت بنسبة 600% في العقد الاخير, لتصل الى 230 مليار دولار, وتزايد اعتماد الصين على استيراد النفط خلال العقدين المقبلين, إذ سيرتفع الاعتماد الى نحو 64% في عام 2017, ليصل الى نحو 80% في عام 2040.([43])   

        

رابعاً, موقف الصين من البرنامج النووي الايراني

    ينطلق موقف الصين من البرنامج النووي الايراني من الطبيعة والتركيبة الصينية القائمة على فكرة رفض العنف والنأي عن الاكراه والقوة والدفع نحو الحوار لمعالجة الملفات الدولية الساخنة بالحوار وليس بالنار, وتنطلق معارضة الصين لسياسة العقوبات من انها تقود من التضييق الى الخنق الاقتصادي الذي يمكن ان يؤدي الى الانفجار, الا ان ذلك لا ينفي حقيقة وجود مدرستان بين الدوائر المهتمة بالسياسة الخارجية الصينية, إذ ترى المدرسة الاولى ان السلوك الايراني يمكن ان يعرض الامن والاستقرار في الشرق الاوسط للخطر, وبما يضر بمصالح الصين في المنطقة, واهمية ان تكون الصين وسيطاً نشطاً بين ايران والولايات المتحدة, فيما ترى المدرسة الثانية ان ممارسة ايران لسياسة حافة الهاوية النووية يمكن ان يستمر دون عواقب وخيمة, وان الولايات المتحدة ستمنع أي مواجهة عسكرية, وتحظى هذه المدرسة بدعم شركات النفط والغاز المملوكة من قبل الدولة ومؤيديها من الحكومة, وتركز على ان أمن الطاقة أكثر اهمية وضرورة من الملف النووي الايراني, ولذلك من مصلحة الشركات الصينية تجنب العقوبات الدولية المختلفة.([48]) وأسهمت الصين خلال المراحل المختلفة للمفاوضات بجهود حثيثة لحل الخلافات بين واشنطن وطهران لاسيما خلال المرحلة النهائية الأكثر تعقيدًا، وقامت بكين بعد التوصل إلى خطة العمل المشتركة (JPOA) في تشرين الثاني(نوفمبر) 2013، بطرح إطار تفاوضي للوصول إلى الحل الشامل يقوم على خمس نقاط، هي:([49])

1-     الالتزام بالحوار بين مجموعة (5+1) وإيران.

2-     السعي نحو حلٍّ شامل وعادل ومناسب وطويل المدى.

3-     اتباع مبدأ الحل خطوة خطوة وبشكل تبادلي.

4-     خلق مناخ مناسب للحوار والتفاوض.

5-     اتباع نهج شامل لمعالجة الأعراض والأسباب الجذرية للموضوع.

وفي ختام المرحلة ما قبل النهائية، أي قبل حوالي ثلاثة أشهر من المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق شامل مع إيران، طرح وزير الخارجية الصيني في 13 آذار(مارس) 2015، اقتراحًا يقوم على أربع نقاط، هي:([50])

أ‌-      حل القضية يتطلب قرارًا سياسيًّا وليس الاعتماد فقط على الحلول التقنية، على اعتبار أن الموضوع يحمل طابعًا سياسيًّا-أمنيًّا.

ب‌-    كل الأطراف يجب أن تلاقي بعضها في منتصف الطريق وهذا يتطلب القبول بتسويات.

ت‌-    اتباع مبدأ الحل خطوة خطوة وبشكل تبادلي.

ث‌-    التفكير خارج الصندوق لتقديم حل متكامل وشامل.

     كانت النقطة الأهم بالنسبة إلى دور الصين في التوصل إلى الاتفاق هي طرح إعادة تصميم قلب مفاعل أراك للمياه الثقيلة. وهذه المنشأة قادرة على إنتاج البلوتونيوم الذي يُستخدم عادة لصنع القنبلة النووية أي للاستخدامات العسكرية، وقد كان مفاعل أراك يشكِّل عقبة جدية أمام تقدم المفاوضات إلى أن طرحت الصين فكرة إعادة تصميم قلب المفاعل لكي يصبح غير قادر على إنتاج البلوتونيوم للأغراض العسكرية.بموجب نص الاتفاق هناك الكثير من المسؤوليات المشتركة الملقاة على عاتق الدول التي شاركت في المفاوضات (5+1) للتوصل إلى الاتفاق النووي لاسيما في مجال التعاون النووي السلمي والمساعدة التقنية والفنية لإيران. عدا ذلك فإن الدور الأبرز للصين يكمن في قبولها بأن تقوم بالفكرة التي كانت قد طرحتها سابقًا خلال المفاوضات وهي إعادة تصميم قلب المفاعل، وسيكون للصين دور قيادي في هذا المشروع. وبموجب الاتفاق فقد عقدت كل من الصين وإيران والولايات المتحدة اجتماعًا ثلاثيًّا لمناقشة هذه المسألة واتفقوا في نهايته على شكل ونوع التعاون التقني الذي سيُعتمد لإنجازه. إذ ستقوم الصين أيضًا ببناء مفاعلين نوويين صغيرين بطاقة 100 ميغاواط لكل منهما، بالإضافة إلى أن الحكومة الإيرانية ستنظر في إمكانية منح الصين مشروع بناء مفاعلين نووية كبيرين بحجم 1000 ميغاواط لكل منهما.

    أما الجوانب الايجابية للصين في الاتفاق النووي فتبدو عديدة, إذ ستتمكن الصين من استيراد المزيد من النفط والغاز الإيراني الرخيص وبموجب الاتفاق، تتضمن المرحلة الأولى من مراحل رفع العقوبات عن إيران رفع الحظر المفروض على تصدير النفط والتعاملات المالية مع البنك المركزي وبعض العقوبات ذات الصلة بالاستيراد والتصدير. وسيؤدي ذلك بالتأكيد إلى زيادة كمية الإنتاج والتصدير وسيؤثِّر ذلك بدوره على أسعار النفط الأمر الذي سيتيح للصين بطبيعة الحال استيراد المزيد من النفط من إيران وبأسعار رخيصة، وهذا بحد ذاته مكسب للصين التي تأتي في المرتبة الأولى في قائمة الدول المستوردة للنفط الإيراني.مما يعني رفع حجم التعاون الاقتصادي والتجاري ويمكِّن الاتفاقُ النووي الصينَ من الحصول على حصة كبيرة من الكعكة الإيرانية سواء في مجال المال أو الأعمال أو الاقتصاد أو التجارة. وفقًا لنائب الرئيس الإيراني، ورئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي، من المتوقع أن تقوم الصين ببناء مفاعلين من أصل 4 مفاعلات نووية جديدة سيتم إنشاؤها في إيران خلال السنتين إلى الثلاث سنوات القادمة. هذا بالتأكيد إضافة إلى التواجد الصيني الكبير في إيران خلال العقد الماضي لاسيما في مجال البنى التحتية ومشاريع الطاقة والإنشاءات. كما سيزيل الاتفاق العقبات التي كانت مفروضة سابقًا على رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين سيما مع وجود طموح برفعه إلى حدود 200 مليار دولار بحلول عام 2024، أي بفارق 164 مليار عن حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين.ولعل الاهم إزالة عامل توتر بين الصين وأميركا, لقد تسبَّب الموقف الصيني في كثير من الأحيان في زيادة عوامل التوتر المتأتِّية من قضايا مختلفة مع واشنطن، أمَّا وقد تم الاتفاق على الملف النووي الإيراني، فسيُسهم ذلك بالتأكيد في إزالة عامل من عوامل التوتر بين واشنطن وبكين وربما يفتح بابًا من أبواب التعاون كما هو الشأن في ملف مفاعل أراك.وسيؤدي ذلك الى تعزيز نفوذ الصين الجيوبوليتكي بالشرق الأوسط,  فالاتفاق ينطوي على انعكاسات جيوبوليتيكية على وضع ودور الفاعلين الإقليميين والدوليين لاسيما في منطقة الشرق الأوسط. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الاتفاق قد يُعدُّ في أحد جوانبه انعكاسًا لسياسة الانسحاب الأميركي من المنطقة بالإضافة إلى كونه عاملًا مهمًّا من عوامل تعزيز العلاقات الثنائية الصينية-الإيرانية سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا وأمنيًّا، فإن ذلك يعني تعزيز موقع ودور الصين في الشرق الأوسط، ومن ذلك أن العلاقات الممتازة مع إيران ستخدم أيضًا سياسة أمن الطاقة الصيني سواء عبر البر أو البحر.([51])

   وفي هذا السياق يمكن ان نفهم الموقف الصيني من الازمة السورية والاستياء من سياسة واشنطن تجاه مصالحها اكثر منه اهتماماً بالنظام السوري ومستقبله.فالولايات المتحدة وتحركاتها في منطقة المحيط الهادئ تسعى الى محاصرة الصين والسيطرة على خطوط تجارتها وإمدادات الطاقة والموارد الاولية الضرورية لصناعتها ومن ثم نموها الاقتصادي.كما ان هذه السياسة الامريكية تستهدف استقرار الصين الداخلي لأن تعطيل عجلة نموها الاقتصادي أو إبطاءه سيؤثر على الشعب الصيني.ويبدو الموقف الصيني من الازمة السورية جزءاً من رد الفعل على سياسة الولايات المتحدة في التحول الجيوستراتيجي أو الهندسة الجيوسياسية نحو جبهة الهادئ الاسيوية, ومحاولة كبح تنامي الدور الصيني في تلك المنطقة, ولذلك سعت الصين من خلال توجهاتها الى خلق فرص مساومة كالموقف من الازمة السورية والعلاقات مع ايران, على الرغم من ان المكانة الاستراتيجية للأخيرة أكثر اهمية للصين من سوريا.([52])

   وفي الرؤية الايرانية تعد الصين شريكتها الكبيرة في تنمية البلاد في اعقاب توقيع الاتفاق النووي .وبين الرئيس حسن روحاني ذلك (أجريت بعض الاجتماعات مع الرئيس الصيني وبينهم اللقاء خلال مؤتمر شانغهاي حيث أجرينا مناقشات شاملة كما التقينا في بيشكك بقرغيزستان وخلال الرحلة لروسيا."وأضاف (لحسن الحظ,  علاقتنا مع الصين وصلت لمستويات جيدة وتتجه علاقتنا نحو التقدم(مؤكداً (ثمة خطط لا حصر لها في إيران يمكن للصين المشاركة فيها.(وأشار روحاني للاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية بقوله إنه بناء على الاتفاق,  على سبيل المثال,  ينبغي على إيران تطوير وتحديث مفاعل آراك للمياه الثقيلة بمشاركة الصين واحدى دول مجموعة 5+1 يحتمل أن تكون الولايات المتحدة.كما قال (شكلت إيران والصين سبع مجموعات عمل كُلفت بدراسة تطوير علاقاتنا في المستقبل وآمل أن نتمكن من تحويل الخطط لواقع في جدول العلاقات.(وأضاف أن الصين أحد أكثر الدول أهمية في العالم وإيران عازمة على تطوير علاقاتها بها بالاضافة لدول أخرى بالمنطقة.وخلال رحلته للصين,  قال نائب الرئيس الإيراني علي أكبر صالحي إن بلاده تتطلع لتوسيع نطاق تعاونها العملي مع الصين بمجالات مختلفة.وأضاف صالحي,  الذي يشغل أيضا منصب مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية,  أن إيران مستعدة تماما لتعزيز تعاونها النووي مع الصين.وتابع بأن الصين قامت بدور بناء خلال عملية سير المفاوضات السابقة بشأن القضية النووية الإيرانية.وقال صالحي إن العلاقات بين إيران والصين دخلت مرحلة جديدة بعد توقيع الاتفاق النووي,  مضيفا أن البلدين أجريا مفاوضات عديدة بشأن إقامة الصين لعدد من محطات الكهرباء متعددة الابعاد بقوة 100 ميجاواط في إيران.).([53])

   وبعد اعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي في ايار(مايو)1018, واستجابت الشركات الاوروبية لذلك وانسحبت من ايران لكن الدول الاسيوية التي تعد الشريك الاقتصادي الابرز لإيران, خاصة في مجال الطاقة, وعلى العكس من الوضع الاوروبي, لم تؤيد الموقف الامريكي في الانسحاب من الاتفاق النووي, أو فرض عقوبات جديدة على ايران, ولدى الصين شركات عملاقة ومؤثرة مملوكة للدولة, وهي تستحوذ على نصف الصادرات النفطية الايرانية تقريباً, وتلتزم بالموقف الرسمي لحكومتها, ولم تتعامل مع الولايات المتحدة نهائياً, وبالنتيجة فهي لا تتخوف من حرمان الولايات المتحدة لها من العمل معها كعقاب على تعاقداتها مع ايران, ومن المتوقع ان تتوسع آفاق التعاون الاقتصادي مع ايران بعد العقوبات الجديدة, استغلالاً للخروج المرتقب للشركات الاوروبية.ويعد مشروع تطوير حقل جنوب بارس انموذجا, فقد كانت حصة شركة سينوبيك الصينية فيه 30% الى جانب حصة شركة توتال, ومع خروج الاخيرة, من المنتظر ان تستحوذ الشركة الصينية على كامل حصتها من المشروع.كما قفز التبادل التجاري الصيني مع ايران بنسبة 30% خلال النصف الاول  من عام 2017 وحده.وأمدت الصين ايران بخط ائتمان بقيمة 35 مليار دولار امريكي.([54])ولذلك تسعى الصين لاستمرار استيراد النفط الايراني لضمان دوران عجلة انتاجها دون قيود, إذ تؤمن ايران 45% من وارداتها النفطية, وهي بذلك ثاني اكبر مستورد للنفط عالميا بعد الولايات المتحدة, والصين اكبر الشركاء التجاريين لايران ووصل معدل التبادل التجاري الى 40 مليار دولار خلال عام 2017, وهي من كبار المستثمرين في قطاعات الطاقة والنقل والكهرباء والزراعة والصحة والتجارة والصناعة الايرانية.فضلا عن التعاون العسكري في التصنيع والتكنولوجيا العسكرية والنووية, وفي حزيران(يونيو)2017, اجرت ايران والصين مناورات عسكرية مشتركة في بحر عمان شارك فيها نحو 1400 من القوات البحرية لكلتا الدولتين.([55])

   ان الصين تنظر الى الخليج العربي بكونه مزودها الرئيس بالطاقة وتأمين طرق مواصلات سفنها العملاقة الناقلة لتلك المواد, وتعتمد الصين على السياسة الناعمة لعدم اثارة أي طرف يمكن ان يؤدي الى تعطيل مصالحها في المنطقة, واقامت بعض النقاط التجارية في بعض الموانئ على شواطئ الخليج العربي والمحيط الهندي بما تسميه (اللالؤ), والتعاون مع ايران وباكستان في ميناء جوادر.وقد تحركت الولايات المتحدة مع الهند لتحجيم الدور الصيني في منطقة المحيط الهندي والخليج العربي.([56]) ولكي تضمن الولايات المتحدة عزل ايران وكسب الصين الى جانبها فعليها التزويد ببديل اخر للطاقة, ولكي تكون الصين اكثر عزماً في السيطرة على اسلحتها غير المشروعة, وتصدير التكنولوجيا, والتعاون مع نظام العقوبات, والاقلال من جاذبية ايران كمورد للطاقة للصين, ولضمان هذا التعاون يجب على الولايات المتحدة القيام بعدة خطوات مهمة, ابرزها: ([57])

1.      الترويج لبدائل للطاقة, والتشديد على تكلفة التعاون, فالولايات المتحدة مطالبة برفع مستوى علاقاتها مع منتجين اخرين للنفط لإزاحة الصين بعيداً عن النفط الايراني, ومن ثم الدعم السياسي.وتأمين بدائل للصين وخصوصاً السعودية, وبما يجعل الشركات الوطنية الصينية ان تختار ما بين الاستثمار في الولايات المتحدة أو ايران.

2.      مواجهة دعوات اقامة نظام عالمي جديد, والدعوة الى مزيد من ادماج الصين فيه.وعلى الولايات المتحدة ان تستمر في البحث عن كل وسيلة متاحة لكي تعمل على ادماج الصين ادماجاً كاملا في النظام العالمي القائم, وذلك ما يجعل دولاً مثل ايران غير مرغوب فيها كشركاء مع تزايد تمسك الصين بالوضع القائم.

3.      العمل على منع ايران من الوصول الى قدراتها النفطية الحقيقية, وعلى الولايات المتحدة ان تتخذ خطوات من خلال العقوبات أو بأي شكل اخر للحيلولة دون انضاج قطاع الطاقة الايراني, وبما يجعل انتاج النفط الايراني هزيلاً.

4.      ابراز نواحي الخلاف بين ايران والصين, والاستعانة بشتى السبل لاستغلال النقمة الشعبية من المنتجات الصينية والانقسام المتزايد على المستوى المحلي الايراني.

الخاتمة   

   تظل علاقة الصين بايران مهما بلغت من التقارب مجرد ورقة تفاوضية دون ان تتحول الى علاقة استراتيجية على الاقل في المدى المنظور, كما هي علاقتها بالمنطقة ككل, وبالرغم من اهمية المنطقة للصين لكنها تبقى جزءاً من علاقتها مع القوى الكبرى. وتحديداً الولايات المتحدة إذ ان هناك ثلاثة مسارات لمستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة يشير احدها الى حدوث تقارب وتعاون في المستقبل بين الطرفين, وفي مختلف المجالات.ويتصل المسار الثاني بسمة الصراع في حال عدم القدرة على التعامل بصورة معقلنة مع الملفات الخلافية, وتزايد التهديد الصيني, مما يمكن ان يؤدي الى مواجهة عسكرية.واخيراً مسار واقعي يمتزج فيه الصراع والتعاون من دون حدوث تصادم مباشر, بفعل المصالح المتشابكة وتنامي البعد الردعي في هذه العلاقات.

 


 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك