التقارير

إسبوع الوحدة الإسلامية ... مبدأ يميز بين المسلم و الكافر


أحمد الشمري

 

لقد الف الإسلام حين ظهر بين قلوب من اتبعوه واتخذوه دينًا لهم فجعل منهم جماعة متآلفة يعاون بعضهم بعضا وينصره ويؤازره . فدعا الإسلام الي الوحدة لأن طبيعته وركنه الذي تقوم عليه دعوته الدينية العامة الموجهة الى الناس اجمعين .
وعني كثيرًا بتقوية تلك الوحدة واحكام تلك الرابطة حتى جعلها أخوّة بين المسلمين تنمحي فيها الفوارق والخلافات. فأراد الإسلام أن يجعل لهذة الوحدة من القوة والمكانة للحرص علي صيانتها والبعد عن تعريض لمعاول الهدم والتفريق وأسباب الخصومة والنزاع ، فنزل قوله تعالى في سورة ال عمران :
(( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ♤ )) .
ويحذّر من أي تفرقة واختلاف مثل قوله تعالى :
(( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) .
و قوله تعالى : 
(( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ♤ )) .

و من أعظم أضرار اختلاف المسلمين وتفرق كلمتهم الفشل وذهاب الريح، وقد ذكرهما الله تعالى في القرآن لخطورتهما ، فقال تعالى:
(( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ♤ )) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
«عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ وَمَنْ أَرَادَ بُحْبُحَةَ الْجَنَّةِ فَعَلَيْهِ بِالْجَمَاعَةِ»
و أيضاً قال -صلى الله عليه وآله وسلم:
«مَن فارَقَ الجَمَاعَةِ شِبراً خَلَعَ اللهُ رِبقَةَ الاسلامِ مِن عُنُقِهِ».
و لو أن المسلمين امنوا بهذه الايات ما فرقت بينهم المذاهب الدينية ولا أهواء السياسية ولا تباعدت الأمكنة ولكنهم إذ تركوا دينهم تفرقوا شيعاً وتجزءوا امماً فزالت قوتهم وذهبت ريحهم واستولي عليهم غيرهم ولن يصلح امرهم الا برجوعهم إلى كتابهم و بيت نبيهم و عترته الطاهرة واستمساكهم بوحدتهم ففيها وجودهم واسترداد قوتهم وعزتهم ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

لك سيدي القارئ معنى الوحدة في لغة العرب :
هي تعني التوحد وهو الانفراد، ويراد بها عدم التجزئة والانقسام.
و اما في الشرع الوحدة الإسلامية عبارة عن التعاون بين أتباع المذاهب الإسلامية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتـة والأكيدة واتخاذ موقف موحد من أجل تحقيق الأهداف والمصالح العليا للأمـة الإسلاميـة والموقف الموحد تجاه اعدائها مع احترام التزامات كل مسلم تجاه مذهبه عقيدةً وعملاً.
و لذلك فمعنى الوحدة بین الشیعة والسنة هو: انه توجد بین المذهبین مشترکات کثیرة، وعلى الطرفین أن یتقاربا انطلاقاً من هذه المشترکات، وذلك لأجل الحفاظ على الإسلام والتعاون باتجاه الخیر والصلاح ، لأن عدوهم مشترك ، فأعداء الإسلام أعداء لکلا المذهبین ، ومن أجل قطع الطریق أمام الأعداء الذین یحاولون استغلال الاختلافات لتنفیذ مخططاتهم الهادفة إلى کید الإسلام والمسلمین ، فلا بد من الاعتماد على المشترکات لتکوین جبهة إسلامیة موحدة قادرة على المقاومة ومکافحة الأعداء . 
إن الشیعة والسنة کانوا على اختلاف فی وجهات النظر لعدة قرون خلت، وقد أدى هذا الاختلاف إلى إضعاف المسلمین، بل وتنازعهم من خلال إثارة الفتن والاضطرابات فیما بینهم، ویمکن أن یقال إن هذا العامل المضعف لقوتهم کان من العوامل التی ساعدت على تسلط الأعداء الذین غزو بلاد المسلمین.
فالاتحاد بين المسلمين هو تقارب الفرق الاسلامية فيما بينهم ، مع الاحتفاظ بكياناتهم وماهياتهم . أي الحفاظ على الاصول المشتركة واطلاق الحرية لكل فرقة في الفروع الخاصة بها وهذا بمعني عدم التخاصم والنزاع فيما بينهم ، بل يعني اطلاع الجميع بعض على معتقدات بعض بحيث لاتكون كل فرقة شديدة الحساسية بالنسبة الى معتقدات الفرق الأخرى . وطريق الوصول الى ذلك الهدف هو الاستناد الي العقل والمنطق وتجنب كل الانفعالات العابرة والعصبيات الجامحة و هذا ما تحقق ولله الحمد في العراق ولاسيما بعد مشاركة جميع الفرق الإسلامية في الدفاع الكفائي عن العراق و شعبه حيث دحر العدو و عاد النازحون و حميت النفوس و الأعراض و الأراضي ببركة أبطال الحشد الشعبي العراقي و قوى الأمن من الجيش و الشرطة بتخطيط شعبي هدفه حماية الأرض العراقية و الشعب العراقي بغض النظر عن مكوناته و أطيافه و اعراقه بعدما عجزت حكومة العراق في ذلك الحين حماية المواطنين .

طرحت فكرة أسبوع الوحدة الإسلامية لأول مرة من قبل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي خلال أيام نفيه من قبل النظام البهلوي قبلَ انتصار الثورة الإسلامية في إيران إلى مدينة إيران شهر في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية والتي يسكنها أكثرية سنيّة بلوشيّة وأقلية شيعة فارسية . 
حيث يذكر أن السيد علي الخامنئي شكّل فكرة أسبوع الوحدة هكذا :
«أنا شخصياً كنت منفيّاً إلى بلوشستان ، لم تكن الأجهزة الأمنية تريد أن نمارس أي مسعى لكن في الوقت ذاته قلنا فلنَقُم بعمل نظهر من خلاله الوحدة بين الشيعة والسنّة في هذه المدينة ، فخطرت على بالنا قضية أسبوع الوحدة - ولادة النبي الأكرم في 12 ربيع الأول حسب رواية أهل السنّة وفي 17 ربيع الأول حسب رواية الشّيعة - وقُمنا بإجرائها بشكل عملي في إيران شهر ، أي أنّنا احتفلنا من الثاني عشر حتى السابع عشر من ربيع الأول . لقد كان هذا فكراً عميقاً ، ليس وليد اليوم والبارحة .»
وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران طرحت هذه القضية من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران وتم اتخاذ القرار بإقامة مؤتمر الوحدة الإسلامية في هذا الأسبوع. كانت منظمة الإعلام الإسلامي هي من ترعى المؤتمر حتى عام 1990 وأقامت المؤتمر الأول حتى المؤتمر الرابع . 
بعد ذلك وتزامنا مع تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية خولت مهمة إقامة هذا المؤتمر إلى المجمع .
قد لاقت هذه الفكرة فيما بعد وإلى الآن رواجا في مختلف الدول الإسلامية، فها هي الندوات والمؤتمرات تُقام في كل عام وفي أكثر من بقعة من أرجاء هذه المعمورة، ويشارك فيها المسلمون بمختلف مدارسهم العقائدية والفكرية، بل ويعرضون أطروحاتهم الفلسفية والفكرية لمناقشتها وأخذ ما يفيد المسلمين ويعمل على توحيدهم. و قد يحيي هذا الأسبوع في نفوس المسلمين الأمل في الوصول إلى غاية عُظمى وأمنية سامية عالية تهفو إليها القلوب وقد كان هذا الأسبوع منارا للمسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، ومحطة تلاقٍ بين أبناء الدين الواحد، ونقطة التقاء فكري وتعايش سلمي حضاري فيما بينهم.

قال السيد الخميني زعيم الثورة الايرانية:
« نحن وأهل السنة کیان واحد لأننا مسلمون وإخوة وإذا اراد أحداً لیفرّقنا، فاعلموا أنه إما جاهل أو هو یعمد إلی بث الخلاف بین صفوف المسلمین » .
« التفرقة الیوم حول خلافة امیر المؤمنین( علي بن أبي طالب) هو خیانة للاسلام » .

و عن آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني دام ظله قال : 
« لا تقولوا السنة إخواننا ، بل قولوا أنفسنا » .

وقال الشيخ محمود شلتوت شيخ جامعة الأزهر:
«إن الإسلام لا یوجب علی أحد من اتباعه اتباع مذهب معین، بل نقول، إنّ لکل مسلم الحقّ في أن یقلد بادئ ذی بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحیحاً ، والمدونة أحکامها في کتبها الخاصة، ولمن قلّد مذهباً من هذه المذاهب أن ینتقل إلی غیره- أيُّ مذهب کان- ولا حرج علیه في شيء من ذلك.
وإن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة»

من ذلك بدا واضحا أن كل أمة أو فئة أو طائفة تشجع على التقارب و احتضان من يشهد الشهادتين و يهمها ما يهم أمر المسلمين سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو غيرهما ، و تحارب من يحارب الله و رسوله ، ولا تدين دين الجاهلية ، ولا تقتل النفس المحترمة ، ولا تبيع أرضها و عرضها لليهود أو الكفار و المنافقين فهي مسلمة ، و خلافها فهي كافرة منافقة مرتدة و خارجة عن دين الإسلام جملة و تفصيلا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك